جولات ولقاءات سريه وعلنية وحوارات معمقه وهامه وتوقيعات بالخطوط العريضة وعلي التفاصيل في سبيل إنهاء الانقسام الفلسطيني المقيت والذي إذا ما سردنا بكلمات معدودة سلبياته وعواقبه فإننا ببساطه نستطيع القول بأنه أعاد قضيتنا الوطنية الفلسطينية سنوات للوراء وافقدنا احترام الاصادقاء والمساندين والمتعاطفين مع قضيتنا علي المستويين الدولي والإقليمي ، انقسام اختلف طرفيه حول أسبابه ودوافعه وكل طرف حمل الأخر المسؤولية ، بين الشد والجذب وبين الإقرار بالتبعات السلبية للانقسام وبين المصالح المتناقضة لطرفي الانقسام وبين الضغوط الداخلية والخارجية ظل إنهاء الانقسام يراوح مكانه ولم تحرز كل اللقاءات والتفاهمات والتوقيعات أي تقدم ملموس باتجاه إنهاء الانقسام ،، أما لماذا ولمصلحه أي طرف ومن هو المستفيد ؟؟ فسنجد أنفسنا غارقين بالتحليلات واختلاف الآراء وسنعود إلي المربع الأول مربع التشاؤم وعدم الثقة بطرفي الانقسام وسنصل إلي حالة اليأس وربما التأقلم للتعايش مع هذا الواقع وكأنه قدر لا مفر منه ..الانقسام بالرغم من انعكاساته السلبية علي الوضع الفلسطيني فله كذلك ارتداداته علي الوضع الإقليمي والدولي ، خاصة علي مصر التي وبحكم الجغرافيا والتاريخ والمكانة الإقليمية تتأثر سلبيا بما يحدث في الوضع الفلسطيني لذلك تدخلت القاهرة منذ اللحظات الأولي للانقسام فاحتضنت اللقاءات وساهمت بثقلها قبل الثورة وبعدها للخروج من نفق الانقسام وصارت القاهرة القبلة التي يزورها طرفي الانقسام في محاولات لتجيير الموقف المصري لصالحه والذي بات في نظر طرفي الانقسام الأهم من إنهاء الانقسام نفسه ، القاهرة شهدت توقيع اتفاقيات متعددة بين الرئيس عباس وخالد مشعل وبحضور الوفود المشاركة من الطرفين إلا أن الاتفاقيات لم يتم ترجمتها علي الأرض وكل مره تظهر عراقيل ميدانيه تجعل من التنفيذ أمرا صعبا ، أما العراقيل وجوهرها كما انه موضوعي وبحكم العامل الزمني وبحكم الوقائع التي فرضت علي الأرض فان هناك عراقيل علي ما يبدو لها أبعاد مرتبطة بخلافات داخليه قويه سواء في فتح أو حركة حماس ، ففي فتح تمظهر الخلاف بين فتح التنظيم وبين السلطة التنفيذية وأجهزتها الامنيه وكذلك بين من هم من المشاركين الأساسيين بالخلاف مع حماس وبين من هم من المعتدلين تجاه حماس ، وحماس التي تحاول علي الدوام جاهدة بإخفاء خلافاتها الداخلية وعدم نشر غسيلها علي الحبال إلا أن الواقع اقوي من كل هذه المحاولات فالخلاف قد تجلي بوضوح بين جناحين في حماس ، جناح يري بان الانقسام عزز من مكانة الحركة وصلب عودها ومكنها من ممارسة السلطة والحكم وجعل من الحركة لاعب اساسي علي المستويين الإقليمي والدولي وكذلك فان الانقسام حسب وجهة نظر هذا الاتجاه فانه أعطاهم مكتسبات مادية كبيره من خلال توظيف الآلاف من كوادرهم وبناء مؤسسات خاصة تحتضن كوادرهم المهنية والأكاديمية وكذلك أسس الانقسام إطار اقتصاديا مختلف عن النموذج الأخر ، إلي جانب ذلك يمكننا القول أن هؤلاء باتوا مستفيدين من بقاء الانقسام فلقد منحهم مكانة سلطوية تمكنهم من فرض أنفسهم علي الوضع الفلسطيني بشكل عام وزاد من حضورهم ونفوذهم داخل صفوف الحركة نفسها ، وهناك جناح أخر متضرر من بقاء الانقسام خاصة جناح الضفة الغربية التي يعيش كادرها تحت سطوة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وإجراءات قوات الاحتلال وكذلك القيادة الموجودة في الخارج والتي تأثرت سلبيا من أحداث الربيع العربي خاصة ما يحدث في سوريا معقلهم الأساسي ومكان مقراتهم الرئيسية ، وتأثر هؤلاء بتوجهات وفلسفة حركة المسلمين بتونس ومصر .لماذا اتفاق الدوحة ؟؟أسلفنا دور القاهرة ومكانتها وأهميتها وجهودها في إنهاء الانقسام ، إلا إن الاتفاق الأخير قد تم توقيعه بالدوحة ، أما لماذا ؟؟ فعلي ما يبدو فان طرفي الانقسام المعنيين بإنهائه قد اختاروا الدوحة لما لها من أهمية في هذا التوقيت ولما لها من تأثير بات واضحا علي دول الإقليم بشكل عام ، فلقد باتت قطر الدولة الأكثر تأثيرا ونفوذا إعلاميا وماليا ودوليا ، فلقد وافق الرئيس عباس علي التوقيع في الدوحة لتحييد الدور القطري الداعم الأساسي لحركة حماس ماديا وإعلاميا وسياسيا ، فالتوقيع في الدوحة سيجعل من قطر لاعب محايد لإنجاح الاتفاق فلقد استطاع الرئيس عباس من خلال التوقيع في الدوحة من انتزاع شرعية تمثيله الوحيد للشعب الفلسطيني وبذلك بات من حقه الشرعي أن يتسلم أموال إعادة الاعمار في قطاع غزة وكذلك ضمان استمرار الدعم المالي للسلطة في حال حجزت إسرائيل اموال الضرائب أو فرض مقاطعة أمريكية علي الحكومة العتيدة المنوي تشكيلها برئاسة الرئيس عباس كونها حكومة بموافقة حماس وبالتنسيق معها .أما قبول السيد خالد مشعل " قيادة الخارج " للتوقيع في الدوحة فله علي ما يبدو حسابات حمساوية داخلية أكثر مما لها من حسابات إقليمية وان كانت في التفكير خاصة ما يدور بسوريا ومستقبل وجود الحركة فيها والأماكن التي من الممكن أن تلجا لها قيادة الخارج ، أما لماذا هي حسابات حمساوية داخليه فمن الممكن القول بان قيادة حماس في غزه ليست معنية كثيرا بإنهاء الانقسام إذا ما أعطاهم امتيازات مهمة ونوعية علي حساب حركة فتح وإذا ما ضمن بقائهم وسيطرتهم علي غزة ، فاختيار خالد مشعل للدوحة يمكن القول بأنه استقواء بدورها ومكانتها ومدي تأثيرها علي قيادة غزة التي تعتاش علي الدعم القطري في تسيير أمور حكومتها من خلال تمويل قطاع التعليم والصحة ورواتب الموظفين والاهم الدعم السياسي والإعلامي لحكومة غزة ، استقواء مشعل بالدوحة جاء ليكمم أفواه قيادة غزه و وتكبيل أياديها من معارضة الاتفاق فالدوحة باتت معنية بتنفيذ الاتفاق التي رعته من خلال مشاركة الأمير شخصيا في مؤتمر التوقيع .رغم هذا الاستقواء إلا إن قيادة غزة ممثلة بنواب التشريعي والدكتور الزهار ومكانته التنظيمية والشخصية في صفوف الحركة في غزة صدحت باعلي أصواتها بأنها ضد الاتفاق وان ساقوا مبررات قانونية حتى لا يظهر الخلاف في صفوف الحركة وقادتها في الداخل والخارج ، معارضة غزة للاتفاق جاءت أيضا باستقواءها بزيارة السيد إسماعيل هنيه لإيران ومدي دلالاات هذه الزيارة في هذا التوقيت .الاتفاق الجديد التي توقيعه في الدوحة سيبقي كغيره من الاتفاقيات محل شك وعدم ثقة بتنفيذه ليس فقط نتيجة لعقبات موضوعية بل له أسباب أخري هذه المرة أهمها الخلافات الداخلية في فتح وحماس ...