خبر : إسرائيل -أمريكا وإيران ..ماجد عزام

الجمعة 09 مارس 2012 06:11 م / بتوقيت القدس +2GMT
إسرائيل -أمريكا وإيران ..ماجد عزام



"إيران مسلحة نووياً، هي ضد المصالح الأمنية الإسرائلية وضد مصالح الأمن القومي الأمريكي. إيران لم تحصل على السلاح النووي بعد، نحن نراقب برنامجهم عن كثب مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة، أن يتم حل هذا التحدي ديبلوماسياً، لكن جميع الخيارات تبقى على الطاولة وهذا يشمل جميع عناصر القوة الأمريكية. جهد سياسي لعزل إيران. جهد ديبلوماسي لمثابرة التحالف لضمان مراقبة برنامج إيران. جهد اقتصادي لفرض عقوبات قاسية. ونعم جهد عسكري للاستعداد لأي طارىء سياسي، ليست سياسة احتواء، وإنما لدي سياسة لمنع إيران من حيازة سلاح نووي، ولن أتردد باستخدام القوة في حال هناك ضرورة للدفاع عن الولايات المتحدة ومصالحها".العبارات السابقة تلخص أهم ما قاله الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأحد الماضي أمام المؤتمر السنوي لإيباك. ورغم أنه اجتهد للحفاظ على المرتكزات الجوهرية لمقاربته للملف الإيراني، إلا أنه سعى بمثابرة لملاءمة أو بالأحرى صياغة هذه المواقف لتتلاءم أكثر مع الموقف الإسرائيلي الذي تعبّر عنه الحكومة الأكثر تطرّفاً وتعصّباً، والتي تتصرف بعنجهية وانغلاق بما يتعارض مع المصالح الاستراتيجية ليس لأمريكا فقط، وإنما حتى لإسرائيل نفسها كدولة يهودية ديموقراطية كما يحلو لها أن توصف نفسها.بداية، لا بد من الإشارة إلى غياب شبه تام للملف الفلسطيني عن الخطاب، كما عن الحوارات الأخيرة، وجعل إيران في المقابل كقضية مركزية على جدول الأعمال الإسرائيلي الأمريكي المشترك ما يمثل انتصار تكتيكي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، وانحناء أوباما أمامه، بل وتراجع هذا الأخير عما اعتبره ذات مرة مصلحة أمريكية - وحتى إسرائيلية - ويتعلق الأمر طبعاً بإقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على أساس حدود حزيران ضمن تسوية شاملة للصراع في المنطقة، وحتى ضمن معادلة نتنز مقابل يتسهار المنحازة وغير العادلة أصلاً وأكثر من ذلك بدا أوباما متساوقاً مع النظرة الضيقة والمتغطرسة لنتن ياهو وحتى متقبلاً لفكرة إدارة الصراع بدلاً من حلّه، كما تبجّح ذات مرة نائب رئيس الوزراء الجنرال موشيه يعلون.- إضافة إلى وضع إيران – بدلاً من فلسطين - كقضية مركزية على جدول الأعمال الأمريكي الإسرائيلي والدولي، أيضاً بدا أوباما خجولاً ضعيفاً ومرتبكاً في دفاعه عن وجهة نظره بتفضيل الحل السلمي السياسي الدبلوماسي، باعتباره الحل المنطقي المناسب وحتى الأكثر واقعية متجاهلاً في هذا الصدد الأثار الكارثية للخيار العسكري على المنطقة، وحتى على المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وربما وجود الدولة العبرية نفسه أشار الرئيس السابق للموساد وأحد المفكرين الأمنيين افرايم هليفي الذي تحدث عن حرب لمائة عام وأخطار وجودية كنتيجة لأي مغامرة أو عمل طائش ضد طهران، ناهيك عن عدم جدواه وقدرته في أحسن الأحوال على تأجيل برنامج إيران النووي لعدة سنوات فقط ثلاث إلى خمس كحدّ أقصى.- مقابل أو ربما لتبرير الخيار الدبلوماسي، قدم أوباما إغراءات لإسرائيل واللوبي المؤيد لها عبر رفض تقبّل أو التعايش نظرياً مع إيران نووية، رغم أن هذا خيار ممكن ليس فقط وفق وجهات نظر أمريكية، معتبرة ترى أن إيران لاعباً عاقلاً مع السلاح النووي أو بدونه، وإنما حتى وفق وجهات نظر إسرائيلية معتبرة يمثل رئيس الموساد تامير بردو نموذجاً أو تعبيراً علنياً عنها، وتعتقد أن حصول إيران على سلاح نووي لا يمثل خطر وجودي على الدولة العبرية وهو أمر يمكن التعايش معه كما جرى مع الهند وباكستان وحتى كوريا الشمالية.- إضافة إلى المعطيات السابقة يمكن الإشارة إلى معطى منهجي وجوهري جداً، حيث نسج أوباما على نفس المنوال لجهة الحديث عن المصالح الاستراتيجية السياسية الأمنية المتطابقة بين البلدين، وهو ما اعتبره عن حق مؤلفا كتاب اللوبي الصهيوني الباحثان الأمريكيان ستيفن ولت وجون ميرشمر في أسوأ الأحوال تضليلاً وفي أحسنها خاطئاً كون التناقض حاصل في الملفين الحيويين فلسطين وإيران، وبينما تكمن مصلحة أمريكا في تسوية تضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة وسيدة إلى جانب إسرائيل ضمن حدود حزيران يونيو 67 يسعى نتن ياهو دون أي ممانعة من أوباما إلى تأييد السيطرة الإسرائيلية في الضفة وقتل ما تبقى من فرص وإمكانيات لحل الدولتين، وبينما تكمن مصلحة أمريكا في حل دبلوماسي وسياسي دولي للملف النووي الإيراني وتحاشي الخيار العسكري بأي ثمن تدق حكومة نتن ياهو طبول الحرب وتدفع عن سبق إصرار وترصد باتجاه هذا الخيار، علماً أن عدم حسم هذا التناقض والخنوع لصالح وجهة النظر الإسرائيلية في صورتها الأكثر تطرفاً يؤدي إلى مزيد من العداء العربي الإسلامي لأمريكا، خاصة في زمن الثورات والربيع العربي، بينما يدفع إجهاض حل الدولتين باتجاه نظام من الفصل العنصري في فلسطين سيقضي في النهاية لا محالة على إسرائيل كدولة يهودية ديموقراطية وفق اعتراف مسؤولين إسرائلينن كبار ولا يقتصر الأمر على أهود أولمرت، وإنما يتعداه ليصل إلى أهود الآخر وزير الدفاع الحالي في حكومة نتن ياهو وأكثر المنادين لأسباب شخصية وسياسية  ضيّقة بشن ضربة عسكرية –كارثية - ضد المنشآت النووية الإيرانية.ما فتىء الوزير السابق يوسي بيلين يدعو إلى صديق أمريكى ينقذ إسرائيل من نفسها غير أن أوباما ولأسباب ذاتية وموضوعية عجز عن القيام بذلك، رغم خروجه عن طوره لإثبات أنه الأكثر صداقة ودعماً للدولة العبرية، خاصة في السياق الأمني العسكري وبغياب هذا الصديق تتكرس مقولة أن هذه تتحول أو هي أصلاً في الحقيقة عبء على أمريكا ومصالحها والسيرورة التي انطلقت مع كتاب ولت وماريشمر  وتصريحات الجنرال زينى وآخرين ستتواصل بشكل تدريجي وبطيء، لكن متواصل، علماً أن الثورات العربية ستسرّع منها وصولاً إلى ثورة الرأي العام الأمريكي ضد اختطاف البلد لصالح إسرائيل كما تنبأت عن حق منذ ايام  النائبة المستقيلة من حزب الأحرار البريطاني.