تدخل الأزمة السورية، طوراً جديداً، عبر مسارات تواصلت خلال عام فائت. منذ بدء الأزمة، اختار النظام السوري، الحسم العسكري ـ الأمني، دون سواه، لتسوية الأمور، وإعادة فرض إرادة النظام، على الشعب السوري، ولعله من نافلة القول، إن هذا النظام، ومنذ اعتلاء حافظ الأسد، سدة الحكم في سورية 1970، وطريقة الحسم العسكري ـ الأمني، هي الطريقة المفضلة لديه، وبناء مؤسسات الحكم في سورية، جرى ترتيبها على هذا الاساس دون سواه. اختلفت الظروف وتبدلت منذ العام 1970، وحتى يومنا هذا، لكن النظام، لم يأخذ تلك التبدلات والمتغيرات في عين الاعتبار. وعد النظام السوري، جارته تركيا، بمحاولة إجراء إصلاحات وتجنب الحل الأمني، لكن وعوداته كانت كاذبة، ثم وعد جامعة الدول العربية برزمة وعودات، لكنه لم يف بأيٍ منها على الاطلاق. كما وعد روسيا، بجملة اصلاحات ووقف العنف، لكن سرعان ما لجأ الى محاولة حسم الأمور، بوسائل العنف الأقصى كما حدث في حمص وإدلب. رفع النظام سلاحه في وجه شعبه الاعزل، وارتكب من المجازر، ما يرقى الى حدود الجرائم ضد البشرية. لم يعد خافياً على أحد، أن النظام تجاوز الخطوط الحمراء كلها، اعتقاداً منه، بأن حسم الأمور، يمكن أن يتم في القريب العاجل. خلال مسارات العام الفائت من عمر الثورة السورية، تبين بما لا يقبل الجدل، أن العنف يستجر العنف، وأن الدماء تستجر دماء أخرى... هنالك مناطق لم يعد النظام قادراً على بسط سيطرته عليها، وباتت تلك المناطق، مناطق اشتباكات متبادلة، بين الجيش النظامي السوري، وقوى مسلحة أخرى، أحدها الجيش السوري الحر!. كما باتت مناطق أخرى، ومنها قلب مدينة دمشق، ومدينة حلب، عرضة لانفجارات مروعة، تزرع الخوف في نفوس الآمنين، وتعطي الدلائل على عدم توافر الاستقرار.. إضافة الى ذلك، تعطلت مهن كثير، أبرزها البناء والنقل بين الأحياء والمحافظات والعديد العديد من المهن الأخرى، وهذا ما أصاب قطاعات واسعة من الشعب بالضرر، وباتت سلع عديدة مفتقدة في السوق، وبدأ مسار انهيار الليرة، التي بلغت قيمتها أقل من نصف ما كانت عليه، مقابل الدولار... بات الشعب السوري في حالة انتظار ما هو قادم، بعدما أصبح ما هو قائم، غير قابل للاستمرار في قناعة الجميع. لعله من نافلة القول، إن الدعوة لتدخل خارجي في الشأن السوري، هي دعوة مرفوضة وغير مقبولة شعبياً، لأن المواطن السوري، حتى العادي منه، يدرك بحسه الوطني، مدى مخاطر هذا التدخل.. لاسيما وأن تجارب: العراق وليبيا، لا تزال ماثلة في ذهنه. لكن وبالمقابل، لا يلمس المواطن السوري، أي نوايا حقيقية لدى النظام، لإصلاح ذات البين، ومحاولة الخروج من الأزمة الراهنة، خروجاً سياسياً. يسير الزمن، سيراً لا يخدم المستقبل السوري، برمته، لا سلطة ولا معارضة ولا شعبا. آله القمع تعمل بجد ونشاط، وعجلة المعارضة، والمعارضة المسلحة تتنامى وتتعاظم، ولا مستقبل لإصلاحات أو هدوء منتظر.. المستقبل يحمل في طياته، مخاطر حرب أهلية لا تبقي ولا تذر.. إن لم يتم تدارك الوضع، بحلول سياسية، النظام لا يقوى عليها.