خبر : انتخابات حماس والسياسات العاقلة.. مصطفى إبراهيم

السبت 14 أبريل 2012 11:52 ص / بتوقيت القدس +2GMT
انتخابات حماس والسياسات العاقلة.. مصطفى إبراهيم



تجرى الانتخابات الداخلية في حركة حماس في جميع مستويات الحركة التنظيمية وفي جميع اماكن تواجدها، بدءً من مجلس الشورى والهيئات القيادية التنظيمية الدنيا والوسطى والسياسية انتهاء بالمكتب السياسي المنوط به قيادة الحركة ورسم سياساتها وإستراتيجيتها للفترة المقبلة. وتأتي في ظل تباين المواقف والخلافات في المستوى القيادي على اثر التوقيع على اعلان الدوحة، وكذلك إعلان خالد مشعل الاعتذار وعدم ترشيحه لنفسه لقيادة الحركة مرة ثالثة، وغياب المعلومات حول المنافسين له، كما تجرى الانتخابات بدون قوائم وتكتلات أو انتخابات تمهيدية، وبسرية كبيرة ومن دون دعاية او ضجيج إعلامي. ومع ذلك هناك تركيز إعلامي على الانتخابات الداخلية لحماس في ظل تسريبات محدودة جدا وغير مؤكدة حول التنافس الشديد خاصة بين قيادة الحركة في قطاع غزة والأنباء التي تتحدث عن فشل قيادات كبيرة وذات وزن ونجاح وصعود قيادات جديدة لم تعرف بعد، ومن هذه التسريبات انه لم ينجح أي من الوزراء باستثناء واحد او اثنين في حكومة هنيه، وكثير من المسؤولين في الوزارات والمؤسسات الاخرى بما فبهم اعضاء من المجلس التشريعي لم يحققوا نجاحا يمكنهم من تبوء مواقع قيادية في الحركة. الانتخابات تجرى في ظل تحولات تشهدها المنطقة العربية خاصة في مصر، ولم تؤشر تلك الاحداث على استفادة حركة حماس من تلك التحولات في المدى القريب، وما زالت حماس تعاني من عدم الاعتراف بها سياسيا من بعض الدول العربية ولم تعترف بشرعيتها، فالمجلس العسكري المصري بعد الثورة لم يغير كثيرا في طريقة تعامله مع حركة حماس خاصة حكومتها، وما زال يرفض استقبال وزرائها أو المسؤولين فيها، و قنوات الاتصال ما تزال تتم عبر جهاز المخابرات. وتجرى الانتخابات في ظل استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة ولم تتم أي إنفراجة حتى الان في فك الحصار، وتعيش الحركة ازمة كبيرة وعدم رضى الناس عن سياساتها وطريقة حكمها للقطاع وتفردها وعدم مشاركتها الناس في الحكم بالإضافة لاستمرار الانقسام والاتهامات الموجهة لها في تعنتها بإتمام المصالحة، والاعتداء على الحريات العامة وحقوق الانسان، وفرض الضرائب وعدم تعزيز صمود الناس والتخفيف عنهم في ظل الاوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة. وكان للازمة الاخيرة التي يعيشها قطاع غزة وفشل الحكومة في توفير الحد الادنى من العيش الكريم للناس وفشلها في ادارة ملف الوقود والكهرباء وعجزها عن تدارك الازمة منذ بدايتها، وعدم اتباعها السياسات العاقلة في كثير من القضايا خلال الاعوام السابقة من حكمها وسيطرتها على قطاع غزة. حماس منذ فوزها في الانتخابات التشريعية في العام 2006، وعدت الناس بالإصلاح والتغيير والشفافية في الحكم وتقديم نموذجا مختلفا عن سابقتها حركة فتح، ولم يشعر الناس بما فيهم أعضاء حماس بتغيير حقيقي وانها لم تقدم لهم النموذج الافضل في الحكم وتغير حياتهم الى الأحسن من خلال تحسين مستواهم على جميع المستويات الصحية والتعليمية والمعيشية والخدماتية. ولا اعتقد ان قيادة حركة حماس كانت مرتاحة الضمير امام الناس وخاصة اعضائها خلال فترة حكمها وعجز الحكومة في كثير من الملفات، وربما كان للازمة الاخيرة من تفاقم ازمة الكهرباء والوقود، حيث بدا الموقف في قطاع غزة قابل للانفجار في وجه الحركة وحكومتها، وكان هناك تململ وشكوى وعدم رضى من اداء وسياسة الحكومة في ادارة الازمات المتلاحقة وفي مقدمتها أزمة الكهرباء حتى من قبل قيادات وأعضاء في الحركة. وإذا ما صدقت التسريبات وهي من داخل حماس حول فشل قيادات كبيرة من قطاع غزة خاصة في الحكومة من تحقيق نتائج ايجابية لتولي مناصب تنظيمية وسياسية في الفترة القادمة، فان ذلك يؤكد على وعي اعضاء الحركة وقدرتهم على محاسبة من يفشل في ادارة شؤون الحركة والناس، وعدم قيامها بواجبها خاصة في قطاع غزة. الانتخابات في حركة حماس ربما تكون شانا داخلياً، لكن الحركة بحجمها ووزنها الداخلي الفلسطيني والإقليمي وهي تتأثر بالعلاقات القائمة في محيطها الفلسطيني، وتجربتها كبيرة وما زالت في شبابها وأبنائها هم أبناء مجتمعاتهم ويتأثرون ويتفاعلون معها، فالمطلوب منها اتباع السياسات العاقلة والمعتدلة، والعمل بشكل جدي وحقيقي على انهاء الانقسام والتأسيس لمرحلة جديدة على اساس الوحدة الوطنية ومشاركة الكل الفلسطيني والتوافق والابتعاد عن الهيمنة والتفرد الذي يسود النظام السياسي الفلسطيني.Mustafamm2001@yahoo.commustafa2.wordpress.com