خبر : ليست النقاشات شيئا قليلا بقلم: افيعاد كلاينبرغ يديعوت 1/5/2012

الثلاثاء 01 مايو 2012 08:35 م / بتوقيت القدس +2GMT
ليست النقاشات شيئا قليلا  بقلم: افيعاد كلاينبرغ  يديعوت 1/5/2012



ان شيئا ما حسنا يحدث للمجتمع الاسرائيلي في خضم الاشياء السيئة. فقد تبين ان هذا المجتمع أقل سوءا مما اعتقدنا، فهو يجري في الاشهر الاخيرة نقاشا حادا وموضوعيا بقدر كبير في شأن حرب محتملة مع ايران. ويعرض التقديرات المؤيدة والمعارضة اشخاص ذوو علم ومسؤولية. ولا يوجد عندنا جميعا الآن رأي مبلور، لكن لا يمكن على الأقل ان نزعم أننا لا نعلم في حدود الممكن ما هي المزايا والنقائص.             لم يكن مقصد رئيس الحكومة نتنياهو وتوأمه السياسي باراك، بل كان هدفهما إسكات هذا النقاش بجميع الوسائل. والوسيلة الاولى هي واحدة من الاسلحة القديمة في الترسانة السياسية الاسرائيلية وهي هراوة الامن التي ثُبتت فيها دبابيس "مخول". فحينما تجرأ الشكاكون الأوائل على التساؤل علنا قيل لهم فورا ان هذا الشأن غير ملائم للاولاد. صه!.             فالاولاد (أي نحن) يسمعون كل كلمة. واتكلوا على الأب والأم في مكتبي رئيس الحكومة ووزير الدفاع. فنحن نعلم ما هو الجيد لكم. وحينما يصبح الامر ذا صلة ستتلقون الأمر العسكري 8، والاقنعة الواقية وحسابات الدفع.             كان هذا السلاح في الماضي نافعا بصورة غير سيئة، فقد اتكلنا على "الكبار" فورطونا في ورطات كثيرة ترضيهم رضى كاملا. واذا أظهر الجمهور عدم ارتياح لسلوك القادة فيجب ان يومأ اليه انهم لا يفعلون الحماقات في الحقيقة بل يدبرون أمرا معقدا جدا يخدعون العالم به من اجل مجد دولة اسرائيل. والذي ينتقدهم لا يكون غير صهيوني وغير وطني فقط بل يكون أحمق يفسد التدبير الشديد الاحكام للقادة. ويجوز ان نذكر انه تحركه بواعث اجنبية وربما تحركه قوى اجنبية (كاليسار الدانماركي مثلا).             يستطيع من أراد ان يرى هذه الهراوة تعمل في هذه الايام. فانتقاد يوفال ديسكن كما قيل لنا غير مهذب (لأنه لا يُتحدث الى الأب والأم على هذا النحو) وغير وطني (فالوطنيون لا ينتقدون) وتحركه مصالح اجنبية (مصلحة عدم الاتفاق مع الحكومة – وبخاصة حكومة يمينية – هي اجنبية جدا). والأخطر انه يضر بالمداورة المعقدة لتهديد ايران بمسدس من اجل الحصول على عقوبات من الغرب. ويجب على كل محب لوطنه ان يتجاهل حقيقة ان المسدسات المشحونة بغير وقاء التي يتم التلويح بها بلا انقطاع تميل الى اطلاق الرصاص وان يتجاهل امكانية ان باركنياهو يعني ما يقول.             لكن هذا السلاح لم ينجح بصورة مفاجئة. وقد احتفظ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لهذه الحالات خاصة بسلاح يوم الدين وهو "المحرقة". فلا يوجد مثل المحرقة لاسكات كل انتقاد. هل يأتينا شخص ما ولا يكتفي بالمدح والثناء على "المشروع الصهيوني" وابنه الشاب القوي "مشروع الاستيطان"؟ يكون السؤال الملح فورا هو ماذا فعل والده في الحرب؟ وماذا فعلت أمه؟ وعمه؟ وأفضل صديق لابنة عمه؟ وتستمر الاسئلة الى ان نجد معادي السامية من العائلة الذي يُفضل ان يكون نازيا. لكن ماذا نفعل اذا كان الحديث عن يهودي؟ لا توجد مشكلة. فكل ما يجب هو ان نجد صلاته اليسارية، ولا تكون بعد ذلك حاجة الى تناول مضمون كلامه.             اذا استثنينا الهجوم على شخصية وطهارة بواعث المتحدثين تجعل "المحرقة" كل قرار سياسي صراعا بين خير مطلق وشر مطلق. فالفلسطينيون ليسوا جيرانا عنيفين نافدي الصبر يجب التوصل الى تسوية معهم، بل هم هتلر وطوابيره العسكرية. وليس الايرانيون قوة اقليمية تنافس في الهيمنة على العالم الاسلامي بل هم – وكان تخمينكم صائبا: هتلر وطوابيره العسكرية. ومن هم الذين يتجرؤون على انتقاد من يحاربون هتلر وطوابيره العسكرية؟ خمنتم تخمينا صحيحا مرة اخرى، انهم المتعاونون مع النازيين.             لكن هذه الاصوات جميعا لم تنجح وبصورة عجيبة في اسكات النقاش. فقد أصبح المجتمع الاسرائيلي ناضجا.