خبر : آليات عمل لجان اتفاق المصالحة : انجازات و عقبات ..بقلم : د . جميل جمعة سلامة

الخميس 23 فبراير 2012 03:13 م / بتوقيت القدس +2GMT
آليات عمل لجان اتفاق المصالحة : انجازات و عقبات ..بقلم : د . جميل جمعة سلامة



" ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين"                                                        ** مدخل: منذ أحداث حزيران 2007م الدامية والتي كانت النتيجة الحتمية لحالة الفلتان الأمني التي شارك فيها الجميع في غياب نظام حكم رشيد و شراكة سياسية حقيقية وقيادة تمثيلية واحدة ومرجعية سياسية ودستورية وقضائية واضحة, كان السلاح قول الفصل بين شركاء الوطن لتنتج لنا مصطلحات الانقلاب والحسم ...وغيرها من مفردات عكست حالة المراهقة السياسية وتخلف الممارسة السياسية والسيادية ، وأهمية إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسس جديدة جوهرها الوحدة الوطنية والشراكة السياسية الفعلية لا الديكورية وبناء مؤسسات وطنية تمثيلية وليس مؤسسات فئوية وشخصية سواء على المستوى المدني أو الأمني وتعزيز ثقافة التداول على المسؤولية وقبول الاخر وشطب نزعات الاقصاء والاستئصال والتفرد في القرار الوطني، وهذه الأسس الجديدة أجلت تحقيق المصالحة لحين توفر إرادات الفرقاء لطي صفحة الانقسام إلي غير رجعة وبناء النظام السياسي الجديد والمأمول. ومع توفر الارادات اليوم - وهي صادقة كما تدل كل المؤشرات - سمياً مع انسداد الخيارات أمام أي بدائل أخرى وفشل مسيرة التسوية وهبوب رياح الربيع العربي التي حملت روح الشراكة في أنظمة الحكم الجديدة المنعتقة من ربق الاستبداد الفردي والحزبي إلى فضاء الحريات و التنوع وسيادة القانون والديمقراطية والعدالة. بيد ان النصوص الاجمالية العامة لم تعد تجدي نفعاً لمعالجة ملفات الانقسام وذيوله وتعقيداته باعتبار الشياطين تكمن في التفاصيل - كما يقولون - ولذلك كان التوجه الحتمي نحو الآليات العملية لتطبيق نصوص اتفاق القاهرة للخروج من دائرة النظرية إلى دائرة الفعل الواقعي والعملي على الأرض فكان تشكيل لجان لمعالجة ملفات المصالحة الخمسية التي أسفر عنها اتفاق القاهرة وهي: 1- منظمة التحرير الفلسطينية.2- الانتخابات3- المصالحة المجتمعية4- الحكومة5- الحريات العامة وبناء الثقة.                   .......  إلى جانب انعقاد المجلس التشريعي " البرلمان".وذلك في اجتماعات القوى والفصائل الفلسطينية في القاهرة في العشرين من شهر ديسمبر الماضي.  وفيما يلي نقدم في هذه الدراسة التحليلية تقييماً لعمل هذه اللجان وآلياتها, ماذا أنجزت ؟ وما حجم هذا الانجاز؟ , وما هي العقبات والمعوقات التي واجهتها ولا تزال ؟ وصولاً إلى جملة من التوصيات التي في تقديرنا لو تم الأخذ بها من شأنها إعطاء دفعة نوعية لعمل هذه اللجان وتحقيق أهدافها المرجوة نحو انجاز المصالحة الوطنية الكاملة.أولاً/ انجازات اللجان: قد يكون من المبكر الحديث عن الانجازات وتحقيق الأهداف المسطرة سيما أن هذه اللجان باشرت عملها حديثاً منذ 20/12/2011م, بعد أن تعطلت لنحو العامين منذ تشكيلها عام 2009م, بيد أنه يمكن تسليط الضوء على أهم ما حققته هذه اللجان وأنجزته جتى تاريخه على النحو التالي:1- الاطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير: فوفقاً لاتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني الموقعة في القاهرة في مايو 2011م فقد تشكل الاطار القيادي المؤقت للمنظمة كأعلى هيئة قيادية للمنظمة تضم مكونات الشعب الفلسطيني والفصائل الممثلة في منظمة التحرير والفصائل خارجها سيما حركتي حماس والجهاد الاسلامي, وقد حُدد لهذا الاطار  مهام رئيسية هي: وضع الأسس والآليات لاختيار المجلس الوطني الفلسطيني التمثيلي, معالجة القضايا المصيرية في الشأن السياسي والوطني واتخاذ القرارات بشأنها بالتوافق, ومتابعة تنفيذ القرارات المنبثقة عن الحوار.      وبالفعل فقد عقد هذا الاطار اجتماعه الأول واليتيم في القاهرة بتاريخ 22/12/2011م وعقد ممثلون عنه اجتماعاً فرعياً في عمان, وكان من المقرر عقد اجتماع ثان له بيد أنه أُجل حتى اشعار آخر ويعتبر هذا الاطار سابقة هي الأولى فلسطينياً أن تصبح منظمة التحرير التي تمثل الكينونة السياسية للشعب الفلسطيني وممثله الشرعي والوحيد وتشكل نظامه السياسي المظلة الموحدة للشعب الفلسطيني وهو حلم راود جماهير الشعب الفلسطيني والغيورين عليه عقوداً طويلة.2- لجنة الانتخابات: تم الاتفاق على تنظيم انتخابات فلسطينية عامة ومتزامنة للمجلسين الوطني والتشريعي وللرئاسة على حد سواء على أن تكون الانتخابات بنظام التمثيل النسبي للمجلس الوطني وعلى أساس النظام المختلط (75% قوائم, 25% دوائر) للمجلس التشريعي على أن تكون نسبة الحسم 2% ، وبالفعل فقد تم التوافق على تشكيل لجنة الانتخابات وفي ضوء ذلك صدر مرسوم رئاسي عن الرئيس عباس بتاريخ 22/12/2011م بإعادة تشكيل لجنة الانتخابات المركزية برئاسة د. حنا ناصر إلى جانب ثمانية أعضاء آخرين, وقد افتتحت اللجنة مكاتبها في مدينة غزة وقام وفد منها برئاسة د. ناصر بمقابلة رئيس وزراء حكومة غزة السيد/ اسماعيل هنية تمهيداً لتجهيز سجلات الناخبين وتحديث بياناتهم, ومن شأن تنظيم هذه الانتخابات الثلاثة حل اشكالية تنازع الشرعية التمثيلية القائمة على مستوى المنظمة والسلطة على حد سواء.3- تشكيل حكومة الوفاق الوطني الانتقالية: وتعتبر هذه الحكومة التحدي الأكبر أمام مسيرة المصالحة الوطنية وقد نُص في اتفاق القاهرة على تشكيلها بالتوافق بين حركتي فتح وحماس وبالتشاور مع باقي الفصائل الأخرى ، بيد أنه حتى تاريخه لم تجد هذه الحكومة طريقها للنور باستثناء طرح بعض الأسماء هنا وهناك رغم التوافق على استبعاد رئيسي حكومتي الانقسام سلام فياض واسماعيل هنية.4- لجنة المصالحة المجتمعية:  وهي اللجنة التي ستعالج البعد الشعبي للانقسام الذي ألحق أضراراً فادحة بالنسيج الاجتماعي وتسبب في تهتكه وتعتبر مهامها تحدياً أخراً أمام تطبيق المصالحة جماهيرياً وعلى أرض الواقع لما للناس من مظالم وروح ثأرية على خلفية القتل والاعاقات والتعذيب وحرق الممتلكات الخاصة ... إلخ التي واكبت رحلة الانقسام الأليمة , وقد تشكلت اللجنة من ممثلي الفصائل وبعضاً من المستقلين وعقدت اجتماعات عديدة أسفرت عن اختيار هيئة رئاسة تناوبية للجنة وتوزيع المهام بين الأعضاء ووضع تصور أولى للجان الفرعية في المحافظات بيد أن رئيس اللجنة الحالي القيادي في الجبهة الشعبية رباح مهنا ربط أي تقدم في عمل اللجنة بتشكيل حكومة الوفاق وتوفير الأموال اللازمة لذلك مشيرا الى غياب الانسجام بين أعضائها.5- لجنة الحريات العامة وبناء الثقة : واجتمعت اللجنة بفرعيها في الضفة والقطاع واختارت د. مصطفى البرغوثي أميناً لسرها في الضفة والأخ خليل أبو شمالة أميناً لسرها في القطاع وحصرت مهامها في ملفات عدة في مقدمتها المعتقلين السياسيين وتوزيع الصحف ممنوعة التوزيع ورفع الحظر عن السفر والتنقل ورفع المنع عن جوازات السفر وفتح المؤسسات والجمعيات المغلقة, وقد رفعت اللجنة توصيات للحكومتبن في غزة و رام الله و تم تبادل قوائم المعتقلين السياسيين و تم الافراج عن النزر اليسير منهم وسط تبادل قوى للاتهامات وتم التوافق على توزيع الصحف دون نتائج ملموسة على الأرض ، وبالنسبة لجوازات السفر تم بذل جهد غير أن النتائج المرجوة لا تزال غائبة ولا تزال الثقة بين الفرقاء مشروخة للأسف الشديد.أما على مستوى المجلس التشريعي: والذي يعد انعقاده مؤشراً قوياً على تقدم عجلة المصالحة وتسارع وتيرتها فلم يحصل تقدم على هذا المسار رغم أنه الأيسر مقارنة بالمسارات الأخرى بل الأدهى من ذلك اقدام الاحتلال على اعتقال رئيس المجلس د. عزيز دويك وعدد من النواب في محاولة بائسة من الاحتلال لخلط الأوراق والتأثير على سير قطار المصالحة والتشويش عليه. ثانياً/ معوقات عمل اللجان: هنالك العديد من المؤثرات التي ترقى إلى درجة المعوقات الفعلية لمسيرة المصالحة سواء على مستوى استمراريتها أو تقدمها والتي ان لم يتم معالجتها بالسرعة اللازمة فقد تفجر كل شئ, وهذه المعوقات تتفاوت بين عوامل ذاتية وخارجية على التحو التالي:أ) المعوقات الذاتية:- الخلل البنيوي للجان: فهذه اللجان عكست تركيبتها البنيوية محاصصة فصائلية لا تعكس الثقل الحقيقي لها في الشارع في غياب المكونات الأخرى الفاعلة في الساحة الوطنية إلى جانب غياب الكفاءات الفنية المتخصصة في عمل هذه اللجان سيما القانونية والقضائية منها فضلاً عن تغييب تمثيل النساء والأسرى الذين لهم شرف إعداد الاتفاق, علاوة عن غياب وحدة اللجان فلجنة الحريات فرعية في غزة ورام الله, والمصالحة المجتمعية تحتاج لفرع أخر في الضفة إل جانب غياب وجود لجنة أو هيئة وطنية عليا للمصالحة تشكل المرجعية الادارية والفنية لهذه اللجان.- تمثيل المستقلين : فالمعروف أن السواد الأعظم من شعبنا مستقلون ووزنهم يعادل قاعدة الفصائل بألوانها المختلفة مجتمعة بل يزيد بيد أن آلية اختيار ممثلي المستقلين جاءت ارتجالية وعشوائية لا تعكس التمثيل الحقيقي لقطاع المستقلين الأمر الذي أثار استياء واسعاً في صفوفهم حيث أفرز الحال المال السياسي ورجال أعمال في وقت نعيش فيه حركة تحرر وطني الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في ذلك من خلال آليات تفرز ممثلين حقيقين للمستقلين.- عمل اللجان نخبوي وغير شعبي (قاعدي) : وهذا خلق فجوة بين الشارع الفلسطيني وبين هذه اللجان حيث لا يشعر الشارع بوجودها إذ تعقد  اجتماعاتها في عواصم المدن الرئيسية وفي مكاتب مغلقة بعيداً عن القاعدة الشعبية الممتدة في المدن الأخرى والقرى والمخيمات ولم تعقد هذه اللجان لقاءات مع الجمهور بشأنها المعروفة في العدالة الانتقالية بجلسات الاستماع والانصات لوجع وآهات المواطنين سيما المكلومين منهم.- عدم انعقاد المجلس التشريعي بكتله النيابية المختلفة : فالمجلس التشريعي هو البرلمان المنتخب وهو يجسد إرادة الجمهور ويمثل التنوع السياسي والفكري في شعبنا وأية مصالحة بمعزل عن التئام كتل المجلس ووحدتها تحت قبة البرلمان كذر الرماد في العيون اذ لا مناص لاي مصالحة من انعقاد المجلس وممارسته لمهامه الدستورية من تشريع ورقابة ونحوه وهو من يمنح الثقة لحكومة التوافق الوطني المرتقبة وفقاً لاحكام دستورنا " القانون الأساسي".- فشل تشكيل الحكومة حتى تاريخه: اذ يعتبر وجود حكومة موحدة بدلاً من حكومتي الانقسام في الضفة وغزة مفتاح ارساء المصالحة الفعلية باعتبار أنها ستوحد الجهاز الحكومي المنقسم انقساما عميقاً بشقيه المدني والعسكري وإعادة هيكلة الأجهزة المدنية والعسكرية والاشراف على اجراء الانتخابات القادمة وتطبيق المصالحة على الأرض.- اسقاط تشكيل مجلس دستوري من الاتفاق: حيث كانت ولا تزال الخلافات الدستورية مفصلاً هاما من مفاصل الانقسام وتداعياته وآثاره ولم تلعب المحكمة الدستورية كجزء من المحكمة العليا الدور المناط بها كقسطاس العدل في الحياة الدستورية الفلسطينية باعتبارها جزءاً من السلطة القضائية في غياب الفصل الحقيقي بين السلطات الثلاث ، ومع وقوع الانقسام انشطر الجهاز القضائي لقسمين ومعه انشطرت المحكمة الدستورية التابعة للمحكمة العليا لمحكمتين دستوريتين أيضاً وبالتالي أصبحت جزءاً من المشكلة بدلاً من أن تكون صمام الاستقرار للفصل قضائياً في المنازعات الدستورية والرقابة الدستورية على حالة المخاض لاعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني.- الاطار القيادي المؤقت واللجنة التنفيذية تكامل أم تنافر ؟!: من نتائج الحوارات في القاهرة استحداث اطار لاستيعاب الفصائل غير المنضوية تحت لواء منظمة التحرير فكانت فكرة تشكيل اطار قيادي مؤقت للمنظمة يضم الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية إلى جانب بعض من المستقلين وأعضاء اللجنة التنفيذية الحاليين, فهل يعقل أن يجلس أبو مازن أو خالد مشعل بحجم فصيليهما على قدم المساواه مع ممثلي بعض الفصائل المحدودة الحضور أو القاعدة أو مع ممثلي قطاع صغير أو محدود من المستقلين, فهذه لعمري قسمة ضيزى, هذا من جانب ومن جانب آخر ينص اتفاق القاهرة على صلاحيات الاطار القيادي بما لا يتعارض مع صلاحيات ومهام اللجنة التنفيذية, فهذه ازدواجية هلامية غير مسبوقة في الأنظمة السياسية وهذا واقع يعكس ازدواجية في مرجعية القرار بين هذا الاطار القيادي واللجنة التنفيذية ، فلا يمكن قيادة المنظمة برأسين ، ولعل مفاوضات عمان الاستكشافية كشفت عن ذلك بوضوح من خلال ردود حماس والجهاد والشعبية بأن هذه المفاوضات تمت بمعزل عن الاطار القيادي ورد ممثل فتح بأنها بقرار من اللجنة التنفيذية.- غياب رصد الموازنات الكافية لعمل اللجان: الملاحظ حتى تاريخه عدم تخصيص موازنات لعمل هذه اللجان ، إذ أن المال والامكانيات المادية عصب أي فعل أو نشاط ، وبالتالي غياب هذه الموازنات عرقل عملها وقوة فعلها وبالتالي أهمية توفير موازنات عمل على أن تشترك في ذلك كافة الجهات الرسمية المحلية والعربية و حتى الدولية ذات العلاقة.- جماعات الضغط الداخلية وأجندات المصالح الشخصية والنرجسية : من الواضح أن هنالك جماعات ستتضرر من المصالحة وانهاء الانقسام لأنه سيترتب عليها المساس بمصالحها الفئوية والشخصية في الضفة وغزة على السواء وتضم هذه الفئات ساسة وموظفين ورجال أمن وتجار الفئوية والحزبية التي كشفت عنا اجتماعات اللجان كمن يترأس اللجان والمعارك حول توزيع المهام وعن نهج رئيس ومرؤوس أو تابع ومتبوع . ب ) المعوقات الخارجية: تتأرجح هذه المعوقات بين عوامل الدور المصري الرئيس والدور العربي عموماً إلى جانب العامل الاسرائيلي المؤثر كقوة احتلال علاوة على الموقف الأوروبي والأمريكي.- الدور المصري المشرف على المصالحة: فمصر صاحبة الدور الرئيسي في ملف المصالحة وهي الدولة العربية الأكبر والأهم وتختلف مصر مبارك بلا شك عن مصر الثورة التي أخرجت الاتفاق إلى النور بيد أن الدور المصري بطيء سواء في الاجراءات أو الرقابة والاشراف والمتابعة ولعل مرد ذلك لانشغالات الاشقاء المصريين الداخلية بعد الثورة وتبعات التحول الديمقراطي إلى جانب أتهام بعض الأوساط الفلسطينية للراعي المصري بالانحياز لفريق دون أخر وتقريب فريق واستبعاد أخر كما حدث في عضوية اللجان وملف المستقلين.- الدور العربي: لا شك أن الربيع الذي شهدته بعض الدول ولا أقول جميعها كان عاملاً مشجعاً وداعماً لمسيرة المصالحة الوطنية وهبوب رياح التحول الديمقراطي وتعميم ثقافة الشراكة السياسية بعد أنظمة كانت ترى في الوحدة الوطنية والشراكة السياسية توجساً يمس بنية أنظمتها السياسية الاستبدادية وفلسفتها سيما النظام المصري السابق, بيد أن ذلك رافقه انكفاء هذه الدول على الذات وملفاتها الداخلية وغياب أولوية القضية الفلسطينية في أجنداتها إلى جانب توجس بعض الدول العربية التي لم تصلها رياح التغيير بعد من الربيع الفلسطيني وانعكاساته المرتقبة عليها وعلى بنيتها السياسية علاوة على غياب دور جامعة الدول العربية عن ملف المصالحة الوطنية، فمع تقديرنا للدور المصري الرائد فإن القضية الفلسطينية قاسم مشترك بين العرب جميعاً جامعةً ودولاً وغياب ذلك أدلى إلى تأخر مسيرة المصالحة وبطئها الشديد وعدم انجاز ثمارها المرجوة حتى تاريخه.- العامل الاسرائيلي: أو السرطان أصل كل بلاء لنا منذ الاحتلال عام 1948م حتى تاريخه فلطالما رفع شعار فرق تسد ، وفي صراعنا التاريخي معه تشكل وحدتنا الوطنية مصدر قلق دائم له وبالتالي فهو ينفق المال والجهد والوقت للفت في عضد وحدتنا و الابقاء على حالة الانقسام ، وبالتالي سيلعب دورا محوريا في التأثير على مسيرة المصالحة الجارية وتعكير صفوها سواء باعتقال النواب والنشطاء كما حدث مع د. عزيز دويك أو وقف المستحقات المالية للسلطة وفقا لاتفاق اوسلو و تجفيف منابع المال لها ، و نواياه لعرقلة الانتخابات وابقائه على الفصل الجغرافي بين الضفة والقطاع وعدم التواصل بينهما إلى جانب امكانية شنه حرب على غزة وخلط الاوراق مجدداً وبالتالي الخشية من توقف عربة المصالحة وفرملتها.- الموقف الأوروبي والأمريكي: فالقضية الفلسطينية ليست شأناً فلسطينياً أو عربياً خالصاً فهي تمس السياسات الغربية في المنطقة وبالتالي فمسيرة المصالحة الوطنية تتأثر بحال أو بآخر بالموقف الأوروبي الأمريكي, وإذا كان الموقف الأمريكي على لسان الرئيس أوباما عدائياً تجاه المصالحة باعتبار حماس حركة ارهابية وليس حركة تحرر وطني فان الموقف الاوروبي ليس على نمط واحد فهنالك مواقف داعمة باعتبار ذلك ارادة الفلسطينيين أنفسهم ، وهنالك مواقف اخرى منحازة للرواية الاسرائيلية وأقرب للموقف الامريكي, وفي حال عدم حدوث تحول حقيقي في هذا الموقف الغربي قد يصعب توفير الضمانات لانجاح الانتخابات القادمة سيما في شرقي القدس ووقف منع التحويلات المالية المستحقة للسلطة لاستمرارية دورها الخدمي تجاه شعبها والتعامل الدولي مع حكومة التوافق الوطني أو أية حكومة منتخبة قادمة. التوصيــــــات: فيما يلي جملة من التوصيات من شأن الأخذ بها اعطاء دفعة قوية لعمل اللجان وانجاحها:1- اعادة النظر في تشكيل اللجان وأهمية رفدها وتعزيزها بكفاءات فنية متخصصة وفقاً لمجال عملها ومشاركة المجتمع المدني والمرأة والأسرى الذين لهم الفضل بعد توفيق الله في اعداد وثيقة الوفاق التي في اصلها وثيقة الاسرى وممثلين حقيقيين عن المستقلين بدل اغتصاب تمثيلهم بتواطؤ بعض الأطراف المحلية والخارجية.2- تشكيل هيئة وطنية عليا للمصالحة تكون المسؤولة من الألف للياء عن ملف المصالحة وتكون مرجعية اللجان الفرعية القائمة على غرار هيئات عديدة مناظرة في المغرب وجنوب افريقيا وتشيلي بدل حالة الهلامية والشعبوية القائمة.3- أهمية توجيه الدعوة لانعقاد المجلس التشريعي الموحد والشروع في ممارسة مهامه وتشكيل الحكومة ونيلها الثقة من المجلس.4- رصد الموازنات اللازمة لعمل اللجان سيما لجنة المصالحة المجتمعية وذلك بمساهمة الحكومتين ومنظمة التحرير والجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي... وغيرها.5- توسيع المشاركة والتعبئة الشعبية والجماهيرية باعتبار نجاح المصالحة مقترن باحتضان الشارع والمواطنين لها كونهم من اكتوى بنار الانقسام في كل تفاصيل حياتهم.6- اسناد تطبيق العدالة الانتقالية transitional Justice  للجنة المصالحة المجتمعية بعد اعادة تشكيلها على أسس جديدة وبكفاءات مهنية عالية في ضوء الانقسام في الجهاز القضائي في الضفة والقطاع وغياب مرجعية قضائية موحدة.7- أهمية التوافق على تأسيس مجلس دستوري في فلسطين يتولى وظيفة القضاء الدستوري " القضاء السياسي" للبت في المنازعات الناجمة عن تطبيق أحكام القانون الأساسي والجدل الذي ينشب بين الفينة والأخرى حوله, وتفادي ادراجه ضمن السلطة القضائية كمحكمة تعزيزاً لمبدأ الفصل بين السلطات و سمو القضاء الدستوري على السلطات الثلاث مجتمعة .8- توسيع دور الاشراف على تطبيق المصالحة من الدائرة المصرية - مع التقدير لدورها الكبير في الملف- إلى الدائرة العربية, فرغم أهمية الدور المصري أساسا في رعاية الاتفاق وتوقيعه وذلك نظرا للحالة الداخلية المصرية غير المستقرة إلى جانب توفير دور أكبر ضاغط ورقابة أقوى على التنفيذ يحتاج الأمر لتشكيل لجنة عربية عليا على مستوى الجامعة العربية تكون مصر نواتها لاعطاء دفعة أكبر لمسيرة المصالحة وطي صفحة الانقسام برمتها وتفاصيلها.9- وقف تغول الأجهزة الامنية في الضفة وغزة وتقيُدها بدورها التنفيذي والزامها بقرارات المستوى السياسي سيما فيما يتعلق بملف المعتقلين السياسيين والحريات العامة على أن تكون مرجعية ذلك هيئة قضائية مستقلة للبت في الملف بكل تعقيداته . 10- التوافق الوطني الواسع فصائليا و شعبيا و مجتمع مدني و سائر مكونات شعبنا من خلال استفتاء توافقي على البرنامج السياسي الوطني بما في ذلك المقاومة والمفاوضات وفقا لقاعدة المقاومة تزرع والمفاوضات تحصد. والله ولي التوفيق وهو الهادي إلى سواء السبيل ،،،   أمين سر هيئة الوفاق الفلسطيني.