قُتل عشرات الضباط الكبار من الجيش السوري برتب توازي عقيد وعميد، في الاشهر الاخيرة في معارك مع قوات المتمردين، كما تُبين معلومة وصلت الى جهات استخبارية في الغرب. يُقدرون في الجيش الاسرائيلي ان أكثر صعوبات سلطة رئيس سوريا بشار الاسد تُعرضه لها الآن المقاومة المسلحة لنظامه أكثر من المظاهرات المدنية المعارضة في المدن الكبيرة. والسلطة السورية أشد قلقا ايضا من التهديد العسكري الداخلي الذي يتعرض له وجود النظام قياسا بالمظاهرات برغم أنها تحظى بتغطية اعلامية كبيرة. فمنذ بدأت المواجهات العسكرية في سوريا في آذار 2011 قُتل في المعارك أكثر من عشرة آلاف شخص منهم نحو من ألفين من رجال قوات الامن. في نهاية السنة الماضية قدروا في "أمان" وفي هيئة القيادة العامة ان نظام الاسد سيسقط خلال اشهر. بل ان وزير الدفاع اهود باراك بالغ وتوقع في كانون الاول الاخير ان يفقد الاسد السلطة "في غضون اسابيع". هاجم رئيس "الشباك" السابق يوفال ديسكن، الذي حظيت أقواله بأصداء بارزة في نهاية الاسبوع، هاجم باراك لهذه المسألة ايضا وقال ان "الاسد سيبقى ايضا بعد الانتخابات في اسرائيل وبعد حزب الاستقلال. واذا لم يتدخل الغرب فيما يجري في سوريا فلا احتمال لأن ينهي نظام الاسد عمله". قال عنصر رفيع المستوى في هيئة القيادة العامة لصحيفة "هآرتس" ان "اتجاه سقوط نظام الاسد واضح لكنه سيستغرق من الوقت أكثر مما اعتقدنا. والمظاهرات ليست هي الأساس ويبدو ان الاسد أدرك هذا قبلنا. فالتأثير الرئيس هو تأثير النشاط المسلح لكنه ما يزال حتى الآن محليا جدا". في آذار من هذه السنة حاولت تنظيمات مختلفة للمتمردين انشاء "جيوب مقاومة" مستقلة في المدن الكبيرة. وردت قوات أمن الاسد بقسوة مفرطة حتى بالقياس بسلوكها من قبل، ونجحت في السيطرة على أحياء تم تعريفها بأنها مستقلة منها حي بابا عمر في مدينة حمص مع ذبح السكان فيها. ومنذ ذلك الحين عاد المتمردون المسلحون الى تكتيك المضايقة والكمائن بدل المواجهات وجها الى وجه التي تكون الغلبة فيها للجيش. والقصد من ذلك هو استنزاف قوة الجيش السوري وروحه القتالية. لكن برغم ان الجيش يصاب بهذه الطريقة بخسائر كثيرة لا ينجح المتمردون الى الآن في انشاء هجوم مركز يفضي الى سقوط النظام. وعدم وجود اجراء دولي واسع لاستبدال السلطة يساعد هو ايضا على بقاء الاسد. يقول البروفيسور إيال زيسر، وهو خبير بسوريا وعميد معهد الآداب في جامعة تل ابيب، ان خوف النظام اليوم في سوريا في تقديره هو قبل كل شيء من فقدانه قدرته على السيطرة على أنحاء الدولة. وقال ان العصابات المسلحة تجعل النظام ينزف لا أكثر من ذلك. لكن المشكلة الكبرى التي يضطر الاسد الى مواجهتها اليوم هي عدم اجرائه حكمه على مناطق واسعة. ويقول زيسر ان المظاهرات والعصابات المسلحة معا تحث النظام على القيام بعمليات عسكرية كبيرة تُحتل مناطق بعدها. "لكنه لا يمكن الحفاظ على الاحتلال زمنا طويلا، فهو مشكلة بالنسبة للنظام لأن مجموعات كاملة من السكان لم تعد تخضع لسلطته"، يقول زيسر. وفي الاثناء جاء عن مواقع المعارضة السورية على الانترنت ان 23 شخصا قتلوا أمس في أنحاء الدولة برصاص قوات الامن. وقد ألح رئيس وفد المراقبين من قبل الامم المتحدة، الجنرال النرويجي روبرت مود، الذي جاء الى دمشق أمس، على الرئيس الاسد وجميع المجموعات الاخرى في سوريا ان تكف عن العنف. واعترف بأنه تواجه رجاله مهمة معقدة جدا.