خبر : هناء شلبي تفتتح معرضها ..بقلم: ريما كتانة نزال

الأحد 25 مارس 2012 09:14 ص / بتوقيت القدس +2GMT
هناء شلبي تفتتح معرضها ..بقلم: ريما كتانة نزال



هنيئا لك معرضك ورسالة تخرجك المبكر من مدارس السجون. باكورة أعمالك فاجأت الرأي العام، أعمال يدوية ولوحات تعج بالألغاز مشغولة بزرد السلاسل، أدواتها إبرة وريشة ومطرقة..مشغولات تبلورت بطرق الجدران وبحشو الخيوط في خرم إبرة، وبأعمال الدهن و"الكولاج" ونثر الخرز على مسطحات الورق والصخر والقماش، معرضك الممنوع من التنقل.. أطلقتُ عليه: غزارة المشهد.. أطلّت "هناء" على المشهد الفني في تقديمها الأول بلوحات تشكيلية أو من الغارِقة في التجريد. لطخات من الأملاح الصارخة الألوان تبخ رذاذها على الرخويات. من الحَفر المتتابع وسخونة العذاب وبرده.. جداريات تذيب الصخر، وصمت يصلي للأصابع المنهمكة في إنطاق الثوب المحمر خجلا من كشفه أمام أجهزة التفتيش. تنهمكين في صنع مفاجأة عروض الأسبوع الثاني.. تقررين الدفع بقتامتك نحو نور الشمس، لوحات مذهبة بجماليات الصمود والفخر، تلفها أمواج التفاؤل والتشاؤم. يا هناء: معرضك يصور عالماً نظيفاً لا اعتداء فيه على الانسانية أو الطبيعة، عالم يُحكم بعدالة السماء، شخوص لوحاتك تحمل موازين حسناتهم على ظهورهم. بينما يظهر قاهر الحلم متثاقلا بحمله.. ويبدو الجميع اكثر اتقاناً وحضورا في إثبات المشهد الطاغي. تتوالى العروض دفعة إثر أخرى تنتشلك من عتمة المحيط، الى نافذة تسرب دفء شعاع. ببصيرتك الشجاعة لاحظت البوابة المشرَّعة على الدروب الخضراء، فأعطيت فسحة لتناوب نسمات التفاؤل والتشاؤم، دون سقوف عالية من الأمل. تستمر العروض في التجول على القضبان الحديدية، مصاغة بريشة بريئة من عالم طاهر. أعمال تشكيلية متهكمة تختال في ساحات القمع والظلم والخراب. وأخرى تجريبية تجهد لاختبار تفاعل اضافات جديدة في لعبة غير متوازنة، على رحلة متعبة من التكيف. أعمال ومطرزات أخرى، تظهر في كل يوم جديد يمرّ على افتتاح مدرسة الإبداع، نمنمات تتسم بالخبرة والاحتساب تعلّق يوميا على جدرانها، تختلط فيها ألوان السواد مع أضواء الحرية. انك لا تنساقين خلف مدرسة فنية واحدة، بل تبدعين في تقديم هويتك النسوية، وبمزج حداثة التجربة مع تاريخ حواء الفلسطينية، لإظهار عمل منسجم الألوان يمتزج بغرابة مثالية. يتتالى تدفق الاشغال نحو لا نهائية التحدي والسخرية. يسافر من مقاطع الصخر.. الى تليين حديد الجوع وتجديد الصبر، وينتقل المعرض عبر الأثير وتتقاطع الخيوط لتشكل في حياكتها نسيجا متشابكا يحشد عالما يتفاعل بحرية ورشاقة. من هنا وحتى المعرض الأخير، لا شيء يشغلك سوى التفكير بمفاجأة العالم بعرضك، تحتارين في تجسيد ألوان التقلبات والاغماءات في محاولة بلوغ ذوبان الجسد الضعيف. تستنفرين طاقاتك لتصوير عالمك المركب، تتجاذبك المدارس الواقعية والخيالية، مزيج من المنسوجات المبكرة التي تطرح الأفكار الغنية من خارج العلب. المشهد السيريالي الأخير: تعلقين مطرزاتك ورسوم الفحم على القضبان. تحتفلين ببسالة الفكرة دون الاهتمام بالتفاصيل الجمالية بإضاءة اللوحة الخرافية، ونحتفي بتجربتك لنتأكد بأن ثمة بوابات مفتوحة على نهاية النفق، وبأن ثمة طرقا خلفية بنوافذ جانبية تتصل بالشط، وبأن لا شيء يجدد الهواء سوى فتح المزيد من النوافذ الموصدة وتحقيق أحلام اليقظة. وحتى افتتاح متحف الذاكرة، هنيئاًَ لك وانت تفتحين نوافذك للجوع، وتهجمين على النفق بخواء جسدك دون خوف، ففي نهايته تكتشفين وجه الحياة والآخرة..