خبر : رسائل بلا أسرار ! .. بقلم: هاني حبيب

الأحد 22 أبريل 2012 01:41 م / بتوقيت القدس +2GMT
رسائل بلا أسرار ! .. بقلم: هاني حبيب



المبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط، ديفيد هيل، وبعد انقطاع طويل نسبياً عن زيارته المنطقة، يجول بين عدة بلدان بعدما التقى نظيره الأممي روبرت سيري واجتماعه بالرئيس ورئيس الحكومة بعدما التقى المفاوض الإسرائيلي اسحق مولخو، كل ذلك، على ما يبدو، في إطار الحراك المفتعل المتعلق بالرسائل المكتوبة المتبادلة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ولكن قبل الرد الإسرائيلي المفترض مكتوباً على الرسالة الفلسطينية التي وصلت فعلاً إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، جولة هيل قبل الرسالة الإسرائيلية ربما تهدف إلى الإشارة إلى أن الحراك الأميركي غير متوقف على الرسائل المتبادلة، بل انه دائم ومستمر وكلما اقتضت الحاجة، وجولته العربية ربما تعتبر الحافز الأهم في هذا السياق، بعدما تبين أن السلطة الوطنية الفلسطينية تعاني من أزمة مالية خانقة تهدد وجودها، نظراً للنفقات الهائلة التي اقتضتها الخطط التنموية الجادة والفاعلة التي قامت بها حكومة فياض، مقابل عدم التزام الدول المانحة، بما فيها دول عربية بالتزاماتها المعلنة لعدة سنوات، هيل سيسعى إلى الطلب من الدول العربية، تلك التي سيزورها وتلك التي لم يقم بزيارتها، على دفع التزاماتها المالية للسلطة الوطنية الفلسطينية، وبعد هذه الجولة العربية، سيعود حيث من المحتمل أن تكون الرسالة الإسرائيلية المفترضة والمكتوبة، قد وصلت إلى الجانب الفلسطيني. ومن الغريب، أن الجميع بات بانتظار الرسالة الإسرائيلية الجوابية، مع أن هذا الجميع يعرف مسبقاً مضمون هذه الرسالة ذات اللاءات العديدة والنعم الواحدة: لا لوقف الاستيطان، لا للعودة إلى حدود الرابع من حزيران، لا لتقسيم القدس العاصمة الأبدية لإسرائيل، لا لعودة اللاجئين الفلسطينيين، نعم لاعتراف الفلسطينيين بيهودية دولة إسرائيل، إلاّ أن هذا التوقع الذي يصل إلى درجة اليقين بمضمون الرسالة الجوابية، ليس كافياً للحد من الترقب والانتظار لهذه الرسالة، وهو يعبر عن ظاهرة في العملية التفاوضية وأطرافها الفاعلة منذ انطلاقها قبل عدة سنوات، فالجميع كان في كل مرحلة من المراحل، يربط تحركه بانتظار شيء ما أو موقف ما، دائماً كانت حالة الانتظار هي الحالة السائدة، وكأنما هذا الانتظار هو الحراك الفعلي لهذه العملية، فقد كانت الأطراف على اختلاف أشكالها، في انتظار وتطلع إلى الرسالة الفلسطينية طوال أسابيع متعاقبة، إلى أن تم إرسالها، ومع أنها تناولت الثوابت الفلسطينية المعلنة، أي أن لا جديد فيها، ربما يسوغ صياغتها وإرسالها، إلاّ أنها ظلت محل انتظار إلى أن تم إرسالها وتوصيلها، والآن تتكرر هذه الحالة الانتظارية، في انتظار الرسالة الجوابية الإسرائيلية التي يعرف الجميع مضمونها وفي الوقت المستقطع بين الرسالتين يتوقف قطار المواقف في انتظار انتهاء مرحلة الرسائل، حيث تتخذ مواقف، معروفة أيضاً، وتبدأ مرحلة انتظار جديدة لردود الفعل المعروفة على المواقف المعروفة أيضاً!. البعض، في الجانب الفلسطيني، لم ير ضرورة في الأصل إلى الرسالة الفلسطينية، ذات الثوابت المعروفة والمطروحة مسبقاً على كل الأطراف ذات العلاقة، وغير ذات العلاقة، مكتوبة وموثقة في وثائق المفاوضات وفي اجتماعات الرباعية الدولية وفي المنظمة الدولية إضافة إلى أن تصريحات المسؤولين والقادة، والرأي العام الداخلي والخارجي على معرفة وثيقة بها، ولم يكن الرأي العام الإسرائيلي، على سبيل المثال، بحاجة إلى مثل هذه الرسالة للتعرف على الموقف الفلسطيني، حتى يضغط على حكومته لوقف العملية الاستيطانية، مثلاً، لإنجاح استئناف العملية التفاوضية لأنه، وببساطة الرأي العام الإسرائيلي خلف حكومته لاستمرار وتواصل الاستيطان، وأكثر من ذلك، فإن العملية الاستيطانية هي جوهر النشاط الحكومي الإسرائيلي، وان وقف أو تجميد أو التخفيف من هذه العملية، سيسقط هذه الحكومة التي تجد رعاية وقبولاً من الرأي العام الإسرائيلي. وللتذكير فقط، فإن المحكمة الإسرائيلية العليا، كانت قد أصدرت حكماً وأمراً بإخلاء وهدم الحي الاستيطاني في حي "هؤلينا" في "بيت إيل"، من المفترض أن يتم ذلك في الأول من أيار المقبل، بعد أن ثبت لدى المحكمة أن هذه الأرض ملك خاص لمواطنين فلسطينيين. ومنذ اتخذت هذه المحكمة هذا الحكم، وحكومة نتنياهو منشغلة علناً، في الحديث عن كيفية التحايل المعلن على حكم المحكمة، ذلك أن تنفيذ هذا الحكم، يعني ببساطة سقوط حكومة نتنياهو. وزير الشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية، موشيه يعلون، حذر من أن إخلاء البؤرة الاستيطانية هذه، سيؤدي حتماً إلى انهيار الائتلاف الحكومي، والحديث هنا، عن بؤرة استيطانية واحدة ومحدودة، مقرر هدمها بقرار من أعلى سلطة قضائية في إسرائيل، فما البال، إذا كان الأمر يتعلق بالاستيطان كإطار شامل؟! لذلك كله، لا يجد البعض أية ضرورة أو فائدة ترتجى من وراء مرحلة الرسائل المتبادلة، بل إن ذلك، يعتبر بنظر هذا البعض مساهمة في عملية حراك خادعة انشغلت بها كافة الأطراف التي استبدلت الجهد والضغط والفعالية، بحراك مجرد، تعبيراً عن فشل كل الجهود من أجل استئناف العملية التفاوضية، وعجز هذه الأطراف عن تسمية الطرف الإسرائيلي باعتباره المعرقل الوحيد لاستئناف هذه العملية، ويأتي الحراك للتعبير عن اهتمام مصطنع أكثر من كونه حراكاً فاعلاً ومثمراً، ومرحلة الرسائل هذه، إنما هي التعبير الأكثر وضوحاً، في عملية الخداع هذه. ولا عجب أن هناك حديثاً مستمراً ومتواتراً عن خيارات فلسطينية، على ضوء الجواب الإسرائيلي، ومن هذه الخيارات التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة لنيل عضوية فلسطين في المنظمة الدولية، سواء كعضو لا يصل إلى مرتبة الدولة كاملة العضوية، أو اللجوء إلى النظام المعمول به في المنظمة الدولية والقاضي بتجاوز مجلس الأمن للحصول على العضوية الكاملة من خلال الجمعية العامة، وكأنما هذا الخيار، رهن بالرد الإسرائيلي، وليس استحقاقاً فلسطينياً دائماً يتوجب اللجوء له دائماً بصرف النظر عن مجرى العملية التفاوضية أو الرد الإسرائيلي المرتقب!. إنها مرحلة الرسائل، مرحلة أخرى من مراحل تقطيع الوقت، وتقطيع الأرض الفلسطينية بالمستوطنات الإسرائيلية، الوقت يمضي، والرسائل تكتب وتصل، والعملية الاستيطانية مستمرة، لكن الجميع بانتظار ما بعد مرحلة الرسائل، ربما مرحلة استماع، أو اختبار، ولكنها مرحلة إضافية لتقطيع الوقت في ظل العجز والفشل!. Hanihabib272@hotmail.com www.hanihabib.net