خبر : في مقاله خص بها "سما"د.أحمد يوسف يكتب..الـ"واشنطن بوست" والسقوط في درك الصحافة الصفراء ..إعلام غربي هابط

الأحد 22 أبريل 2012 09:19 م / بتوقيت القدس +2GMT
في مقاله خص بها



من حين لآخر تطالعنا وسائل الإعلام الغربية بمقالات عن حركة حماس أو عن الأوضاع الفلسطينية الداخلية تفتقر لكل مقومات النزاهة والمصداقية، وتهدف إلى التشهير والتشويه والتحريض متساوقة مع الأجندة الإسرائيلية وماكينتها الدعائية. وبالرغم من التغطيات السلبية لبعض وسائل الإعلام الغربية، إلا أن حركة حماس والحكومة القائمة في قطاع غزة لم تغلق الباب أمام الصحفيين الأجانب، وفتحت لهم الأبواب مشرعة للدخول إلى غزة والخروج منها متى وكيفما شاؤوا.. لاشك أن إسرائيل نجحت إلى حدٍّ كبير في تجنيد البعض منهم لخدمة مخططاتها الإعلامية، وتضليل البعض الآخر لحرف مسار مشاهداته وتقاريره. في الأسبوع الماضي نشرت جريدة "واشنطن بوست – Washington Post" الأمريكية مقالاً بعنوان "في غزة، حكم حماس لم يكن كما توقع الكثيرون"، للكاتبة (كرين بروليارد- Karin Brulliard)، كان المقال – للأسف – صورة سيئة للتغطية الإعلامية التي لا تليق فعلاً بجريدة لها سمعتها العالية في أوساط النخب السياسية في الولايات المتحدة وباقي دول العالم. المغالطات والأكاذيب؟!! إن سؤال الشارع الفلسطيني هو: لماذا كل هذه الحملة الإعلامية المسعورة على حركة حماس؟ ولماذا كل هذا الكم من التحامل والاستهداف للحكومة في غزة تارة، والمقاومة الفلسطينية تارة أخرى؟!! إن عملية الملاحقة المستمرة للتصريحات التي تطلقها قيادات في الحركة والحكومة وتعمد العمل على تشويهها والعبث بها، من خلال إخراجها عن سياقها الوطني وإظهارها مجتزأة، على طريقة "لا تقربوا الصلاة.." مقصدها هو تحريف الكلم عن بعض مواضعه، للإساءة إلي هذه الشخصيات القيادية والطعن بها إرضاءً للمحتل الغاصب وكل من يدور في فلك مصالحه الإعلامية والسياسية. ولعلي هنا أشير بشكل خاص للمقال الذي نشرته صحيفة (الواشنطن بوست) الأمريكية بتاريخ 19 إبريل الماضي، نحت فيه كاتبة التقرير إلى أسلوب الصحافة الصفراء (yellow Journalism) حيث قامت بلي عنق الحقائق والابتعاد عن المهنية في كتابة تقريرها، لقد أجرت عدة مقابلات مع عدد من الشخصيات القيادية الرسمية والأكاديمية ومع بعض المواطنين، حاولت فيها إظهار الحالة في غزة بكل السوداوية والسوء الذي يمكن أن يخطر ببال كل المتحاملين على حركة حماس والحكومة في غزة. لم تجد هذه الصحفيّة في مشاهد غزة إلا كل ما يناسب الصورة النمطية التي تعمل آلة الدعاية الصهيونية على نشرها عن حماس في وسائل الإعلام الغربية، فالنظارة السوداء التي ألبستها لقلمها لم تلحظ أي شيء إيجابي تتحدث عنه إلا المعاناة التي ضربت أطنابها على حياة سكان القطاع، والتي لا يتحمل مسؤوليتها – من وجهة نظرها - إلا حكومة حماس.!! أما الحصار والاحتلال والاجتياحات العسكرية والعدوان السافر على المدنيين التي تمارسه الدولة المارقة التي تنتهك القانون الدولي وترتكب الفظاعات والجرائم بحق الإنسانية على أرض غزة والضفة الغربية ومسئوليتها عنها، فلا إشارة لها أو أثر في التقرير.!! كان يجدر بهذه الصحفيّة التي تكتب لجريدة هي الأوسع انتشاراً بالولايات المتحدة، وإحدى أهم صحف النخبة أن تتوخى الحذر في تقريرها، وتحرص على النزاهة في التغطية، للخروج بنصٍّ متوازن يمنح القارئ وصانع القرار في الولايات المتحدة صورة أفضل عن معاناة الشعب الفلسطيني داخل قطاع غزة، الذي يتعرض لحصار ظالم منذ أكثر من خمس سنوات. أجندات مسبقة وتحريف متعمد  إن الحقيقة التي لا تخفى على أحدٍ منا هي أن إسرائيل تقوم بعملية غسيل دماغ ممنهجة لمثل هؤلاء الصحفيين، ودفعهم لتبني وجهة نظرها، التي تفتقد إلى الموضوعية والمصداقية، وتبتعد عن الحقيقة.. ويكفي هنا الإشارة إلى المقابلة التي أجرتها معي - ولأكثر من نصف ساعة - تناولنا فيها الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، مثل: مشكلة الكهرباء، والعدوان الإسرائيلي الأخير والحرص الذي أبدته حماس على عدم التصعيد، والادعاءات التي يطلقها البعض بأن حماس تمنع أنشطة حركة فتح في غزة، وتعثر المصالحة، والعلاقة مع إيران، والوضع في سوريا .. الخ. وللأسف، لم تجد السيدة كيرن عند كتابتها للمقال إلا سرد كل السلبيات التي يرددها خصوم حماس وأعداؤها، ثم الادعاء أنني أشرت للوضع بأنه يشبه واقع الدولة البوليسية (Police State)..!! إن هذا الكلام ليس فقط محض افتراء، بل هو - أيضاً - تجني وطمس للحقيقة، لقد أوضحت لها بأن ظروف الاصطفاف الحزبي والاستقطاب الفصائلي وكثرة العملاء والمندسين الذين يحاولون خلق أجواء من التوتر وعدم الاستقرار هو ما يجعل الحكومة تحرص على عدم ترك ثغرات لمثل هؤلاء وأولئك، وهو ما يجعلها - أحياناً -  ترى أن المصلحة الوطنية تقتضى عدم السماح ببعض الأنشطة الحزبية الواسعة وفي ساحات يصعب التحكم الأمني فيها، حيث يستغل العملاء والمندسون كثافة الحضور لإثارة القلاقل وجرِّ الشرطة إلى المواجهة مع الجمهور، كما حدث في السابق. من هنا، وحرصاً على سلامة المواطنين، وسد الطريق أمام العملاء والمندسين، تمنع الأجهزة الأمنية – أحياناً - إصدار موافقات على بعض الأنشطة الكبيرة التي قد يشتم منها رائحة الفتنة والتحريض، مع فتح الباب لبدائل أخرى، مثل إجراء الفعالية في قاعة رشاد الشوا أو الفنادق والمنتزهات.فالهدف في النهاية هو الحفاظ على سلامة المواطنين والحفاظ على الأمن والنظام، وليس كما يبدو لمن يحاول التشكيك بالحكومة وإظهار الوضع وكأنه أشبه بحكم "الدولة البوليسية". إن هذه ليست هي المرة الأولى التي يحاول فيها مثل هؤلاء الصحفيين العرب أو الأجانب - للأسف - نقل المشهد مقلوباً، ووضع البعض منّا في موقف الدفاع عن نفسه وتوضيح موقفه.. لقد حضرت العديد من المقابلات التي أجراها بعض الصحفيين الأجانب مع شخصيات قيادية من حماس، وعند قراءة المقال تجد التحوير والتأليف والتوصيف العجيب والغريب. إن بعض هؤلاء الصحفيين يعتقد بأننا لا نستطيع أن نقاضيهم أو نقدمهم للمحاكمة إذا تخطوا حدود الصدق والأدب، ولذلك هم يرتعون في أعراضنا وتاريخنا وقيمنا، ويقومون بتزييف الحقائق، ويسرحون في الادعاءات والكذب، متسلحين - للأسف - بوضعية الانقسام والقطيعة التي عليها الحالة الفلسطينية. إن باب الحرية لمثل هؤلاء الذين يتعمدون الإساءة لنا ولشعبنا وقضيتنا لن يكون مُشرعاً للترحيب بهم، وسننشر قوائم هؤلاء المتحاملين لمنع إجراء لقاءات أو مقابلات معهم على أية مستويات حركية أو حكومية. إن قطاع غزة ساحة مفتوحة لكل الإعلاميين، فنحن شعبٌ يتعرض للإرهاب الصهيوني منذ أكثر من ستين عاماً، ونحن نتطلع للأقلام الصحفية الصادقة ولعدسات التلفزة الأمينة لمتابعة مظلوميتنا، والعيش معنا، ومشاهدة مظاهر القمع والعدوان الإسرائيلي الذي لم يتوقف يوماً عن شعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة. وعن هذه المقابلة التي أجرتها صحفيّة (الواشنطن بوست) أقول: إن ضوء الشمس لا يمكن أن يحجبه غربال، وحقيقة الوضع المأساوي في غزة جرّاء الحصار لن يُزيفه مقال.