خبر : مصير السلطة.. وخيارات المقاومة...بعد رسالة عباس إعلان الإفلاس..!! ...بقلم: عماد عفانة

الإثنين 16 أبريل 2012 11:02 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مصير السلطة.. وخيارات المقاومة...بعد رسالة عباس إعلان الإفلاس..!! ...بقلم: عماد عفانة



اعتادت الدول ككيانات سياسية كما التجمعات الأخرى سواء الاقتصادية كالشركات والمؤسسات أو البشرية كالشعوب والقبائل أو حتى العائلات، اعتادت كل المكونات للمجتمع البشري أن لا تطلق رصاصتها الأخيرة ..ألا ترفع يديها مستسلمة..ألا ترفع الرايات البيضاء  أو الدخان الأبيض إلا بعد أن تستنفذ كافة الجهود وتوقن بأنها إن لم تفعل ذلك فهي مشرفة على الهلاك.الولايات المتحدة الأمريكية لم تقدم على إلقاء قنابلها النووية على اليابان إلا بعد أن أيقنت أنها تتعرض لتهديد حقيق وخطر وجودي من قوة استعمارية أخرى، لذلك ألقت بآخر سلاح لديها.وما استسلمت  اليابان إلا بعد أن أيقنت أن أمتها ستهلك إن لم تفعل، ولو علمت اليابان أن القنابل النووية هي الوحيدة لدى أمريكا ولا يوجد غيرها ما استسلمت. فمنذ 1993 عندما وقعت منظمة الحرير مع الاحتلال اتفاق إعلان المبادئ وتبادلت مع العدو وثائق الاعتراف، والسلطة تستنفذ المحاولات وتبذل أقصى الجهود من أجل الوصول إلى تطبيق نزيه لهذا الإعلان، وذلك عبر جملة من الاتفاقات والبروتوكولات مثل :- توقيع الاتفاق الانتقالي عام 1995م.- توقيع اتفاق واي ريفر عام 1998م.- توقيع   بروتوكول  الخليل عام 1998م.- توقيع اتفاق شرم الشيخ عام 1999م.- عقد محادثات كامب ديفيد عام 2000م.- عقد محادثات انابوليس وما بعدها عام 2007-2008م. - عقد محادثات من نيويورك إلى شرم الشيخ وصولا إلى القدس الغربية عام 2010م.- ثم أخيرا اللقاءات الاستكشافية 2021م.غني عن القول أن ياسر عرفات قام بهذه الانعطافة التاريخية قبل نحو عشرون عاما التي انتقل بمنظمته بموجبها من خيار الثورة لانجاز التحرير الكامل للتراب الفلسطيني إلى خيار الدولة على أقل من 22% من ترابها التاريخي، ومن الاحتلال إلى الاستقلال.إلا واقع السلطة يقول على لسان قادتها أصحاب خيار التفاوض والتفاوض فقط لتحصيل الحقوق وانجاز الاستقلال، يقول عباس في رسالة إعلان الإفلاس " فان السلطة الفلسطينية لم يعد لها أي سلطة، وأصبحت دون ولاية حقيقية في المجالات السياسية والاقتصادية  والجغرافية والأمنية، أي أن السلطة فقدت مبرر وجودها".وكلام عباس هذا ليس جديدا في ساحتنا الفلسطينية فلطالما ردده وكرره على مسامعه عدد كبير من رموز وقيادات شعبنا وفصائله المختلفة، إلا أن وعي عباس بهذه الحقيقة أتى متأخرا جدا، وكما قيل أن يأتي هذا الوعي متأخرا خيرا من أن لا يأتي أبدا.لكن المشكلة الحقيقة ورغم وعي عباس وفريقه التفاوضي بأن الاحتلال  أفرغ السلطة من مضمونها على  مدار السنوات العشرين الماضية، وأنه قضى على الثورة التي قادتها منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح دون أن تنجز لا الدولة ولا حتى الاستقلال على شبر واحد من الوطن.المشكلة أن عباس وفريق المقاطعة غير مؤمنين حتى هذه اللحظة بأي خيار آخر غير خيار التفاوض، وغير مدركين حتى الآن أن خيار التفاوض يورد شعبنا المهالك باغتصاب الأرض وتهويد المقدسات وتشريد الشعب، عدا عن أنه يديم في جنباته أسباب الانقسام والفرقة الموصلة إلى الضعف.شخصيا لا أتوقع تجاوبا من نتنياهو على رسالة عباس إعلان الإفلاس السياسي ولو بالحد الأدنى.وعليه وفي الوقت الذي يوضح عباس فيه خياره السياسي في هذه الحالة وهو إعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة لمسؤولية الاحتلال مرة أخرى وإنهاء دور الوكيل الذي لعبته السلطة على مدار السنوات الطويلة الماضية، فان عباس لم ولا يسمح بإعداد شعبنا وقواه الحية لهذا الخيار وهو خيار عودة الاحتلال لالتزاماته عن الشعب تحت الاحتلال.ففي الوقت الذي وفرت فيه السلطة للعدو المحتل احتلال مجانيا للأراضي الفلسطينية تدفع تكلفته الدول العربية والأجنبية المانحة، ويدفع شعبنا ثمنه من كرامته ومن حريته ومن أمنه ومن حقه في أرضه، عملت السلطة في ذات الوقت على سحق أي بذور لنمو مقاومة قادرة على تشكيل تهديد للاحتلال وأمنه وسلامة مغتصبيه فضلا عن إجباره على الاندحار عن أرضنا كما فعلت المقاومة في غزة.إعادة المسؤولية المباشرة للاحتلال تعني عودة العلاقة الطبيعية بين العدو المحتل والشعب الذي يحتله ألا وهو علاقة المقاومة والمدافعة والتصدي لكل مخططاته وضربه في كل مكان حتى يتم إجباره على الرحيل. لكن والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا هل ستسمح القوات الأمنية التي بناها الجنرالات الأمريكيون ديتون وبيرنز والتي صنعوا خلالها الفلسطيني الجديد المتجرد من أي مضمون أو بعد أو حس وطني أو كرامة، هل ستسمح بعد إعلان انهيار السلطة لأي مقاومة بالنمو في الضفة المحتلة، أم سيعمل الاحتلال على تحويل هذه القوات عبر الإغراءات المالية إلى جيب أمني وفرقة متقدمة لتمارس دور الوكيل الأمني تماما كالدور الذي لعبته في لبنان قوات سعد حداد ومن بعد قوات لحد..!!وهل سيسمح المتنفذون المستفيدون من الاحتلال ووجوده والذي سمنهم الاحتلال طوال السنوات الماضية هل سيسمحوا للسلطة بالانهيار، وهل سيسمحوا لأي قوة مقاومة بالظهور لتهدد مصالحهم ووجودهم...!!.وهنا يأتي الدور على الفصائل الفلسطينية وخصوصا فصائل المقاومة وليس الفصائل المنهارة مع انهيار خيار المنظمة ونهجها السياسي، لتجيب على التساؤلات التالية:- هل هي على قدر التحدي القادم لجهة العودة بالشعب إلى العلاقة الطبيعية مع الاحتلال وهي علاقة المقاومة..!!.- وهل قوى المقاومة وقوى شعبنا الحية قادرة على النهوض بمستلزمات شعبنا على مختلف الصعد لتصبح قادرة على استيعاب حالة انهيار السلطة وانتقالها من مربع التعايش معه الاحتلال إلى مربع مقاومته بشكل جماعي وكلي ..!!- وهل قوى المقاومة قادرة على خلق أجواء مختلفة على أرض الضفة المحتلة لجهة إشعار العدو المحتل بوجود فرق رهيب بين وجود السلطة- كوكيل أمني لقمع المقاومة- وبين غيابها الذي يولد حضورا بارزا للمقاومة فيها...!!.في ظل روح العلو التي تسيطر على كيان العدو وقادته والتي لا يستطيعون معها استيعاب حالة وأبعاد التغيرات الجيوسياسية المحيطة بفلسطين والتي صنعها الربيع العربي والشتاء الاسلامي، لا يمكن توقع استجابة الاحتلال لرسالة عباس التي تنقط ضعفا وذلا.وفي ظل الإرادة التوسعية لكيان العدو على حساب أرضنا الفلسطينية بل وعلى حساب أراضي الدول المحيطة لا يمكن توقع انسحابا الصهيونية  مجانيا من الضفة المحتلة، فالمفاوض الذي لا تسنده القوة هو حرث في البحر.وعليه علينا أن ننتظر كفلسطينيين أيام صعبة وعسيرة، حيث من المتوقع أن يواجه شعبنا عموما وفي الضفة المحتلة على وجه الخصوص وموظفي السلطة في غزة أزمات اقتصادية كبيرة سيولدها تخلي السلطة عن مسؤولياتها المالية وتنصل الاحتلال المتوقع من هذه المسؤوليات، الأمر الذي سيعاني منه جميع موظفي السلطة القابعين في قطاع غزة ما سيلقي على حكومة غزة أعباء مالية واقتصادية كبيرة لتوفير سبل الحياة والعمل لهؤلاء.إن رسالة عباس تقول لنا أيها الفلسطينيون: رسالة عباس تمثل إعلان إفلاس سياسي وفشل كامل لخيار ونهج المفاوضات، وبات عليكم الاستعداد لكل مستلزمات الخيار الآخر وهو خيار المقاومة بكل ألوانها وأنواعها.لا أتوقع من جميع قوانا الفلسطينية الحية إلا أن تعلن حالة الإستنفار الكامل استعداد لكافة الخيارات الصعبة القادمة والتحديات المقبلة على عدد من المستويات أهمها:- المستوى السياسي المرجعي والتمثيلي الذي يستلزم إعادة بناء المرجعية الجامعة للشعب الفلسطيني في شتى أماكن تواجده والتي كانت تمثلها منظمة التحرير قبل أن يتم تغييبها وتواريها خلف السلطة.- المستوى السياسي الإداري وهذا المستوى تتبعه مكونات السلطة المنحلة وهي السلطة التنفيذية والسلطة الأمنية والسلطة التشريعية، فإذا كانت هذه الأشياء ستتلاشى بحل السلطة في الضفة المحتلة فماذا سيكون مصيرها في قطاع غزة..!!.وإذا كانت هذه المكونات ستتلاشى في الضفة المحتلة كمفرزات لاتفاقات أوسلو وأخواتها فما هو البديل الموضوعي الذي يستلزم بناؤه لتنظيم حياة شعبنا وإسناد صموده في الضفة والقدس المحتلة...!!.   صحفي وباحث سياسي