خبر : خبير بالقوانين الصحفية يسلط الضوء على قضية إهانة رئيس الدولة

السبت 28 أبريل 2012 12:33 م / بتوقيت القدس +2GMT
خبير بالقوانين الصحفية يسلط الضوء على قضية إهانة رئيس الدولة



غزة / سما / سلط الدكتور خالد القيق الخبير بالقوانين الصحفية الضوء على أهم الجرائم الصحفية وهي جريمة إهانة رئيس الدولة في التشريع الفلسطيني مقارنة مع القانون المصري والأردني والفرنسي وذلك بعدما ارتفعت في الآونة الأخيرة ملاحقة الصحفيين الفلسطينيين من قبل الأجهزة الأمنية بسبب كلمات يوجهونها عبر صفحات جرائدهم ومواقعهم او حتى مواقع التواصل الاجتماعي حرصا منه على مساعدتهم في توفير الأجواء المناسبة للصحفي لاداء رسالته بحرية وأمان. وقال القيق في حوار خاص مع وكالة (سما) :"تنقسم جرائم الصحافة إلي نوعين الجرائم المضرة بالمصلحة العامة والجرائم المضرة بالأفراد ، ويتخذ من الحق المعتدي عليه معيارا لتميز بينهم ،فإذا كان الحق المعتدي عليه متعلقا بمصالح المجتمع ،كنا بصدد جريمة مضرة بالمصلحة العامة أما إذا نال الاعتداء فردا من أفراد المجتمع كانت الجريمة من الجرائم المضرة بالأفراد. وتابع قائلا :"تعد جريمة إهانة رئيس الدولة من الجرائم المضرة بالمصلحة العامة والعلة من وراء ذلك أن المساس برئيس الدولة أو الملك يعد مساسا باحترام وهيبة الدولة وذلك بسبب المركز الذي يحتله في البلاد ، ولذلك تحرص كل التشريعات علي توفير الحماية له حتى يتمكن من أداء مهامه ومسئولياته الجسيمة في هدوء وطمأنينة ، أما مسألة الرئيس تتم وفقا لتنظيم خاص يحدده الدستور في أغلب التشريعات ،وهذا  ما نصت عليه المادة (195) من قانون العقوبات الأردني المطبق بالضفة الغربية على أنه ( يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات ) كل من:-  1ـ تثبت جرأته بإطالة اللسان على جلالة الملك. 2- أرسل أو حمل غيره أن يرسل أو يوجه إلى جلالته أية رسالة خطية أو شفوية أو أية صورة أو رسم هزلي من شأنه المس بكرامة جلالته وكل من يذيع ما ذكر أو يعمل على إذاعته بين الناس.  3- ويعاقب بالعقوبة نفسها إذا كان ما ذكر موجها ضد الملكة أو ولي العهد أو أحد أوصياء العرش.وأضاف :"هذا أيضا ما نص عليه المشرع بالمادة 60 من قانون العقوبات المطبق بقطاع غزة وهو القانون الذي سنه المندوب السامي البريطاني رقم 74 الصادر سنة 1936. 1- أركان  الجريمة :- يشترط القانون المطبق في الضفة الغربية وكذلك المطبق بقطاع غزة  صفة معينة في المجني عليه إلى جانب توافر الركن المادي والركن المعنوي وركن العلانية. أ-  صفة المجني عليه: حسب ما جاء بالمواد المذكورة فأن المجني عليه يجب أن يكون متمتعا بصفة الملك ( رئيس الدولة) وقت ارتكاب الجريمة، أي بمعنى أنه إذا ارتكب الجاني جريمته أثناء الانتخابات أي قبل توليه الرئاسة أو بعد تنحى الرئيس أو الملك فأنه لا تقوم الجريمة. والجدير بالذكر أن الفقرة الثالثة من المادة (195) تتحدث عن الأفعال والأعمال التي تمس كرامة وشرف الملكة وأسرة الملك وأولياء العهد وكذلك أن الفقرة الثالثة من المادة (195) كانت تقابل المادة (183) من قانون العقوبات المصري رقم 112 لسنة 1957 قبل إلغائها والتي كانت تعاقب كل من أهان أحد أفراد أسرة الملك. ب- الركن المادي: هو النشاط الذي يؤتيه الجاني في ارتكاب جريمته والمتمثل في الجريمة بالمس بكرامة وسمعة وشرف الملك ( الرئيس) وذلك عبر طرق عديدة ذكرتها المادة وهي بإطالة اللسان أو بإرسال الجاني رسالة أو أن الجاني دفع أحد الأشخاص بإرسال رسالة أن كانت خطية أو شفوية أو رسم هزلي من شأنها المس بكرامة وشرف الملك أو أن يذيع أي شيء يؤدي إلى نفس النتيجة. والجدير ذكره كذلك أن الأفعال والطرق التي ذكرها المشرع جاءت على سبيل المثال، فأي فعل أو عمل يمس كرامة الملك ( رئيس الدولة) وبأي طريقة علانية فأن هذا النص ينطبق عليه، وما يؤكد ذلك هو محاولة المشرع أن يذكر معظم طرق العلانية في هذه المادة لدرجة أن جرم مجرد التلميح الذي يفيد أنه يحتوى على المساس بكرامة الملك، وعبارة ( ما يذيع ما ذكر) كما جاء بالنص تشتمل وتستوعب جميع وسائل العلانية أن كانت مخطوطة أو مطبوعة أو رسم أو صورة أو نقش أو رمز أو حتى الوسائل المرئية والمسموعة (الصحافة) وهذا يدلل على حرص المشرع توفير أكبر قدر ممكن للملك أو الرئيس" وهذه الجريمة هي نفس الجريمة التي تحدثت ونصت عليها المادة (179) من قانون العقوبات المصري أي أن المادة ( 195) تطابق المادة (179) عقوبات مصري على الرغم أن المشرع المصري أستخدم لفظ أهان كتعبير عن النشاط الذي يؤتيه الجاني وأننا نتصور أن النشاط الإجرامي بالمادة ( 195) عقوبات المطبق بالضفة الغربية. ما هو إلا نفس مدلول ومعنى الإهانة؟ يقصد بالإهانة الاعتداء على الشرف أو الاعتبار أو الكرامة والإهانة لها مدلول واسع فتشمل كل صور الاعتداء أي أنها تتضمن إلى جانب القذف والسب كل تعبير آخر من شأنه الحط من قدر الشخص الذي وجه إليه، وقد قضت محكمة النقض المصرية بمناسبة ارتكاب جريمة إهانة الموظف العام المنصوص عليها فالمادة (133) من قانون العقوبات بأنه " لا يشترط لتوافر هذه الجريمة أن تكون الأفعال والعبارات المستعملة مشتملة على قذف أو سب أو إسناد أمر معين ، بل يكفي أن تحمل الإساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة ". وهذا التعريف للإهانة ينطبق على جريمة إهانة  رئيس الجمهورية فهي تتحقق بكل تعبير من شأنه المساس بكرامة الرئيس أو إحساسه ويتنافي مع الاحترام الواجب له وهذا ينطبق أيضا على نص المادة (195) من قانون العقوبات المطبق في الضفة الغربية فالمادة كما ذكرنا سابقا جرمت أي شيء يمس كرامة وشرف واعتبار الملك أو يؤدي إلى تحقيره والسخرية منه ، وتجدر الإشارة أيضا إلي الفقرة الأولي من المادة 26 من قانون الصحافة الفرنسي الصادر سنة 1881 والمعدلة بقانون 15 يونيو سنة 2000والتي نصت علي عقاب كل من أهان رئيس الجمهورية بواسطة إحدى طرق العلانية بالغرامة 120000يورو كما أضافت الفقرة الثانية من نفس المادة أن العقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة توقع أيضا علي كل من أهان الشخص الذي يباشر كل أو بعض اختصاصات رئيس الجمهورية.  والجدير بالإشارة أن الطرق التي ذكرتها المادة (195)والتي يستخدمها الجاني في ارتكاب الجريمة هي نفس الطرق التي ذكرتها المادة (179) عقوبات مصري والتي جاء النص عليها في المادة (171) عقوبات مصري. كما يتبن لنا صفة الشمولية والإطلاق الذي اتصف به نص المادة (195) وهذا  يتطابق مع عمومية وشمولية نص المادة (179) عقوبات مصري. والجدير بالذكر أنه يستوي أن تكون العبارات أو الكلمات أو الصور المتضمنة مساساً أو إساءة أن تتعلق بحياة الملك أو الرئيس الخاصة أو بحياته العامة. كما تجدر الإشارة إلي الفرق بين المادة 195 من قانون العقوبات المطبق بالضفة الغربية وبين المادة 179 من قانون العقوبات المصري ، فالمادة 195 تسوى بين المساس بالملك وبين الملكة وولي العهد أو أحد أوصياء العرش وهذا يتشابه مع ما كانت تنص عليه المادة 183 من قانون العقوبات المصري قبل إلغائها سنة 1957 والتي كانت تعاقب كل من أهان أحد أفراد أسرة  الملك، أما الوضع الحالي في مصر فأن المادة 179 تعاقب فقط المساس بالرئيس أما إذا كان المجني عليه أحد أفراد أسرة الرئيس فأن الأحكام الخاصة بالقذف والسب هي واجبة التطبيق . كما تجدر الإشارة إلي أهم ما يميز هذه الجريمة عن باقي الجرائم هو عدم جواز إثبات صحة الوقائع التي يسندها الصحفي أو من أرتكب الجريمة إلي رئيس الدولة وهذا بعكس ما قد أجازه المشرع في أغلب التشريعات بالنسبة لجريمة قذف الموظف العام حيث يجوز له إثبات صحة ما قذف به الموظف العام وإذا أثبت ذلك فأنه لا يعاقب وهذا ما نصت عليه صراحة الفقرة الرابعة من المادة 60 من قانون العقوبات المطبق في قطاع غزة أيضا بقولها ( لا يقبل في معرض الدفاع عن أية تهمة موجهة بمقتضي المادة السابقة إثبات صحة ما تعنيه الألفاظ التي يدعي بأنها تنطوي علي نية الفساد). والجدير بالإشارة أيضا إلي التشابه بين نص المادة (195) عقوبات أردني والمادة60من قانون العقوبات المطبق بقطاع غزة ونص المادة (179) عقوبات مصري بالنص في عدم المساس بحرية الرأي والنقد المباح ضد رئيس الدولة أو الملك، أي أنهما لا يتعارضان معها حيث أن ذلك يعد عمل مشروع بل واجب أما ما يتم المعاقبة عليه هو التطاول في غير محله، وقد قضى في ذلك بالمحاكم المصرية سنة 1923 بان التطاول المعاقب عليه هو كله ما من شأنه أن يمس كرامة الملك بحيث يضعف احترام الناس له ويقلل من هيبته ونفوذه الأدبي لدى الشعب وللقاضي في ذلك سلطة تقديرية بحيث يختلف التقدير بالنسبة للأمر الواحد حسب الظروف والأحوال. ج-الركن المعنوي: لقيام جريمة إهانة  الملك أو الرئيس يجب توافر القصد الجنائي العام لدى الجاني، أي يجب أن يعلم بمضمون عباراته كما يجب أن يعلم بصفة المجني عليه ويجب أن تكون لديه إرادة للنشر، أن الجهل والغلط بأي عنصر من عناصر الجريمة يؤدي إلى عدم قيامها. د- عقوبة الجريمة: عاقب القانون المطبق في الضفة الغربية مرتكب هذه الجريمة بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وكذلك القانون المطبق في قطاع غزة ، أما القانون المصري يعاقب مرتكب الجريمة بالحبس وحسب القواعد العامة بالقانون المصري فأن مدة الحبس هي الذي يتراوح ما بين أربعة وعشرين ساعة وثلاث سنوات أما القانون الفرنسي فكما ذكرت سابقا فأنه يعاقب مرتكب هذه الجريمة بالغرامة المالية وقدرها 120000 يورو . وقال الدكتور القيق انه يود ان يعرف العاملين والمهتمين بالعمل الصحفي أن عقوبة الحبس في مجال جرائم الصحافة قد تم إلغائها بفرنسا بقانون تدعيم قرينة البراءة الصادر سنة 2000 وأكتفاء فقط بعقوبة الغرامة ولكنه أبقي عقوبة الحبس فقط بجريمة القذف تجاه شخص أو أشخاص بسبب أصلهم أو ديانتهم  والحبس علي جريمة التحريض على العنصرية والتعصب  والحبس علي جريمة إنكار الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية  والحبس علي جرائم التحريض علي ارتكاب الجنايات والجنح المتبوعة بأثر أو بدون، أما المشرع المصري فقد ألغي عقوبة الحبس بمعظم جرائم الصحافة ولم يبقي علي عقوبة الحبس إلا بجريمة إهانة رئيس الدولة وذلك حسب القانون رقم 147 لسنة 2006 وجريمة التحريض علي جنايات القتل والحرق وجريمة قلب نظام الحكومة وجريمة التحريض علي تغيير مبادئ الدستور وهذا بالطبع بعكس ما هو معمول لدينا بالتشريع الفلسطيني والذي أقر عقوبة الحبس بمعظم جرائم الصحافة. واختتم قائلا:"بعد الثورة المصرية وتغير نظام مبارك تقدمت لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب بمشروع يتضمن إلغاء عقوبة الحبس واستبدالها بغرامات مالية حتى بجريمة إهانة رئيس الدولة".