يبدو أن حركة الأخوان المسلمين في مصر على عجلة من أمرها،وأنها باتت تعمل وفق القاعدة المعروفة :" إذا هبت رياحك :فأنتهزها" ولهذا سارعت إلى قطف ثمار آخر ما تبقى من ثمار ثورة الربيع المصري ،بتسمية مرشحها لانتخابات الرئاسة المصرية في حزيران المقبل ، المهندس خيرت الشاطر نائب رئيس مجلس شورى الحركة.ترشيح الشاطر في هذا الجو الخماسيني العاصف، وغير الماطر لانتخابات الرئاسة المصرية في ظل زحمة المرشحين من إسلاميين و وطنيين وبعد مداولات استمرت أكثر من خمس ساعات لمجلس شورى الحركة وبأغلبية ضئيلة " ستة وخمسون صوتا مقابل اثنين وخمسين صوتا من أصل مجموع الأصوات البالغ عددها مائة وأربعة أصوات" وبغض النظر عن كونه غفلة أو غلطة أم مهارة وشطارة ــ فأنه يكشف عن عدة أمور ودلالات:أولها أن الحركة غلبت مصلحتها الخاصة على مصلحة الشعب المصري،وآثرت الاستئثار بمطلق الحكم في مصر ــ رئاسة وبرلمان وشوري ــ ضاربة بذلك عرض الحائط بالتزاماتها وتعهداتها السابقة بعدم تقديم أي ّمرشح لها من داخل الحركة، والاكتفاء بدعم مرشح من خارجها، رغم ما يثيره هذا الترشيح من خلافات مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة وسائر القوى والأحزاب الفاعلة في الساحة المصرية ـ إسلامية وغير إسلامية.وثانيها أن الحركة ربما تكون قد تغلبت على عقدة الاعتراف الأمريكي ،وحصلت على الضوء الأخضر لهذا الترشيح من الإدارة الأمريكية وهذا الأمر لا يمكن أن يمر إلا بتعهدين اثنين لا ثالث لهما . وهما ضمان المصالح الأمريكية في المنطقة، وضمان أمن إسرائيل بالاعتراف" صراحة وكريستياليا"، باتفاقيات "كامب ديفيد" المبرمة مع حكومة الراحل السادات ، وملاحقها المبرمة مع حكومة الرئيس المخلوع حسنى مبارك،و هذا ما يفسر الانقسام الواضح في المجلس وعدم حصول الشاطر على الأغلبية المطلقة من حزبه للترشيح لهذه الانتخابات ،كما يفسّر صمت الإدارة الأمريكية حتى الآن على هذا الترشيح، حتى لا يعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية المصرية ، الأمر الذي سيثير ــ دون ريب ــ غضب المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية ذي العلاقات الوثيقة مع هذه الإدارة، وهو ما يفسر أخيرا سرعة نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية موشى يعلون للإعلان عن عدم رفض الحكومة الإسرائيلية لهذا الترشيح ،طالما لقي قبولا أمريكيا وهو بحسب تفسير يعلون ذاته لا يعني سوى" الإقرار باتفاقيات كامب ديفد وملاحقها" من الواضح أن فوز المهندس الشاطر في انتخابات الرئاسة المصرية ــ إذا ما تمت في موعدها ــ أمر قريب المنال ،في ظل الفوز الكاسح للإسلاميين في مجلس الشعب المصري وهيمنتهم شبة المطلقة على لجنة الدستور،ولكن الأمر الذي سيظل غامضا ومبهما في المنظور القريب ــ على الأقل ــ هو قدرة الأخوان المسلمين على الخروج بمصر موحدة ، وإخراجها من أزماتها وكبواتها الاقتصادية العاصفة ، وتأهيلها للعب دورها الإقليمي والعربي ــ الذي غاب عنها طويلا، حتى بتنا لا نحس له ركزا.