■ في الوقت الذي نفى فيه بعض من في اللجنة التنفيذية في م.ت.ف. ان يكونوا قد ناقشوا حل السلطة, أصدر المقربون من الرئيس عباس إشارات متباينة. أكد بعضهم فيها صحة ما يقوله أعضاء "اللجنة التنفيذية", كما أكد بعضهم الآخر عكس ذلك! بل إنهم ذهبوا إلى حد الجزم ان عباس أرسل مبعوثاً خاصاً إلى الإسرائيليين يبلغهم "نيته" (وليس قراره) حل السلطة. وحجته في تفسير هذه "النية" ان السلطة قامت لفترة انتقالية ولوظيفتين اثنتين: أولاهما: ان تتحمل بعض المهام الأمنية والإدارية والخدمية, بحيث يتراجع الاحتكاك بين الاحتلال والفلسطينيين تمهيداً للسلام, وثانيها: بناء المؤسسات اللازمة لقيام الدولة الفلسطينية في فترة أقصاها خمس سنوات عملاً باتفاق أوسلو. وها هو العام العشرون على الأبواب, دون ما ينبئ امتلاك إسرائيل الإرادة السياسية للاعتراف بدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس, والوصول إلى "حل عادل" ومتفق عليه لقضية اللاجئين. كما ينقل عن عباس قوله ان الأمور آخذة في التراجع وان ممارسات الاحتلال تشير إلى أنه ما زالت بينه وبين القناعة بالدولة الفلسطينية مسافة تزداد اتساعاً ولا تقصر. وهو ما حول السلطة إلى وكيل (غير حصري) للاحتلال, في بعض الميادين, دون سيادة, وحّول الاحتلال إلى مشروع استثماري يدر على إسرائيل أرباحاً طائلة تصل سنوياً إلى ستة مليارات دولار (حجم الاستيراد الفلسطيني من إسرائيل) مقابل 250 مليون دولار ( حجم التصدير الفلسطيني لإسرائيل). كذلك يؤكد المقربون أن عباس أبلغ "نيته" هذه إلى الرئيس أوباما, في نيويورك على هامش دورة الأمم المتحدة. المفاجئ ـ يقول المقربون من عباس ـ ان الإسرائيليين استقبلوا الإشارة الفلسطينية بأعصاب باردة, وردوا بما يوحي وكأن لديهم بدائل للسلطة ولعباس معاً, وبحيث يستمر الوضع في الضفة ـ تقريباًـ على ما هو عليه, مع شيء من التغيير, مع الإفادة من تجارب الماضي, بما فيها تجربة روابط القرى في منتصف سبعينيات القرن الماضي. ولعلّ هذا ما "أقنع" عباس بالعودة عن "نيته" بحل السلطة, والاستماع, بدلاً من ذلك, إلى اقتراحات فلسطينية تدعوه إلى تحرير السلطة من قيود الاتفاقات مع الاحتلال, بما يؤدي إلى تغيير في مجالات الأمن والاقتصاد, وبما يلحق خسائر اقتصادية وأمنية كبرى بإسرائيل.وإلى أن ينتهي عباس من دراسة هذه الاقتراحات سيبقى معلقاً هذا السؤال: هل هي بداية إستراتيجية جديدة, أم هي مجرد محاولة لملء الفراغ الذي أحدثه تعطل المفاوضات؟ ■