خبر : ليس بكل ثمن/بقلم: عاموس جلبوع/معاريف 30/4/2012

الإثنين 30 أبريل 2012 03:13 م / بتوقيت القدس +2GMT
ليس بكل ثمن/بقلم: عاموس جلبوع/معاريف  30/4/2012



 في مقابلة شاملة أجرتها "معاريف" مع شمعون بيرس، سُئل رئيس الدولة عن فك الارتباط عن غزة. فأجاب بانه في التحليل المنطقي لا يوجد عمليا أي فارق اذا كان الجيش الاسرائيلي يجلس داخل القطاع أو خارجه. وعندما شدد الصحفي نير حيفتس عليه السؤال وقال انه منذ فك الارتباط سقط في أرض اسرائيل نحو 12 ألف صاروخ ومقذوفة صاروخية أجاب بيرتس: "وكم قتل؟ أقل من 10. في غوش قطيف قتل لنا 27 شخصا في بلدة واحدة. أتفق معك في أن نار الصواريخ لا تمنح الراحة لمواطني الجنوب، لا تسمح لهم بالنوم ليلا. ولكن لو بقينا في داخل غزة، لكان الوضع أصعب". برأيي، رئيس الدولة المحترم اخطأ هذه المرة في موضوعين مبدئيين سيواصلان اشغال بالنا في المستقبل ايضا. الاول هو الصواريخ والمقذوفات الصاروخية. ارهاب الصواريخ على المواطنين بالفعل لم يلحق حتى الان خسائر كثيرة. ارهاب الانتحاريين ألحق خسائر اكثر بلا قياس. ومع ذلك، فضلا عن أنه في اصابة الصواريخ يكمن عنصر الحظ، وانه في المستقبل مداها وقدرة اصابتها سيزدادان، فان أهداف ارهاب الصواريخ ليست بالذات الحاق الخسائر بالارواح والتي اذا ما لحقت بالطبع ستفرح أكثر قلوب الارهابيين.  والاهداف هما اثنان: الاول هو تشويش الحياة السليمة للدولة  وجعل سيرها اليومي لا يطاق. وكلما كان عدد السكان الذين يدخلون الى دائرة التشويش أكبر، هكذا يكون الارهاب أكثر نجاعة. هذا ما يقوله رجال حماس والجهاد الاسلامي: النار نحو اسرائيل أدت الى وقف النشاط الاسرائيلي في الصناعة وفي الزراعة؛ ادت الى وقف التعليم، شوشت كل مجالات الحياة، أضرت بالمواصلات وبالمصانع. من هنا رغبتهم في أن يشتروا المزيد فالمزيد من الصواريخ والمقذوفات الصاروخية ذات المدى الابعد. في حرب لبنان الثانية حزب الله لم يلحق بمواطنينا خسائر فادحة في الارواح ولكنه شوش الحياة في شمالي الدولة.  الهدف الثاني لارهاب الصواريخ هو خلق ميزان ردع حيال دولة اسرائيل – وحماس وحزب الله يقولان ذلك صراحة. فما معنى الامر؟ اذا كانت اسرائيل معنية بالعمل ضد حماس أو حزب الله، فانها ستفكر جيدا اذا كان الامر مجديا في ضوء قدرة الارهاب الصاروخي التي توجد في ايديهما. وما يقلق ويحزن في أقوال سيادة رئيس الدولة هو حقيقة أنه يقلل من خطورة نار الصواريخ من قطاع غزة ويكاد يجعل منها أمرا مثاليا. تقريبا بدون خسائر، مجرد عدم راحة ونوم غير كاف لمواطني الجنوب الاعزاء. ليس "قصة كبيرة". إذ هذا بالضبط ما يأتي كارهو اسرائيل في الغرب ليقولوه، وما يدعيه كبار مسؤولي حماس أمام وسائل الاعلام الغربية في اطار الحرب على الوعي: ماذا تريدون؟ نحن بالكاد نقتل، اما الاسرائيليون فيقتلون أكثر بكثير. الموضوع الثاني الذي اخطأ فيه الرئيس هو التصدي للارهاب من داخل القطاع او من خارجه. يجب عقد تمييز واضح بين المسألة السياسية والمسألة الامنية. لمستوطنات قطاع قطيف لم يكن ما تفعله داخل 1.5 مليون فلسطيني معادٍ، وكان صحيحا اخراجهم من القطاع. ومع ذلك، من ناحية أمنية، واضح أن القتال اكثر نجاعة بكثير حين كان يجري من الداخل. في مثل هذه الحالة توجد قدرة أكبر على جمع المعلومات الاستخبارية، قدرة اكبر على تنفيذ الاحباطات والنشاطات العملياتية وقدرة أكبر على منع تهريب السلاح. قبل فك الارتباط لم يحلم سكان بئر السبع واسدود حتى بان تسقط الصواريخ في مدينتيهم. خسارة انه بسبب رغبته في الدفاع عن فك الارتباط، أخطأ رئيس الدولة ووفر مجانا سلاحا دعائيا.