ينبغي كي تستطيع الحكومة تحسين فاعليتها واتخاذ قرارات تعبر عن مواقف أكثر الجمهور، ان تتبنى طريقة نظام جديدة. تبرهن استطلاعات الرأي العام مرة بعد اخرى على الموقف الليبرالي للجمهور الاسرائيلي اليهودي من شؤون الدين والدولة، الذي يناقض سياسة الحكومة الرسمية. فقد بين استطلاع للرأي العام مثلا نشر في المدة الاخيرة ان 63 في المائة من السكان اليهود البالغين يؤيدون الزواج المدني. وزاد هذا الفرق زيادة كبيرة اذا فحصنا فقط عن موقف الجمهور العلماني في اسرائيل – لأن 88 في المائة يؤيدون هذه الامكانية. لكن حينما أُثير اقتراح قانون في الكنيست في تموز 2011 لاحداث الزواج المدني، حصل في مرحلة القراءة الاولى على 17 صوتا فقط. ويشبهه في ذلك ايضا الفرق بين الرأي العام في موضوع تجنيد فتيان المعاهد الدينية وموضوع التهويد في الجيش الاسرائيلي وبين موقف الكنيست. فهذه الفروق تشهد على فشل للديمقراطية الاسرائيلية. ان طريقة نظام الحكم أحدثت وضع تناقض منطقي، ففي الحكومة تأثير كبير للأقلية غير الصهيونية في الجمهور. تتميز طريقة نظام الحكم بعدة عيوب جوهرية مثل عدم وجود صلة بين الناخب والمنتخب، ومثل الانتخابات التمهيدية، وقدرة نجوع منخفضة في عمل الكنيست باعتبارها سلطة رقابة وغير ذلك. لكن يبدو ان العيب المركزي يكمن في طريقة الانتخابات النسبية القطرية التي تُحدث وضع كثرة احزاب في الكنيست وهو شيء يُصعب على رئيس حكومة – ينتخب في الأكثر من حزب لا يكون بمثابة الأكثرية في الائتلاف – ان يؤلف ويدير ائتلافا من غير ان يخضع لاملاءات الأقلية. ويُمكّن هذا الوضع احزاب لسان الميزان في الحكومة، أي الاحزاب الحريدية غير الصهيونية، من ان تركز لنفسها قوة لا تناسب حجمها الانتخابي. هناك عيب مركزي آخر لا يقل أهمية هو صورة انشاء حكومة في اسرائيل. فهذه الطريقة تزيد قوة ألسنة الميزان وتضر بفاعلية الحكومة في تحقيق سياسة عامة وتزيد عدم ارتياح الجمهور العريض. والحقيقة ان للمستوى البيروقراطي وللمستوى القضائي ايضا مسؤولية لا يستهان بها في كل ما يتعلق بقدرة الحكومة على تحقيق سياسة عامة، لكننا نرى ان قوة هذين المستويين في صوغ السياسة العامة وابطالها احيانا تنبع من ضعف حكومات اسرائيل طوال السنين عن اتخاذ قرارات في شؤون مختلف فيها. ليس هذا الوضع قضاءا وقدرا بل يمكن تغيير طريقة الحكم. كي تستطيع الحكومة تحسين فاعليتها واتخاذ قرارات في شؤون جوهرية كالدين والدولة والمجتمع والاقتصاد تعبر عن مواقف أكثرية الجمهور (مع الحفاظ على حقوق الأقلية)، لا مناص من تبني طريقة حكم جديدة. ان أحد الاقتراحات التي تثير العناية هو اقتراح البروفيسور أوريئيل رايخمان الذي اقترح من جملة ما اقترح انه اذا حصلت قائمة في انتخابات الكنيست على ثلث الاصوات على الأقل يصبح رئيسها رئيس حكومة بصورة آلية. واذا لم توجد قائمة حصلت على هذه النسبة من الاصوات تُجرى جولة انتخابات اخرى يتنافس فيها المرشحان اللذان حصلا على أكبر عدد من الاصوات بانتخاب مباشر لرئاسة الحكومة. ستقوي هذه الطريقة قوة الاحزاب الكبيرة ومكانة رئيس الحكومة ايضا مع الحفاظ على مبدأ التمثيل. ان كل ديمقراطية هي مصالحة دائمة بين التمثيل والقدرة على الحكم. وفي طريقة الانتخاب للكنيست أُعطي مبدأ التمثيل وزنا أكبر وهو شيء مكّن من زيادة سلطة الأقلية على حساب مبدأ القدرة على الحكم الذي يطمح اليه أكثر الجمهور. ان أكثر الجمهور الاسرائيلي قد ضاق ذرعا بسلطة الأقلية وقد حان وقت ثورة الأكثرية.