خبر : الغزيون الأسرع تكيفا مع الأزمات .. بقلم : مشيرة جمال

الجمعة 09 مارس 2012 03:49 م / بتوقيت القدس +2GMT
الغزيون الأسرع تكيفا مع الأزمات .. بقلم : مشيرة جمال



في ظل توالي الأزمات وتتابعها المركز أصبح الغزيون الأسرع تكيفا معها، حيث تترسخ معاناتهم يوما بعد يوم، لتصبح جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية، فيما لا زالت أزمة الوقود والكهرباء وتفاقمها هي الاكبر والمؤشر الصارخ على صبر اكثر من 1.7 مليون فلسطيني يحاولون بشتى الطرق في موائمة انسفهم مع واقع مرير.  وتجلىت لديهم السرعة والإبداع في ابتكار البديل فلا حاجة لمخترع عندما يختفي غاز الطهي من المنزل فهم يمتازون بسرعة العودة إلى البدائل البدائية، وابتكار فنون الطهي الأسرع على النار، لم تمر أيام حتى نرى باعة أفران الطين يصطفون على جوانب الطرقات ويتفننون في اختراع الشكل الأجمل، كل ذلك يبدأ بالتأفف من البعض، وسرعان ما ينتهي الأمر بفرن جميل المظهر يناسب الركن الخلفي من فناء المنزل.وعن أزمة وقود السيارات التي بدأت بتداول المحروقات عبر السوق السوداء وارتفاع سعر اللتر لأسعار جنونية، ما أدى بطبيعة الحال إلى ارتفاع أسعار المواصلات الأمر الذي بدا غير مناسب للمواطن والسائق فانطلقت حملة الابتكارات بسرعة البرق بعضهم قام بتغيير محرك سيارته لتناسب زيت الطعام الأرخص والأوفر، والبعض الآخر استخدم أنبوبه البوتاجاز، فذابت بالتالي موجة الامتعاض من الشارع حيث وجد البديل بالرغم مما أحدثته هذه الممارسات من ضرر بيئي وصحي على المواطنين وأيضا ضرر اقتصادي فقد ازداد سعر البدائل للضعف. منذ خمس أو ست سنوات وأزمة الكهرباء على رأس القائمة بجدارة، حيث لا تفسير أو تبرير ولا معطيات لشرح تفاقم الأزمة، الأمر الوحيد الذي أستطيع الحديث عنه هو اللعنات والشتائم والثورة ما بين الفرد وجاره، وبين الأصدقاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تفاقم الأزمة بدأ في مطلع فبراير الماضي ومستمر حتى اللحظة. في كل ثانية كنت أتصفح فيها أحد المواقع أو المجموعات المنشأة خصيصا لهذا الغرض أو لغيره من الأغراض الفكاهية تتسارع الجمل عن سوء الحال وعدم القدرة على المواصلة حتى وصلت إلى مراحل الدعاء المكثف على عمال شركة الكهرباء المساكين وبعد الوعد الإعلامي الأول والتصريح من قبل الجانب المصري عن دخول كمية من الوقود خلال يومين خفت حده الغضب، وبدأ التعاطي مع النذر اليسير من توفر التيار الكهربائي. أصبحت الازمة المادة الخصبة لتصميم بوسترات ومشاركتها وأيضا بعض النكات التي تبرز حقيقة تفشى الأزمة واليأس من وجود خلاص “مثال: اعرف شخصيتك من مواعيد الكهرباء” كانت النكتة الأكثر تداولا، والعديد من الفيديوهات التي خرج فيها الشباب عن صمتهم للغزل بالكهرباء تارة والملل والمطالبة بالحق بالفهم والمعرفة تارة أخرى، حيث أصبح التيار الكهربائي الأكثر شهرة وطنيا لطالما شعرت أنه إذا ما شارك في الانتخابات سوف يحصد أغلبية المقاعد.  ومرت الأيام والست ساعات لم تتغير ولكن النفسية تغيرت حيث بدأ الغضب من العداد 100% لينتهي عند لا حول ولا قوة إلا بالله ولكن سرعان ما بدأ الناس بجدولة أنفسهم حسب الجدول غير الثابت، الأمهات مستعدات على جبهة الغسيل لاقتناص لحظة وصول التيار حتى لو كان منتصف الليل هو موعد المعركة.التسوق لم يعد كعادة الفلسطينيين في القطاع تخزين لحوم وخضراوات تكفى لأسبوع أو أكثر بل ما يناسب حاجة اليوم .الزيارات والمجاملات الاجتماعية أصبحت أكثر تأدبا: “ألو: أم محمد بدنا نيجى نباركلكم ايمتا بتيجى عندكم الكهربا… هلا: أم حسن بتشرفى بعد الساعة 2 وقبل الساعة 10 بالليل علشان بيطفوا الموتور فى البرج” ..هذا حال غالبية الناس الذين لا حول ولا قوة لهم سوى الجلوس ومطالعة خيباتهم وأزماتهم بمنتهى الصبر على أمل ” بكره بتفرج.  على ذمة الاخبار فان هناك وعود مصرية ” حتى أصبحت تلك الوعود الشماعة البديلة للاحتلال لصب غضبنا عليها ، وتناسي المسؤولية التي تقع على كاهل الحكومة وشركة الكهرباء، لإيجاد تناسب بين جباية المستحقات وتوفير الخدمات، أو على أقل تعديل اطلاع المواطن على تطورات الوضع منذ البداية فإعلان غرق غزة في الظلام خلال 48 ساعة أصبح الأشهر على الإطلاق منذ سنوات . في غزة تتعطل جميع الأعمال ويبقى الناس، العمال، والأمهات والآباء، والطلاب ينتظرون بمنتهى القهر موظف شركة الكهرباء ليعيد التيار بضع ساعات حسب جدول أمزجتهم، تأقلمنا مع الوضع بشكل غريب جدا، والاكثر غرابة أن الغالبية لا تبحث في سر الأزمة وما الحل لهذه الأزمة و سؤال واحد يتردد متى ستنتهي والله أعلم؟