خبر : مشعل : سيد "حماس" ...بقلم : رجب أبو سرية

الثلاثاء 24 أبريل 2012 11:32 م / بتوقيت القدس +2GMT
مشعل : سيد "حماس" ...بقلم : رجب أبو سرية



رغم أن النتائج النهائية لانتخابات حركة حماس الداخلية لم تعلن بعد، إلا أن ما تم حتى الآن يشير ليس فقط إلى إعادة انتخاب السيد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لدورتين متتاليتين سابقتين وحسب، ولكن إلى تعزيز قوته بفوز أنصاره في الانتخابات التمهيدية، أي انتخابات مجالس شورى الحركة، خاصة في غزة، المركز الميداني للحركة، ومعقل الرؤوس التي بدت كأنداد لمشعل في أكثر من مناسبة، أو حتى كقوة إسناد لبديل محتمل للسيد مشعل. برأينا كان إعلان الدوحة مفصلاً، بدأ بعده مباشرة خالد مشعل معركته الداخلية، حيث ظهر أولاً وعلى الصعيد الوطني كقائد مسؤول، ثم ظهر على الصعيد الإقليمي كقائد قادر على إحداث التغيير في الوجهة السياسية للحركة، على قاعدة التوافق مع الإطار الإخواني والحليف الإقليمي للحركة، في الوقت الذي أظهر فيه خصومه "تمنعاً" داخلياً، وضعفاً في التقاط المتغير بعد الربيع العربي، ثم اظهر الرجل رباطة جأش، بعد أن أحرجه رفاقه، بقطع الطريق على الإعلان الذي وقعه شخصياً مع الرئيس محمود عباس. ومجرد أن لوح بعدم رغبته في الترشح لرئاسة المكتب السياسي، نزولاً عند الالتزام بتقاليد العمل الداخلي، واحتراماً لكون السيد موسى أبو مرزوق هو من كان أول رئيس للمكتب السياسي، حيث اضطرت الحركة في التسعينيات لاستبداله بمشعل بعد أن تعرض "للاعتقال" في الولايات المتحدة، حتى تعالت الأصوات الداخلية مطالبة إياه بالترشح، لكنه أصر على الحصول على موافقة أبو مرزوق شخصياً، حتى لا يقال لاحقاً إنه قد جاء بالصدفة، أو انه لم يحترم حق الرجل الذي ظل نائباً له طوال أكثر من خمسة عشر عاماً، بصلاحيات ومكانة تقترب من مكانته. وقصة مشعل مع الأضواء بدأت منذ أن تم إبعاده عن الأردن مع جمع من أعضاء المكتب السياسي للحركة إلى قطر، حيث ظن كثيرون بأن دوره قد تراجع أو انه حتى في طريقه إلى التلاشي، خاصة مع نجاح الملك الأردني الراحل الحسين بن طلال في إخراج مؤسس الحركة الراحل الشيخ احمد ياسين من السجن الإسرائيلي، بعد قيام إسرائيل بمحاولة اغتيال لمشعل بالذات، لكن استشهاد الشيخ ومن بعده عبد العزيز الرنتيسي، ومن ثم انتقال مشعل ورفاقه إلى دمشق، عزز من مكانة المكتب السياسي ومن مكانته شخصياً. وعلى مدار نحو عقد ونصف العقد، ارتبطت قوة مشعل بدور المكتب السياسي في الخارج، ومن خلال قيامه بتعزيز تحالفات الحركة مع ما كان يسمى بمحور الممانعة ـ إيران وسورية ـ قاد الحركة إلى الحضور السياسي، بفرض برنامجها "المقاوم" على برنامج السلطة السياسي، ومحوره التفاوض، ومن ثم إلى الفوز بالانتخابات العامة العام 2006. وعلى الرغم من أن الانتخابات العامة الفلسطينية كرست قيادات سياسية، محلية في غزة والضفة الغربية، إلا أن حرص المكتب السياسي وقائده مشعل على توجيه سياسة الحركة بما يتوافق ومجمل مصالحها الجماعية، عزز من دوره ومكانته، ولا شك أن اعتماد الحركة على الدعم المالي والسياسي من محور الممانعة الذي كان يمر من خلاله قد أكد هذه المكانة. لكن قدرة مشعل القيادية، وحسه السياسي، قد دفعا به لإظهار قدر عالٍ من المرونة، حين نجح في توجيه البوصلة باتجاه قطر و"الإخوان" في اللحظة المناسبة، وفي تخفيف حدة الشعارات السياسية، التي ما زال المستوى الميداني والكادر الحمساوي يطرب لها، نقصد شعارات المقاومة والمعارضة المتواصلة للسلطة، وكانت آخر محاولات خصومه في غزة تذهب في طريقها إلى مواصلة سذاجتها السياسية بإطلاق الاتهامات لمصر ومن ثم السلطة بالمسؤولية عن معاناة غزة مع الكهرباء. بعد أن اطمأن مشعل وأنصاره إلى بقائه سيداً للحركة كرئيس للمكتب السياسي، ذهبوا إلى انتخابات مجالس الشورى أكثر ثقة وهكذا فإنه مع الأخذ بعين الاعتبار أن لا مشكلة لهم مع الخارج ولا مع الضفة الغربية، فإن أهم مفصل كان هو انتخابات مجلس الشورى في غزة، للاعتبارات التي سبق أن أشرنا إليها أعلاه، وفي مقدمتها، أن غزة تمثل قوة "حماس" الميدانية، بوجود سلطتها التي تبقي عليها نداً ومنافساً وحتى قابضاً على عنق السلطة الفلسطينية، ولوجود الطامحين بالزعامة فيها للموقع الأول في الحركة، حتى من كان يقيم في الخارج، ويعتمد على دعم غزة له في أن يجلس على المقعد الذي احتله مشعل على مدار السنين الماضية. بعد المؤتمرات الداخلية للحركة، وبعد تتويج مشعل رسمياً كرئيس للمكتب السياسي، وبعد فوزه بالدورة الثالثة على التوالي بالمنصب، فإن مشعل سيكون قائداً مطلقاً للحركة، يذكر بقادة العالم الثالث وقادة حركات التحرر، مطلقي الصلاحيات والنفوذ، وإذا كان هذا الأمر يبدو أنه يسير في عكس الوجهة التي تسير عليها المنطقة العربية، بل على غير تقاليد "الإخوان" أنفسهم، الذين يغلبون القيادة الجماعية في كل من مصر والأردن، اللتين توالى على قيادة جماعاتها خلال السنوات القليلة الماضية أكثر من مرشد عام، إلا انه يمكن التعليل بأن الحالة الفلسطينية مختلفة، كونها ما زالت حركة تحرر، وحيث إن "حماس" هي فصيل وطني سياسي/ عسكري، أكثر منها حركة سياسية، كذلك يمكن أن تشكل حالة مشعل كقائد مطلق "نموذجاً" للإخوان أنفسهم، الذين وعلى أبواب السلطة في مصر، أصروا لإظهار تباينات قد تؤدي إلى انقسامات، بين الجماعة وحزب العدالة والحرية، وخير دليل على ذلك ترشح خيرت الشاطر ومحمد مرسي، إضافة إلى من خرجوا من صفوف الجماعة، مثل عبد المنعم أبو الفتوح وغيره، صحيح أن ترشيح الشاطر ومرسي كان تكتيكاً من شأنه أن يمرر مرشح الحزب، مقابل سحب ترشيح الشاطر، وهذا ما حدث، إلا أن إصرار الشاطر نفسه على مطالبة أنصاره التصويت لمرسي، فيه إشارة إلى أن الأمر لم يكن تكتيكاً فقط. مثل هذا لم يحدث في الحالة الفلسطينية، ربما لأن أهم موقع رسمي احتله حمساوي كان رئيس حكومة السلطة وليس رئيسها ولا رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وربما حين تذهب "حماس" إلى انتخابات رئاسة السلطة أو رئاسة المنظمة تظهر مثل هذه التحديات، لكن يبدو أن مشعل بالذات سيكون حينها غير الشاطر، بل ربما أشطر من الشاطر، فبالنظر إلى أن "ثمن" المصالحة وإجراء الانتخابات الفلسطينية سيكون عدم ترشح أبو مازن، فإن فرص فوز مشعل برئاسة السلطة والمنظمة ربما تكون كبيرة، وبالتوافق مع الند الوطني ـ "فتح" ورئيسها أبو مازن ـ. هذا قد يكون بعد أن يتم ترتيب الوضع الداخلي لـ"حماس"، وتأكيد قوة مشعل وبالتالي قدرته على "تمرير" اتفاق مع أبو مازن، قد يكون "الدوحة" أو اتفاقاً شبيهاً يتضمن رئاسته للسلطة أو المنظمة، كلاهما معاً أو احدهما على الأقل.