حركة المقاومة الإسلامية حماس أمام جولة جديدة من انتخاباتها الداخلية ، هذه الانتخابات التي يرى فيها البعض اختلافا عن سابقاتها ، إذ تبدوا هذه المرة على درجة عالية من الأهمية بالغة الحساسية من حيث التوقيت والمتغيرات الداخلية والخارجية إذ سيحدد أبناء تنظيم حماس من هم قادتهم الجدد لأربعة أعوام جديدة ، يُخرجون خلالها بعض القادة ويحافظون على بقاء آخرين بينما سينضم قادة جدد للمشهد التنظيمي. الانتخابات الداخلية لدى أبناء حركة حماس مازالت تمثل السر الحقيقي لقوة وتماسك حركتهم وهي بمثابة استفتاء جديد على سياسات الحركة أكثر من حقيقة كونها مجرد انتخابات لأشخاص ومسميات ، إذ سيُعطى أبناء حماس الفرصة من جديد ليقرروا بأصواتهم شكل الطريق الذي يجب أن تسلكه الحركة في المستقبل القريب ، ولعل ما يميز هذه الجولة من الانتخابات كثرة التحديات التي تواجه حركتهم فهم أمام استفتاء على كثير من القضايا ، و على تجربة الحكم و على شكل المقاومة ، فضلا عن الاستفتاء على علاقة حماس بالجمهور الفلسطيني ككل . وقد منحت التحديدات الكبيرة التي تواجه حركة حماس أهمية بالغة لهذه الجولة من الانتخابات ،وعمقت التفكير لديها بان أصوات أعضائها هي التي ستغير وستؤثر في كل خطوة ، وزادت من إدراك أبناء حماس بأهمية هذه الانتخابات والاتجاه الذي يجب أن توجه إليه أصواتهم لتسليم دفة القيادة لمن يستحقها وللتحول من اتجاه المُستقبل للشكاوي دون حول أو قوة إلى اتجاه فعال مبني على التأثير والقدرة على التصحيح . ورغم قوة الجسم التنظيمي لحركة حماس من الداخل الذي يعتمد الشورى مبدأ إلا أن ذلك لم يمنع ظهور بعض الخلافات في الرأي والتجاذبات الناتجة عن خطورة المرحلة وكثرة تحدياتها . عوامل عديدة تعطي الجولة القادمة زخما وأهمية واختلافا عن سابقاتها وسيكون لها وبلا شك تأثيرا قويا على النتائج من أبرزها وأكثرها أهمية ما يلي : 1- صفقة تبادل الأسرى وما لها من نتائج تمثلث في خروج عدد من القادة التاريخيين للحركة من داخل سجون الاحتلال مباشرة إلى الميدان وهم قادة ورموز ممن لهم أسماء غنية عن التعريف والتأثير ووضوح المواقف . 2- عودة بعض القادة التاريخيين لحماس من ساحات الخارج الى الداخل ومشاركتهم القرار الداخلي الأمر الذي سيعكس حضوره ورمزيته على النتائج المرتقبة . 3- الازدياد الملحوظ في تنامي قوة الأعضاء والقادة العسكريين لحركة حماس داخل الهيكل التنظيمي للحركة الأمر الذي سيفرض نفسه على نتائج الانتخابات . 4- اتفاق الدوحة وحالة السجال التي عكسها الاتفاق داخل حركة حماس بين المؤيدين والمعارضين له والخلافات بالرأي بين قيادة الداخل والخارج فضلا عن تنامي قوة وتأثير قيادة حركة حماس في الضفة الغربية واصطفافهم الواضح مع إعلان الدوحة دعما لقيادة الخارج . 5- تنامي حالة الإدراك والوعي لدى أبناء حركة حماس بان أصواتهم واختياراتهم ستؤثر تأثيرا مباشرا في شكل وتوجه الحركة ومسارها التاريخي وثوابتها التي نشأت من اجلها وأهدافها العامة ، الأمر الذي سيدفعهم للتفكير مليا قبل التصويت والجهة التي سيمنحونها صوتهم حتى يحسم الجميع خياراته . 6- حالة الاستقطاب حول مدى نجاح تجربة الجمع بين المقاومة والحكم في أن واحد وانعكاساتها على مستقبل الحركة والقضية . 7- حالة الصراع الإقليمي الواسع والثورات العربية وما نتج عنها من خلاف بين معسكري الاعتدال والممانعة وما له من تأثير مباشر على قيادة حركة حماس وشكل الدعم الخارجي لها وانعكاساته داخل حماس . وأخيرا : إن حركة حماس أمام منعطف تاريخي هام سترسم خطوطه الانتخابات القادمة بانتخاب أعضائها لقيادة تكون أمام تحد كبير يتمثل بجمع الحركة على إستراتيجية متفق عليها في جميع القضايا ، الأمر الذي سنشهده قريبا .