بعد أن تسرب من خلال وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان، قد قام بزيارة كانت سرية إلى العاصمة الأذرية باكو، تم التركيز مجدداً على العلاقات المعززة بين البلدين وآثارها على النوايا الإسرائيلية بمهاجمة إيران، ومع أن وزير الخارجية الإسرائيلي، وبعد افتضاح أمر زيارته السرية، فقد اعتبر أن التحليلات التي تشير إلى أن إسرائيل قد توسعت في أذربيجان بهدف توجيه ضربة إسرائيلية ناجحة للبرنامج النووي الإيراني، ما هي إلاّ خيال لا أكثر ولا أقل، إلاّ أن ويكيليكس قد كشفت قبل أسابيع قليلة أن الرئيس الأذري ألهام علييف قد وصف علاقات بلاده بإسرائيل بأنها مثل جبل جليدي يغوص تسعة أعشاره تحت سطح الماء، في حين نشرت مجلة "فورين بوليسي" المتخصصة بالشؤون الخارجية في عددها الأخير أن إسرائيل وجدت موطئ قدم في القواعد الجوية الأذرية، الأمر الذي أغضب الإدارة الأميركية في واشنطن كونه يجعل إسرائيل أكثر قدرة على تجاوز الضغوط الأميركية الرامية إلى إقناع إسرائيل بعدم جدوى توجيه ضربة إسرائيلية إلى البرنامج النووي الإيراني، والاكتفاء باتخاذ إجراءات عقابية من المجتمع الدولي لثني طهران عن التقدم في برنامجها النووي. باكو تنفي مثل هذه التقارير، وزير الدفاع الأذري نفى من طهران، أثناء زيارته لإيران، إمكانية استخدام القواعد الأذرية لتوجيه ضربة إلى إيران قائلاً: إن جمهورية أذربيجان ستواصل كما فعلت في الماضي تمسكها بمنع أي بلد من الاستفادة من أرضها أو سمائها لاستخدامها ضد الجمهورية الإسلامية إيران، إلاّ أنه لم يشر إلى منع القاذفات الإسرائيلية من الهبوط في بلاده بعد توجيه ضربتها، أو تمركز فرق الإنقاذ الإسرائيلية على الأراضي الأذرية، خاصة أن المخابرات المركزية الأميركية، قد أشارت وفقاً لما تناقلته وسائل الإعلام الأميركية إلى أن إسرائيل لن تستخدم القواعد الجوية الأذرية "في الضربة الأولى" لكنها ستستخدمها كمهبط للطائرات من أجل تجهيزها للضربة الثانية. وعلى الرغم من النفي الأذري لكل ما يحيط هذه العلاقة من تسريبات تشير كلها إلى أن أذربيجان باتت جزءاً من المجال الحيوي الإسرائيلي، حتى أن بعض الأبحاث أشار إلى أن إسرائيل "استأجرت" أذربيجان، وباتت تؤثر على نظامها السياسي من خلال صفقات الأسلحة التي تم توقيعها بين البلدين، حيث تم توقيع في شباط الماضي عقداً بينهما لتزويد إسرائيل لأذربيجان بمنظومات دفاعية متطورة مضادة للصواريخ وطائرات حربية، وطائرات بدون طيار في صفقة بلغت قيمتها خمسة مليارات شيكل إسرائيلي. الحديث الأذري عن العلاقات الأخوية مع إيران، لا يستند إلى الواقع، رغم أن أذربيجان تعتبر دولة شيعية من حيث طائفة مواطنيها، إلاّ أن إيران سبق أن اتهمت أذربيجان بدعم فرق الاغتيال الإسرائيلية التي تدربت في القواعد الأذرية لاستهداف العلماء الإيرانيين، هذه الفرق التي عادت إلى أذربيجان بعد القيام بمهام الاغتيال هذه، الأمر الذي تسبب فيما بعد، بإقدام أذربيحان على اعتقال 22 شخصاً يشتبه في تجسسهم لحساب إيران، واتهموا بأن الحرس الثوري دربهم للقيام بأعمال إرهابية ضد سفارات إسرائيل والولايات المتحدة ودول غربية أخرى في أذربيجان. بعض المحللين السياسيين في إسرائيل أثاروا مسألة "التدخل الأميركي الفاضح" بشأن تسريب متعمد حول تعزيز العلاقات الإسرائيلية ـ الأذرية، الأمر الذي سينعكس سلباً على هذه العلاقات بعد تسريب تحسنها وتعزيزها، وللتأثير على ردود فعل داخلية أذرية ضد الحكومة، ذلك أن معظم مواطني أذربيجان من الطائفة الشيعية التي ترتبط برباط قوي ديني واجتماعي وعائلي في بعض الأحيان مع الأقرباء في إيران، وحسب هذا البعض، فإن إثارة واشنطن لهذا الأمر، تعتبر بالغة الخطورة كونه يقلص من فرص إسرائيل في "الاستقلال" عن الضغط الأميركي تجاه توجيه ضربة إسرائيلية إلى البرنامج النووي الإيراني بالاستعانة بأربع قواعد "سوفياتية" مهجورة قريبة من الحدود الأذرية مع إيران، كما أن هذا البعض، يرى أن هذه التسريبات الأميركية قد تهدد أمن 25 ألف يهودي يعيشون في أذربيجان، كرد فعل على تحسن العلاقات الأذرية ـ الإسرائيلية من قبل مواطني الدولة الشيعة. الولايات المتحدة، نفت أن تكون هي مصدر المعلومات المسربة حول العلاقات الأذرية ـ الإسرائيلية، خاصة وأنها صديقة للبلدين، ومن مصلحتها تعزيز التعاون فيما بينهما، إلاّ أن مصادر أميركية، وفقاً لوسائل الإعلام الصادرة من واشنطن، أشارت إلى أن هذه العلاقات بين باكو وتل أبيب، ستسهم أيضاً، في انفصام العلاقات الإسرائيلية ـ التركية، إذ هناك توتر متزايد بين أنقرة وباكو، تأثر مباشرة بعدما شاب العلاقات الإسرائيلية ـ التركية الكثير من المشكلات، وواشنطن ترى أن تحسين العلاقات بين باكو وتل أبيب يجب ألا يكون على حساب وضرورة عودة المياه إلى مجاريها بين تل أبيب وأنقرة، إذ يجب ألا تنسى إسرائيل، أن تركيا هي حليف أطلسي، أكثر تأثيراً من أذربيجان على الخارطة السياسية للمصالح الاقتصادية والأمنية في الشرق الأوسط وأن تجاهل إسرائيل لهذا الأمر، من شأنه أن يؤثر تأثيراً مباشراً على المصالح الأميركية في المنطقة، ووسائل الإعلام الأميركية التي أشارت إلى هذه المسألة، إنما كانت تعزز آراء المحللين الإسرائيليين من أن الإدارة الأميركية، وأجهزة المخابرات هي التي كانت فعلاً وراء تسريب خفايا العلاقات الإسرائيلية ـ الأذرية! وإذا كانت المصالح الأميركية، وراء هذه التسريبات، رغم العلاقات الطيبة بينها وبين البلدين، فإن ذلك يشير إلى أن إسرائيل، وفي ظل عزلتها الدولية من ناحية، ورغبتها في التخلص من الضغط الأميركي على الملف الإيراني، فإنها على الأغلب، تسعى إلى نسج علاقات سرية وطيدة مع عدة دول، بعيدة عن التأثير على المصالح الأميركية، أي أن الدولة العبرية، لا تقف حدود توسعها فقط عند أذربيجان، بل إلى دول أخرى، للولايات المتحدة مصلحة في عدم تسريب أي معلومات عنها. وفي ظل غياب عربي عن هذه الملفات ذات التأثير المباشر على المنطقة، فإن إسرائيل لا تشعر بأي حرج في توسيع دائرة نفوذها وسيطرتها، كما أن الدول التي تجد نفسها فريسة لهذا التوسع الإسرائيلي، ترى في ذلك تعبيراً عن مصالحها في ظل غياب المصالح العربية المؤثرة! Hanihabib272@hotmail.com – www.hanihabib.net