هذا المقال لا يأتي ضمن سياق "التقاط العصى من وسطها"..، بل هدفه وضع نقاط الضبط على حروف الفتنه – الأزمة ..،بداية أود أن أقرر هتا حقيقة واحده وهي أن هناك دولة متعملقه إسمها "اسرائيل" أوجدها أعداء أمتنا في المنطقة منذ أكثر من سبعين عاما بهدف ادامة تجزئة الأمة وتأديب من يخرج عن سلطان الطاعة للقوى الاستكباريه الغربيه المهيمنة وتأمين تدفق النفط لهذه القوى بالأسعار المناسبة لاقتصادياته ..، هذه الدوله- المشكله لا يمكن أن تقبل بالمطلق أنه وبعد سبعين عاما من وجودها الرسمي بين الدول لا تعترف بها منظمات (صغيرة) كحركتي حماس والجهاد الاسلامي خاصة بعد أن اعترفت بها غالبية دول العالم وفي مقدمتهم أحدى أهم وأعرق وأقوى دول المنطقة قاطبة وهي مصر العزيزة ..، وبالطبع قوى ودول عربية أخرى وفي مقدمتها الأردن و منظمة التحرير الفلسطينيه ..، نعم ،..لذلك كان من الطبيعي ..، بل ومن الطبيعي جدا أن يستمر الحصار بأشكاله المختلفه على كيان قطاع غزة الصغير الذي تحكمه هاتان الحركتان ..،ومن لم يقرا ذلك منذ أن وطأت قدمي الرئيس المرحوم أبو عمار قطاع غزه فليراجع فهمه لأبجديات السياسه في المنطقة وخارطة صناعة القرار الدولي في هذا العالم الظالم ..! سيستمر الحصار على قطاع غزة لأن " اسرائيل" لا تمتلك فقط أعتى ترسانات الأسلحة في مقابل بضعة فدائيين (صغار) في نظرها ..بل لأنها تتسلح بأنظمة عربية اعترفت بها وأقرت بشرعية وجودها وبالتالي فهي قد اعترفت بدورها المرسوم لها في المنطقة منذ هذا الوجود ، ومن هنا أقول أن " اسرائيل " بمعنى أخر تؤدى دورا وظيفيا ما ليس فقط لحماية المصالح الغربية ..بل لحماية (الأمن القومي الفلسطيني والعربي و الخليجي) خاصة..وأقصد هنا الأمن القومي العربي هو أمن الأنظمة فقط ..لا أمن الشعوب ..وشتان شتان بين ذلك وذاك ..! لذلك رأينا كيف أن الغرب قد استخدم دولة الصهاينة في العام 1967 في تحطيم جيش مصر العظيم ومن ثم حطموا حلم الوحده في قلوب القوميين العرب بعد أن تجاوزت مصر للخطوط الحمراء ..وهذا ما حدث مع المقاومة الفلسطينية بعد اقتلاعها من لبنان صيف 1982 ثم تلاه ما حدث مع نظام صدام حسين في العراق عام 2004م.. كانت اليد الاسرائيلية تعمل بكل جد وفعالية بالنيابة عن الغرب والأنظمة المستعربة الدائرة في فلكه والتي كان المرحوم القائد صلاح خلف أبو اياد دائما ما يحلو له أن يهدد باحراق بترولها لو أصاب الثورة الفلسطينية أي مكروه (!!) ..وعندما كانت هذه اليد الصهيونية تتعثر في أداء بعض مهامها كان الغرب يقدم على انزال قواته في المنطقه ومد يد المساعدة لها – له لانجاز المهمة المحددة ..، بالضبط كما حدث في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 واحتلال العراق بعدها كان من الضروري جدا أن أذكر هذه المقدمه حتى نتيقن بأن كيان غزه ومنذ أن استلمت دفة ادارته الحركة الاسلامية بعد فوزها في انتخابات 2006م هو كيان ارتضى قادته لأنفسهم أن يضعوه في قلب وعين العاصفة ..وهو ما أزعم أنني كنت ..ولا زلت أؤيد هذا الخيار ..لماذا ..لأن الذي تعوّد أن يعيش في قلب العاصفه لا يمكن له أن يتأقلم مع العيش بين الحفر ..!ولأن مهمة احياء الأمة واشعال جذوة نيرانها الجهادية المقدسة باتجاه تحرير قدس أقداسها لا يمكن أن تتم من حلال طاولة مفاوضات أو صفقات مشبوهة مع الأعداء من تحت هذه الطاولة ..!وأنما بالجهاد المتواصل والممانعة المستمرة الفاعله وهو ما نسميه في الفقه الحركي " التربية الميدانية " .. ومنذ الاعلان عن اتفاق أوسلو الظالم عام 1993- 1994 وإنشاء سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني- وهذا هو اسمها في بروتوكول الاتفاق- أصبح جليّا أن كل ما كان الغرب يريده من هذه الاتفاق هو والصهاينة باختصار شديد هو تخفيف أعباء هذا الاحتلال لا زواله ..هو الذي يعني أن يقوم الفلسطينيون بأنفسهم باقتلاع أشواكهم بأيديهم وأقصد هنا الأشواك التي زرعتها المقاومة في حلق دولة الصهاينة ..، وكان واضحا أن الفلسطيني الذي أصبحت مهمته هي رصد ومتابعة وملاحقة واعتقال واغتيال المقاومين من أبناء جلدته هو الفلسطيني الذي يعتبر أن الأمن القومي الفلسطيني هو جزء من الأمن القومي الصهيوني التلمودي ..نعم هكذا ببساطة ..والعربي الذي يمنع المقاومين من السفر للتدرب على كيفية صناعة الصواريخ في الخارج بعد أن منع العرب عنه السلاح ويقوم باعتقالهم وتعذيبهم وأخذ اعترافاتهم وارسالها للصهاينه هو يفعل هذا لأنه يعتبر أن الأمن القومي المصري أو العربي هو جزء من الأمن القومي الصهيوني ..نعم هكذا ببساطه ..وبالطبع ..كل ذلك كان خداعا بصريا ..وسحر سحرة فرعون الذين أرادوا للأمه أن تسير بعكس اتجاه التاريخ ..والقيم ..والإنسان ..والدين ..، سوّقه لأبناء الأمة أمثال فياض وزمرته حاليا ومبارك وزمرته التي لا يزال بقاياها موجودين في الحكم المصري حتى يومنا هذا ..! قبل نحو ثلاث سنوات ..كادت أزمة إحكام الحصار على غزة أن تفجّر غزه ..وكان أسهل وأقرب اتجاه لتفجرها هو مصر وسينائها ..، لكن نظام مبارك المتأمرك وبعد أن شعر بخطورة الواقع وبدأت أدوات حصاره تحاصره فعلا بعد اضراب 6 ابريل 2008 الناجح أقدم على التنفيس عن القطاع وايصال رسائل شبة رسمية الى سلطة قطاع غزه بأنه سيغض الطرف عن تهريب الوقود المصري المار تحت الأنفاق ..الوقود وليس السلاح أو أي شيىء آخر ..بانتظار الضربة الماحقة العسكرية الصهيونية لقوى المقاومة التي وُعد بها وتمت في نهاية نفس العام 2008 دون أن تنجح في اقتلاع المقاومه أو كسر ارادتها ..وهكذا استمر الحصار بشكل مخفف ..دون أن ينتهي ..وبين ذلك وذلك كانت سلطة رام الله تستمر في اعتقال المجاهدين ..وتحطيم أية بنى عسكرية حقيقية جديده للمقاومة في الضفه ..وتتساوق مع سلطات الاحتلال في احكام الحصار ومنع السولار الصناعي عن القطاع بحجة أن القطاع لا يدفع فاتورة السولار لسلطة رام الله وهي التي باتت تتسلم مباشره ثمن هذا السلولار من الاتحاد الأوروبي مباشرة الى خزينتها ..!!؟؟ يومها تحدثت عن ذلك باسهاب في مقال نشرته صحف محليه ودولية عنوانه " الحكومة الكهربائية ..سلطة رام الله نموذجا " ..، وانتهت ازمة السولار الصناعي وقتها بايجاد طريقه ابادعيه رائعة تم من خلالها تحويل السولار المصري المهرب الى سولار صناعي ..وهو الأمر الذي دفع ثمنه مهندسا فلسطينيا مبدعا اختطفته دولة الصهاينة (المتحصره) من روسيا من بين يدي زوجته وأولاده وأرسلته لأفبية سجونها نكالا لذلك ..! وعندما بدأت أزهارالربيع العربي في التفتح كان واضحا أن الغرب المرتبك واسرئيله الجبانه لم يعد من الممكن لهم أن يتصدوا لهذا النمط من الزلازل الربيعية ..فكانت السياسة الجديده المعدّلة وكما سبق أن عنونت ذلك في أحد مقالاتي عقب اندلاع أجمل ثورة في التاريخ ثورة مصر : " السياسة الأمريكية الجديدة : تغيير الرؤوس مع بقاء النظام والحقوق بالقطارة " ..وأمام هذا الواقع كان لابد من ملاحظة أن بعض القوى الاسلامية كالاخوان المسلمين في مصر ربما تقدم وحفاظا على انجازات الثورة على ابرام نوع من التفاهمات الشفهيه مع القوى الغربية المتخوفة من الاضرار بمصالحها في مصر كأمريكا ودول الاتحاد الأوروبي لطمأنتها ..وحتى تمر الانتخابات بأقل الخسائر ..وهو الأمر الذي أزعج تماما بقايا أركان النظام البائد ..الذي بدأ بدوره يرسل اشارات جدية أخرى للصهاينة وأمريكا بعد ان استفزها باختلاق ما سمي بأزمة تمويل المنظمات الأهلية من أنه ما زال هو الأقوى في خارطة القوى السياسية في مصر .وأنه الأقدر على تنفيذ التزامات مصر خاصة تجاه ترويض الثورة المصرية والإبقاء على أجهزة النظام البائد الأمنيه الموالية له بعد ادخال تغييرات شكلية عليها باتجاه عدم تحولها الى ثورة تنفجر في وجه "اسرائيل" ورأينا ذلك واضحا في حادث السفارة الاسرائيلية في القاهره ..وكذلك الاشارات التي أرسلها لهم باستمراره وبشكل أكثر فعالية من سلفه مبارك في احكام الحصار على غزه وتطويعه تحت دعوى وحجج المصالحة ..ولكن الهدف المخفي كان بكل بساطه هو اعادة إلحاق كيان غزه بمشروع أوسلو وبسلطة أوسلو وبالتزامات أوسلو ..!! لذلك رأينا اليوم شكلا جديدا متوترا بل ومجنونا من أشكال الحصار على غزه .. حصار يعود ليكرر ما بدأه الصهاينة ونظام اللامبارك في عام 2006 ليقول لك أيها المقاوم ببساطه : لن تأكل ولن تأخذ كسرة خبز ضغيرة من الرغيف الذي سرقته منك إلاّ إذا اعترفت لي بحقي في ال 90 في المائة من هذا الرغيف ..لن تسافر أو تحج أن تتعالج إلاّ باذني ..لن تنام بهدوء بعيدا عن طائراتي الزنانه وال إف 16 إلا بعد أن توقف صواريخك ( العبثية ).. لن تتمتع برفاهية الكهرباء ..إلا أذا خففت عني ورفّهت عني باعتقال المجاهدين وزججتهم في سجونك بالنيابة عني ..لن تقبض أي فلس أو معونه أو راتب إلاّ بعد أن تسبح بحمدي وتقدس لي ..هذه هي خارطة الطريق الاسرائيلية الأمريكية المستمرة في عالمنا العربي رغم ربيعه الواعد ..هذه هي الطريق التي يصر الصهاينة وأتباعهم من بني يعرب في انتهاجها بكل عنجهية واستكبار وعربدة حتى في مواجهة بيان خجول صدر موخرا من مجلس دولي لحقوق الانسان سبق أن نافقهم في جرائمهم في غزه ابان عدوان 2008- 2009 ، هذه هي أبجديات الحصار ..وأبعاد المؤامره بكل تفاصيلها وأطرافها ..، وهنا أتوقف قليلا كي أهمس في أذن قيادة وكوادرحركتي حماس والجهاد الاسلامي لأقول لهم : أن العثرات ..ثغرات ..واذا تكرر تعثّرك ..فتحت ثعرات أكثر في جسدك المقاوم ..وهذا يعني أن امكانية أن ينفذ العدو الى داخلك ليقضي عليك أصبحت واردة أكثر ..بالصدق والاخلاص والتجرد ..بالذات بالتجرد ..نستطيع وقف الهجمة وردها وكما قلت سابقا أن مؤسسات الوطن تدار بطاقات الوطن لا بطاقات الحزب وأنصاره ..أما ردود الفعل المرتبكه فلا تجدي ..وأن نلقي بتبعة الحصار على صغار في رام الله وضعفاء في غزه هو سبب غير مقبول ..لا نريد اعتقالات سياسية جديده ..لا نريد أن نزاحمهم في ظلم أنفسنا ..نريد أن نستمر بالصبر ..فالصبر لا يليق إلاّ بنا ..ونريد أن نفتح أوسع حوار سياسي مجتمعي داخلي مع كل الشرائح السياسية وفي مقدمتها أبناء فتح ..فهم المستهدفون غدا – في رأيي – من فياض وسياستة الأمريكية غدا ..خاصة بعد أن يتيقن الصغار بأن كبارهم لم يستطيعوا تحطيم المقاومة أوتحطيم كيانها في غزة أو تأليب الناس لتثور عليها فيلجأوا مرة أخرى لقطع الرواتب ..وهذا متوقع قريبا ..، ومعناه ببساطة إلقاء تبعة معيشة ستين ألف أسره يعتاش من خلالها أكثر من ربع مليون فلسطيني في اتجاه "حماس" ..منذ اليوم عليكم أن تحضروا أنفسكم لهذه المعركة القادمه بالرغم من أن معركة الوقود لم يغب دخانها بعد عن أفق فلسطين الواعد .. ،وهو مرشح أن يغيب نهائيا بعد انتخاب رئيس جديد لمصر الجديده – مصر الثوره ..، السلام عليكم . * الكاتب قيادي سابق في حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين