غزة / سما / كشف صحيفة اقتصادية محلية، عن وجود ما يقارب 21 ألف شركة وهمية في قطاع غزة مسجلة في ملفات وزرة الاقتصاد من دون أن يكون لها وجود على أرض الواقع. ونقلت صحيفة "الاقتصادية" المحلية الصادرة في غزة، عن مسؤول كبير في وزارة الاقتصاد في الحكومة "أن وزارته تبذل جهودا حثيثة من أجل إنهاء ظاهرة الشركات الوهمية التي ليس لها أي نشاط على أرض الواقع". وأكد المدير العام للشركات والسجل التجاري في وزارة الاقتصاد الوطني في غزة، أنه بعد التدقيق تبيّن "أن 95 % من هذه الشركات لا تعمل على أرض الواقع، وأنها شركات وهمية". وأثارت هذه الظاهرة تساؤلات عديدة حول مدى خطورتها والإجراءات التي تقوم بها الوزارة وحملتها "الاقتصادية" لذوي الاختصاص. وذكر الباز: "أن هناك 6000 شركة مساهمة خاصة مسجلة، وتبيّن لدينا أن 5400 شركة من هذه الشركات في القطاع غير ملتزمة بسداد قيمة مساهمة رأس المال، مما يشكّل عبئا على الاقتصاد الفلسطيني". وأوضح: "أن ما يعقّد الأمر وجود 15 ألف شركة عادية سجلها أصحابها من أجل استصدار تصاريح دخول أو تراخيص من الجانب الإسرائيلي بعد انتفاضة الأقصى العام 2000". ونوّه الباز إلى أن الوزارة بدأت مؤخرا بعدة إجراءات قانونية بحق الشركات المساهمة الخصوصية للحد من ظاهرة الشركات الوهمية، "وللتأكد من مدى قانونيتها لهدف الوصول إلى إحصاءات دقيقة وواضحة حول الشركات العاملة على أرض الواقع". وبيّن "أن ضبابية المعلومات بخصوص الشركات العاملة في القطاع دفعتهم إلى اتخاذ عدد من القرارات لمراقبة الشركات العاملة، والتأكد من أن رأس مال الشركة قد دُفع من طرف المساهمين". وأشار إلى أن أي شركة تتوجّه لمسجل الشركات تلزم بدفع 10% من رأس مالها وإيداعه في حسابها في أحد البنو "على أن يستكمل باقي رأس المال خلال عامين حتى نتأكد من أن هذه الشركات جادة"، مؤكدا "أن هذا الإجراء لا يتعارض مع قانون الشركات رقم 18/1929 الذي أُلزم بموجبه المساهمون بدفع قيمة الأسهم التي يتم الاكتتاب بها". وأضاف: "أما في ما يخص الشركات التي تم تأسيسها قبل ذلك ومضى على تسجيلها عامان من دون دفع رأس المال، تقرر عدم التعامل معها أو منحها أي مستخرج من مسجل الشركات إلا بعد إحضار ميزانية سنوية مدققة من مراقب حسابات خارجي يثبت بها أن الشركة التزمت بدفع قيمة الأسهم التي اكتتب بها المؤسسون". وبيّن الباز أن تسديد رأس مال الشركات من طرف المساهمين تم تقسيمه إلى قسمين: "الأول الشركات المساهمة الخاصة برأس مال 100 ألف دولار، والتي زادت مدة تأسيسها عن عامين، فيجري إعطاؤها مهلة تقارب 6 شهور من أجل تصحيح وضعها القانوني وخاصة في ما يتعلق بسداد رأس مال الشركة. "أما الشركات المساهمة التي زاد رأس مالها عن 100 ألف دولار، فتمنع من تتوجّه إلى مسجل الشركات، إلا بعد إثبات الشركة عبر مدقق خارجي، بالتزام مساهميها بدفع القيمة الاسمية للأسهم". وأكد الباز أن هذه الإجراءات تأتي لضمان نجاح الشركات واستمراريتها، "لضمان سداد الالتزامات المفروضة عليها إلى جانب الحفاظ عليها في سجل منظم لدى الوزارة". وتابع قائلا: "على الشركات التي ترغب في التسجيل الحصولُ على شهادة من أحد البنوك تثبت أنها دفعت 10% من رأس مال الشركة"، مضيفا: "هذا الإجراء يأتي من أجل التأكيد أن الشركات المسجلة تمارس أعمالها على أرض الواقع". ونوّه إلى أن الدائرة أخطرت التجار عبر الصحف المحلية بضرورة التوجّه إلى السجل التجاري لتسجيل المحلات، ودعت الوزارة جميع أصحاب الشركات والمحال التجارية إلى أن يتوجهوا إلى دائرة السجل التجاري لاستكمال إجراءات التسجيل من أجل ضمان عدم مخالفتهم للقانون. الخبير الاقتصادي ومدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية الفلسطينية ماهر الطبّاع قال لـ"الاقتصادية": "إن هناك الآلاف من الشركات الوهمية المسجلة في الضفة الغربية وغزة". وحول ظروف نشأة هذه الشركات أوضح الطبّاع أنها نشأت في فترة انتفاضة الأقصى، "وأنشأها العديد من العمال الذين كانوا يرغبون بدخول مناطق العام 1948 والعمل لدى مشغلين وشركات إسرائيلية". وأضاف: "كل ثلاثة أو أربعة من العمال سجلوا شركة لدى وزارة الاقتصاد الوطني وحصلوا على سجل تجاري من أجل استصدار تصريح دخول من جيش الاحتلال لدخول إسرائيل والعمل هناك". وذكر أن غالبية هؤلاء العمال فقدوا عملهم منذ عدة سنوات، "لذلك أصبحت الشركات المسجلة بأسمائهم غير فعالة ووهمية ولا وجود لها على أرض الواقع". وحول دور الغرفة التجارية للحد من هذه الظاهرة قال الطبّاع: "قانون الغرفة التجارية يسمح لكل شخص لديه سجل تجاري بالحصول على عضوية الغرفة، ولا توجد لديها مشكلة مع الشركات المسجلة". وفي غضون ذلك يبذل الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين جهودا حثيثة لحل مشكلة أصحاب الشركات الوهمية من العمال وإغلاق ملفاتهم لدى الجهات المتخصصة نهائيا. وقال رئيس اتحاد العمال في غزة سامي العمصي إن الاتحاد يبذل جهودا كبيرة لمعالجة العديد من الشكاوى من العمال الذين يعانون من عدم القدرة على الحصول على التأمين الصحي لسبب السجل التجاري. وأوضح: "تبيّن أن هؤلاء العمال استخدموا السجل التجاري الوهمي في السابق لكي يحصلوا على تصريح بالعمل داخل الأراضي المحتلة العام 1948". وحول آثار هذه الظاهرة على الاقتصاد الفلسطيني، أوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر معين رجب "أن وزارة الاقتصاد الوطني مطالبة بوضع حد لظاهرة الشركات الوهمية وأن الشركات الوهمية تحقق نجاحات مؤقتة، وعند انكشاف أمرها يصعب تعويض المتضررين". وأضاف رجب: "انتشار ظاهرة الشركات الوهمية يؤثر سلبيا على كل الشركات، ويلحق الضرر بالمجتمع، ويخلق جوا من عدم الثقة بين جمهور المتعاملين وأصحاب الشركات". من جانبه؛ أشار الطبّاع إلى أن تضخّم عدد الشركات غير الفعالة تسبب في حدوث مشكلات سلبية من ناحية إعداد الإحصاءات والبيانات الدقيقة من طرف الجهات الرسمية، موجهة دعوةً للجهات الرسمية في وزارة الاقتصاد الوطني لوضع حد لهذه الظاهرة، "وإجراء عملية بحث ميداني للتأكد من وجود هذه الشركات بالفعل وإغلاق كل الشركات التي ليس لها وجود على أرض الواقع". وذكر أن الغرفة التجارية لديها سجلات بأسماء 11 ألف شركة في قطاع غزة، "وقد تكون من بينها شركات غير فعالة (...) هذا دور وزارة الاقتصاد الوطني للكشف عنها وتسوية أوضاعها القانونية".