خبر : كيف نعلم اطفالنا التسامح وتقبل الاخر؟ ...خليل الحلبي

الثلاثاء 03 أبريل 2012 07:12 م / بتوقيت القدس +2GMT
كيف نعلم اطفالنا التسامح وتقبل الاخر؟ ...خليل الحلبي



الإسلام دين التسامح، يحقق السعادة والسلم، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعثت "بالحنفية السمحة".وللتسامح قيمة كبيرة في الإسلام، فهو نابع من السماحة بكل ما  تعنية من حرية ومساواة في غير تفوق جنسي أو تميز عنصري، لقد حثنا ديننا الحنيف على الإيمان بجميع الديانات السماوية السابقة حيث قال الله تعالى في سورة البقرة:"آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنين كل بالله وملائكته وكتبه ورسله لا يفرق بين احد من رسله". والتسامح ليس هو التنازل أو الحياد او التساهل اتجاه الآخر. بل هو الإعتراف بالآخر، إنه الاحترام المتبادل والاعتراف بالحقوق العالمية للشخص، وبالحريات الأساسية للآخرين، وإنه وحده  الكفيل بتحقيق العيش المشترك بين الشعوب يطبعها التنوع والاختلاف‘ وهو يعد القوة حينما يكون نابعاً من موقف قوة وحق، حينئذ يكون تسامحاً وعفواً عند المقدرة، فيجب أن نوضح لأبنائنا المواقف التي يكون فيها التسامح من قوة، وبالتالي يصبح سلوكاً محموداً، وقد عد القرآن الكريم هذه الصفة وغيرها طريق الفلاح التي تسرع بصاحبها إلى الجنات العلا فقال تعالى:" وسارعوا مغفرة إلى ربكم  وجنة عرضها السموات والأرض اعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ العافين عن الناس والله يحب المحسنين".(آل عمران 133-134).وعن عبادة بن الصامت رضى اللله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ألا أنبئكم بما يشرف الله البنيان ويرفع الدرجات ؟ قالو بلى يارسول الله، قال:" تحلم على من جهل عليك وتعفو عمن    ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك". رواه القرطبي.ولكن ثمة أمور لا بد من توفيرها لتربية أطفالنا على روح التسامح منها:توفير بيئة مترلية تقوم العطاء، وعدم الحقد بين أفرادها، والتنازل عن الكثير من المواقف أمام الأطفال وتعليم الطفل النظر إلى الآخرين بعين الصداقة والرحمة عن طريق تشجيعه لتقديم قسم ما يمتلكه من مال او ملابس أو هدايا وألعاب إلى الفقراء الأقرباء، ومن المفترض أيضاً أن يكون الأهل هم القدوة لأبنائهم في موضوع التسامح بدءاً من الخلافات العائلية التي تحصل أمام الأولاد، مروراً بالخلافات بين الأهل والأخوة، أي ضمن الاسرة وبينها وبين الأسر الأخرى، فكلما شاهد الطفل روح التسامح لدى أهله تمثل بها، والمعروف هنا أن الطفل الذي يتصرف بعنف هو نتاج أسرة عدوانية، فالتسامح هو المعنى المعاكس للغضب، فإن اساء طفل الى أخر لا بد من تعليمه فضيلة الإعتذار بدل الإصرار على العداء والمطالبة بالإنتقام. وإبعاده عن مشاهد الأفلام التي تقوم على الكيد والضغينه ونصب الأفخاخ   وغيرها التي تزرع في نفوس الأطفال حب الإنتقام وردود الأفعال القاسية والعنيفة.وتوفير القصص والروايات التي تشجع الأطفال على التسامح والإعلاء من قيمة الإنسان المتسامح ودوره في بناء المجتمع والوطن، وتوفير الدمى والألعاب التي تشجع على العطاء والبذل والتضحية عوضاً عن الألعاب التي تشجع على البغض والقتل والتحطيم وعدم احترام الآخر، وعلى المشاركة في الألعاب الجماعية مع آقرانهم وابعاد الأطفال عن الألعاب الفردية   التي تحوله إلى آلة فتقتل في الطفل الوجدان والمشاعر والعواطف.وأيضاً تعريف الطفل إلى رموز الأمة التي قدمت بأعمالها نماذج من التسامح مع الآخرين حفظها التاريخ بدءاً من الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة وحتى عصرنا الحاضر.ولا بد قبل هذا وذاك   من إعداد مناهج تربوية تحث على  ثقافة التسامح، وعلى تقبل الآخر من المخالفين لنا في الراي، لأن مناهجنا الحاضرة تكاد تربي الفرد على كل ما في التاريخ من صراعات وخلافات يعاد التذكير بها في مختلف الدراسات.ولا بد من الثقافة الإسلامية أولاً وآخراً، وما دعنا إليه رب العزة عز وجل في سورة الأعراف أية 199:"خذ العفو ,وامربالمعروف واعرض عن الجاهلين".صدق الله العظيم.ومن قصص العفو التي لا مثيل لها بين الناس، عفو رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زعيم المنافقين عبد الله بن ابى، وقد كان عدواً لدوداً للمسلمين، يتربص بهم الدوائر، ويحالف عليهم الشيطان، لا يجد فرصة عنها وجعل المرجفين يتهامسون بالإفك حولها، ويحاولون أن يهزوا أركان المجتمع الإسلامي هزاً بهذا الإتهام الدنئ، وتقاليد الشرق من قديم تجعل عرض المرأة في الذروة من القداسة، وتربط به كرامتها وكرامة أهلها،لذلك كان حز الألم قاسياً في نفس الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وكانت الغضاضة من هذا التلقيق الجرئ تملأ نفوسهم كآبه وغماً، حتى نزلت الآيات آخر الأمر تكشف مكر المنافقين وتفضح ما اجتبرحوا، وتنوه بطهر أم المؤمنين ونقاء صفحتها حيث يقول الله تعالى: "إن الذين جاوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم".  وجاء ولد عبد الله بن ابى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب منه الصفح عن أبيه فصفح عنه، ثم طلب منه أن يكفن في قميصه فمنحه إياه، ثم طلب منه أن يصلي ويستغفر له، لم يرد له الرسول الكريم المتسامح هذا الطلب أيضاً، بل وقف أمام جثمان الطاعن في عرضه بالأمس يستدر له المغفرة، لكن العدالة العليا حسمت الأمر .              نائب مدير برنامج التعليم في وكالة الغوث بغزة