خبر : تصريحات موفاز: خطوات فلسطينية مطلوبة ... بقلم: أشرف العجرمي

الأربعاء 11 أبريل 2012 11:49 ص / بتوقيت القدس +2GMT
تصريحات موفاز: خطوات فلسطينية مطلوبة ... بقلم: أشرف العجرمي



لم يحظ فوز شاؤول موفاز برئاسة حزب "كديما" بأغلبية كبيرة باهتمام جدي في الساحة الفلسطينية، سوى التعبير عن مشاعر الاحباط وخيبة الأمل التي لا تفارق المشهد السياسي منذ وصول بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة في إسرائيل. فموفاز ينتمي إلى اليمين، وطوال الوقت كان يعبر عن مواقف مختلفة عن موقف زعيمة حزبه السابقة تسيبي ليفني، وخاصة عندما أعلن عن خطته السياسية التي تتضمن إقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة (في حوالي 65% من الأراضي المحتلة) والتفاوض مع الفلسطينيين على الحدود الدائمة وباقي قضايا الصراع للتوصل إلى تسوية شاملة في غضون عام. وعندما فاز موفاز رأى الفلسطينيون في فوزه انتصاراً لمعسكر اليمين وتعبيراً عن استمرار توجه الخارطة الحزبية الإسرائيلية نحو اليمين واليمين المتطرف. لكن موفاز، الذي نشط بصورة ملحوظة في أوساط حزبه قبل الانتخابات وعرف كيف يصل إلى كل النشطاء ومعظم الناخبين، يثير الساحة السياسية الإسرائيلية بتصريحات تبدو أكثر وضوحاً وتجيب عن العديد من الأسئلة الحيوية مقارنة مع زعيمة حزبه السابقة ومع نظرائه قادة أحزاب اليمين، وحتى أوضح من مواقف زعيمة حزب العمل شيلي يحيموفيتش التي لم تطرح جديداً سوى التركيز على القضايا الاجتماعية ـ الاقتصادية بشكل رئيسي. موفاز يطرح رؤية متكاملة لحل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي انطلاقاً من إدراكه أن حل الصراع هو في مصلحة إسرائيل حيث إن الوقت لا يسير لصالحها، وهو يخشى من التطورات التي تحدث في الإقليم حول إسرائيل وبالذات في أعقاب الثورات العربية أو ما يسمى "الربيع العربي" وهو يرى أن محاولة تجاهل الصراع، وصرف الأنظار عن المشكلة الفلسطينية بمثابة هروب من استحقاقات ستدفع إسرائيل ثمنها لاحقاً. ويذهب موفاز بعيداً بالمقارنة مع زعيمة "كديما" السابقة عندما يقول إنه "يجب إعطاء الفلسطينيين 100% من مطالبهم الإقليمية" أي انه يوافق على حصول الفلسطينيين على كامل مساحة الأراضي المحتلة منذ العام 1967 مع إجراء تبادل للأراضي، وهو مستعد كذلك للتنازل عن بعض أحياء القدس الشرقية التي على الأطراف. وهذا موقف متقدم عن مواقف سياسيين عديدين في إسرائيل. لكن موفاز يعتقد أن الحل يجب أن يتم على مرحلتين: الأولى، هي منح الفلسطينيين ما بين 60 ـ 65% من مساحة الأراضي المحتلة تعلن عليها دولة ذات حدود مؤقتة، وتقدم إسرائيل ضمانات لهم بحصولهم على 100% من مساحة هذه الأراضي، وتجرى خلال سنة مفاوضات للتوصل إلى حل بشأن الأمن والحدود. ويتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة. هذه الرؤية التي يحملها موفاز أثارت ردود فعل متطرفة في أوساط اليمين الذين اتهموه بأنه يتنازل عن حقوقهم للفلسطينيين وانه يستجيب لمطالبهم الإقليمية وبالتالي لا يصلح أن يكون رئيس حكومة لإسرائيل. وما يقلق أطراف اليمين المتشدد في إسرائيل هو انتماء موفاز لمعسكر اليمين من جهة، وكونه جنرالاً احتياطياً ورئيس هيئة أركان ووزير دفاع سابقا من جهة أخرى، وبالتالي لا أحد يتهمه باليسارية أو التفريط أو عدم الفهم بأمور الأمن والمخاطر المحدقة بإسرائيل. بطبيعة الحال، رؤية موفاز غير مقبولة فلسطينياً بصورة كاملة، ولكنها تحمل العديد من الإيجابيات التي يجب النظر إليها بإمعان وخاصة الموافقة الصريحة على حل على أساس حدود 1967 مع تبادل للأراضي. وبالتالي يمكن أن تتطور من خلال حوار وبحث معمقين إلى خطة مقبولة على الجانب الفلسطيني، بحيث تتضمن الاتفاق أولاً على الاعتراف بدولة في حدود العام 1967 من قبل إسرائيل والأمم المتحدة والتوصل إلى اتفاق بترسيم الحدود، وبعدها يمكن البحث في تطبيق الاتفاق على فترة زمنية معينة، وإجراء مفاوضات حول القضايا الأخرى خلال فترة لا تتجاوز العام الواحد. ولا شك أن أي تفاهم فلسطيني ـ إسرائيلي على حل مقبول لدى الطرفين من شأنه أن يساهم في إعادة إحياء العملية السياسية. ويمكن لمثل هذا التفاهم أن يعيد تشكيل الخارطة الحزبية من جديد ويسمح بصعود القوى الأكثر اعتدالاً في إسرائيل. صحيح أن موفاز لا يحظى بشعبية واسعة لدى الجمهور الإسرائيلي وأن أول استطلاع بعد فوزه برئاسة حزب "كديما" أظهر انخفاضاً في شعبية "كديما"، ولكنه يعتقد أن الجمهور عندما يعرفه أكثر سيدعمه أكثر. خاصة وهو يركز كذلك على القضايا الاجتماعية الاقتصادية، ويشير إلى أن التوقف عن البناء الاستيطاني يمكن أن يوفر موارد لحل الكثير من هذه القضايا. من هنا، يبدو مفيداً أن تبدأ القيادة الفلسطينية بإجراء حوار مع موفاز وكذلك مع أطراف المعارضة الإسرائيلية الأخرى ولو بشكل غير علني وغير رسمي من أجل التوصل إلى اتفاقات أو تفاهمات سياسية لمرحلة ما بعد نتنياهو، أو حتى لاحتمال إجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل. مع الأخذ بالاعتبار أن 57% من الجمهور الإسرائيلي يؤيد رؤية موفاز السياسية. ولو نجحنا في التوصل إلى تفاهمات مشتركة مع هذه الأطراف أو بعضها ودخلت الولايات المتحدة على الخط وتبنتها، فهذا من دون شك سيساهم في إحداث تغيير سياسي في إسرائيل وربما يقود إلى تغيير الحكومة اليمينية المتطرفة بحكومة أكثر اعتدالاً تذهب نحو تسوية سياسية شاملة. المهم ألاّ نبقى في وضع المتفرج على الأحداث والتعليق عليها من بعيد، فالسياسة لعبة تتطلب الكثير من الحراك والمبادرة وامتلاك أوراق التأثير والتغيير. والتهديد باتخاذ خطوات شعبوية أو انتحارية لا يجدي نفعاً، بل المطلوب استخدام كل وسائل الضغط والقوة من أجل إحداث التغيير المطلوب من أجل الوصول إلى الحد الأدنى من الحقوق الوطنية والسياسية وفي مقدمتها الحق في دولة سيادية مستقلة.