خبر : الرسالة.. فياض و"فتح" ..بقلم: عبد الناصر النجار

السبت 21 أبريل 2012 10:23 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الرسالة.. فياض و"فتح" ..بقلم: عبد الناصر النجار



إن التعاطي مع السياسة أو التحليل السياسي، بشكل ساذج أو سطحي، يؤدي إلى آراء أكثر سذاجةً وسطحيةً، وربما هذا ما حدث من أقاويل و"تقاويل" حول الرسالة الفلسطينية إلى الجانب الإسرائيلي، وأهمية هذه الرسالة، وأسباب تغيير الوفد، الذي كان من المفترض أن يحملها، في اللحظة الأخيرة!. من بين ما طُرِح بشكل ساذج الادعاء أن رئيس الحكومة الدكتور سلام فياض قال إنه لن ينقل الرسالة؛ لأنه ليس ساعي بريد عند حركة فتح.. هذا التحليل السطحي محاولة للاستخفاف بعقول المواطنين، ولا يرتقي إلى الحد الأدنى من كيفية التعاطي الصحيح مع السياسة الفلسطينية المعقدة!. والبعض هنا يحاول أن يظهر وكأن الرسالة هي رسالة حركة فتح، وليست رسالة منظمة التحرير أو السلطة الوطنية، وهذا مجاف للحقيقة.. فالرسالة هي رسالة السلطة الوطنية بمرجعيتها الأولى والأساسية؛ منظمة التحرير الفلسطينية.. وليست رسالة "فتح"، التي هي ركيزة أساسية في السياسة الفلسطينية. حملت الرسالة، التي أعلن عنها منذ أسابيع طويلة، عناوين أساسية للواقع الفلسطيني والمسيرة السياسية، بعد أن أغلقت سياسة الاحتلال آفاق السلام بشكل كامل، وبعد أن بدأت تظهر إفرازات سياسة الأمر الواقع التي تتبناها حكومة الليكود الإسرائيلية والأحزاب اليمينية المتحالفة معها، والتي خلقت حقائق على الأرض، يستحيل معها تحقيق حل الدولتين.. خاصة في ظل الاستيطان المكثف في كل الأراضي الفلسطينية دون استثناء، وانتشار المستوطنات والبؤر الاستيطانية بشكل سرطاني، الأمر الذي يجعل مفهوم التواصل الجغرافي في الأراضي الفلسطينية أمراً مستحيلاً!. اعتمدت المواقف الإسرائيلية، خلال السنتين الماضيتين، على قاعدة أن السلام ليس أولويةً لليمين المتطرف في إسرائيل، في ظل انتشار مفاهيم عنصرية واضحة المعالم في كل الاتجاهات.. إضافة إلى الواقع الدولي والعربي المتردي، وغير القادر على الفعل، باستثناء بعض الاستنكار والتنديد لمواقف إسرائيلية، والذي لا يكون له أي أثر على الأرض. في ظل هذا الوضع السياسي، وشعور السلطة الفلسطينية بتآكل إنجازاتها، وعدم قدرتها على الاستمرار في حالة الجمود أو التجميد الإسرائيلية.. ومواقف اللجنة الرباعية الهزيلة.. كان لا بد من تحريك المياه السياسية الآسنة بقذف الرسالة لتحريك المياه، على الأقل إلى حين إجراء الانتخابات الأميركية الجديدة.. مع العلم أن السياسة الأميركية هي الثابتة، والمتغيّر هو الرؤساء.. ولكن مصلحة الرؤساء تقتضي ـ في كثير من الأوقات ـ الابتعاد عن الملف السياسي الشرق أوسطي، وخاصة القضية الفلسطينية؛ نظراً لارتباطها بالحركة الصهيونية وجمعيات الضغط اليهودي. وعودة إلى الرسالة التي سلّمها الدكتور صائب عريقات وماجد فرج.. فإنه من الأولى أن يقوم السيد عريقات بتسليم هذه الرسالة، كونه المسؤول الأول عن ملف المفاوضات السياسية، والرسالة هي جزء أساسي من هذا الملف.. وهذا ما تم في النهاية، ولكن لم تتضح حتى الآن الظروف التي أدت إلى تغيير تشكيلة الوفد، الذي كان من المقرر أن يسلّمها، وعلى رأسه رئيس الحكومة سلام فياض. الواضح أن هناك ملاحظات سياسية عند فياض، وربما جاءت أهم هذه الملاحظات في إطار التخوف من أن تعتبر الرسالة الفلسطينية وكأنها تمثّل المرجعيات التي يطالب بها الجانب الفلسطيني، ومن ثم سيأتي الرد الإسرائيلي الذي سيعبّر عن وجهة نظره في هذه المرجعيات.. وبالتالي إعطاء فرصة للجنة الرباعية أو الولايات المتحدة للضغط باتجاه حل وسط توافقي بين وجهتي النظر حول المرجعيات، وهذا سينعكس سلباً على القضية الفلسطينية.. ربما هذه هي وجهة نظر يجب أن نحترمها، اتفقنا أم اختلفنا معها. ولكن، كان من المفترض ألا يتم الاستعجال في إرسال هذه الرسالة، بعد أن أعلن عنها قبل عدة أشهر، وتأخيرها عدة أيام، مثلاً، لمزيد من النقاش الداخلي، بعد التعديلات التي أجريت عليها، والتأكيد على أنها جزء من الحراك السياسي أكثر من كونها حلاً للقضية، كما حاول البعض تفسيرها. القضية الأخرى، هي في تحليل أهمية الرسالة.. أو أهمية الوفد الناقل.. وبالتالي، إذا اعتبرنا أن الرسالة هي المهمة، فلا مجال لتحليلات تحيد عن هذا الواقع.. وإذا اعتبرنا أن الوفد هو الأهم، فإننا نفرغ الرسالة من مضمونها. في النهاية، يجب أن تفهم العلاقة الجدلية بين رئيس الحكومة وحركة فتح، على قاعدة أن حركة فتح داعمة لفياض، الذي ليس عضواً في الحركة ولا يمثلها.. ولكن في الإطار العام لإستراتيجيات الحركة، التي يجب ألا يتجاوزها أحد، لأن ذلك ستكون له انعكاسات خطيرة تعطي الفرصة لتحليلات وآراء غريبة عجيبة!. حركة فتح هي التي تملك القوة بثقلها السياسي كرافعة للسلطة الوطنية، دون الانتقاص من مواقف الشخصيات أو الأحزاب والقوى الوطنية؛ لأنها جميعاً تصبّ في إطار سياسي واحد عنوانه؛ القضية الفلسطينية، وهي الأساس.. والرئاسة هي قمّة المرجعيات، دون منازع. abnajjarbzu@gmail.com