خبر : مسيرة العودة: عودة الروح ... بقلم : رجب أبو سرية

الجمعة 30 مارس 2012 10:32 م / بتوقيت القدس +2GMT
مسيرة العودة: عودة الروح ... بقلم : رجب أبو سرية



"ع القدس رايحين، شهداء بالملايين"، شعار طالما ردده الراحل العظيم ياسر عرفات، وهو محاصر في المقاطعة برام الله، قبل أن يذهب شهيدا على الطريق إلى القدس، وكأنه الشعار كان الوصية الأخيرة لمؤسس ومطلق وباعث الهوية الوطنية الفلسطينية. هذا اليوم يؤكد بأن كثيرا من الوقت لم يمض حتى لبت الملايين النداء وحتى قالت : لبيك أبا عمار ! بعد مضي نحو خمس سنوات من مفاوضات مضنية مع عدو مراوغ , أدرك أبو عمار عبثية المفاوضات مع الإسرائيليين، لذا ما أن عاد من كامب ديفيد عام 2000 حتى أعطى الإشارة لإطلاق الانتفاضة الثانية، وحتى أن نقل مقر أقامته شخصيا إلى رام الله كأقرب نقطة ممكنة للقدس , وبحسه وحنكته أدرك أيضا أن انتزاع الحقوق الوطنية ما زال يحتاج كفاحا طويلا ومريرا بمضمونه الشعبي، فالملايين الزاحفة للقدس تتجاوز قدرة فصيل أو مجموعة أو نخبة، كذلك ما عاد مجديا قيادة هذا الكفاح من العواصم البعيدة _ بيروت أو تونس _ ولا حتى من أطراف الوطن _ غزة _ ولا من خلال فتح أو حماس فقط . لذا دخل عرفات البرنامج الكفاحي الشعبي دائرة الخطر، فكان قرار شارون بتصفيته جسديا، وكان ذلك من خلال فرض الحصار عليه في المقاطعة، ثم بدس السُّم له، لكن السؤال الذي يجب على كل فلسطيني أن يجيب عليه الآن , هو هل مضت روح أبو عمار من أوساط الفلسطينيين حقا ؟ أم أن مسيرة اليوم تؤكد عودة الروح للفلسطينيين , التي كان وجوده يجسدها؟. تتجاوز المسألة الحدود الضيقة لقضية القدس على أهميتها , حيث لا حل لها ولا معنى دون حل المسألة الفلسطينية من حيث هي قضية كفاح وطني بالكامل , لكن مسيرة اليوم بمضامينها وطبيعتها تؤكد على جملة الحقائق السياسية التي تعيد الاعتبار للكفاح الوطني على طريق التحقق والانجاز، حتى بعد أن غاب القائد , وهذة الاعتبارات عديدة , لكن أهمها يكمن في ما يلي : أولا _ الطابع الشعبي لهذه المسيرة , بما يؤكد الحاجة إلى زج كل قدرات الفلسطينيين بملايينهم البشرية وليس بملايين الدولارات في معركة المواجهة مع الاحتلال، متجاوزين خلافاتهم السياسية وتوزعهم الجغرافي , ذلك أن انخراط فلسطيني مناطق ال48 مع فلسطيني القدس والضفة وغزة مع فلسطيني الخارج , هو مدخل ضروري , وهو أمر لابد من تحققه حتى يمكن انتزاع الحقوق الوطنية وتوسيع دائرتها وإخراجها من عنق الزجاجة ومن دائرة التكتيك السياسي . ثانيا _ الطابع السلمي لها يؤكد على أمرين: أولهما تجاوز أن تقتصر مهمة التحرير على نخب سياسية أو عسكرية , ووضعها بين يدي المجموع الوطني الفلسطيني، كذلك فان هذا الطابع يحقق التعاطف والتأييد الدولي , ويحيد قدرة إسرائيل العسكرية ويضعها في دائرة الجبهات التي تخسر فيها والتي طالما وعلى مدار عقود مضت سعت إلى تجنبها . ثالثا _ الطابع الجماعي للمسيرة يزج بكل التجمعات الفلسطينية في مواجهة التوصل إلى حل لها يضع على طاولة البحث كل الملفات الفلسطينية وليس فقط ملف الدولة بتفاصيلها _ الحدود , الأمن , القدس , المياه , اللاجئين وما إلى ذلك , بالجملة، ويفتح الباب لشعارات وبرنامج وطني أشمل من برنامج الدولة المستقلة على حدود الخامس من حزيران عام 67 . ثم إن تنظيم وقيادة هذة المسيرة , الذي تجاوز القيادة التقليدية , نقصد بذلك الفصائل منفردة أو مجتمعة , يدخل دماء سياسية جديدة لهذة القيادة , وربما في حال تتابع هذة الفاعلية واستمرارها يخرج الفلسطينيين من مأزق الانقسام ومن " تسلط " النظام الفصائلي , بما يفتح على ربيع فلسطيني حقيقي , لا يقتصر على " فلسطيني الدولة " المنقسمة قبل أن تنشأ ! وحتى تنجح المسيرة في تحقيق أهدافها المباشرة , بوضع قضية القدس والعودة وحتى مجمل القضية الفلسطينية على طاولة البحث وضمن " الفوكس " الإعلامي في ظل انشغال المنطقة بالملفات العربية الداخلية _ آخرها الملف السوري _ أو أهدافها البعيدة , في استمرار الحراك الشعبي الفلسطيني , متجاوز الحدود والفواصل السياسية والجغرافية , على طريق أطلاق ثورة جديدة أو ثورة في الثورة , فلابد من : أولا حرص منظمي المسيرة وقادتها على عدم " اختراق " نقاط التماس و " الحدود " , وعدم استعجال الاشتباك مع جنود الاحتلال الإسرائيليين , وثانيا _ الحرص على أن لا تكون هذة المسيرة , تظاهرة عابرة تدق جدران الخزان ومن ثم تمضي، أو أن تقول كلمتها وتذهب , ذلك أن الكلمة الفصل، الأولى والأخيرة ستكون للشعب الفلسطيني، مجتمعا بملايينه العشرة، في داخل الداخل , في الداخل والشتات، ولعل طابع المسيرة _ كما أشرنا _ الذي يجمع الفلسطينيين من كل أماكن التواجد والوجود في الوطن والشتات , يؤكد هذا . لابد من البحث عن صيغة تضمن الاستمرار، ويمكن هنا الربط بالتواريخ، مثلا أن تبقى مجموعات _ ولو رمزية , في أماكن وصولها لأقرب نقطة , في دول الطوق _ الأردن , لبنان , سورية , مصر _ ولا تغادر المكان , لأنها تحضر لمسيرة 15 أيار, _ يوم النكبة , ثم لمسيرة 5 حزيران _ يوم النكسة , ويمكن مقابلها أن تمكث مجموعات بشرية من الداخل _ في غزة والضفة , تماما كما كان يفعل مواطنو الجولان , حتى يؤكدوا على حق الشعب الفلسطيني بالوحدة والتوحد وجمع الشمل , ويمكن أيضا , أطلاق بالونات التواصل ومجموعات الكترونية وكذلك أنشاء محطات إذاعية وتلفزيونية , بحيث تتواصل المجموعات البشرية , التي تفصل الحواجز والفواصل والحدود الاحتلالية فيما بينها , وهي بذلك تضع حدا _ بالتدريج _ لظاهرة الاحتلال , وحتى لظاهرة الانقسام , وتضع هذة الفاعلية الشعبية على طريق الفعل الوطني المؤثر، ومن ثم المقرر وربما فيما بعد القائد , للمصير والمستقبل الوطني , حتى يتحقق الشعار وربما يتحول إلى : ع القدس وعلى فلسطين، رايحين مناضلين ومجاهدين ومواطنين , محررين بالملايين . Rajab22@hotmail.com