(2)مَن يتابع أحداث الثورات في العالم العربي عن قُرب،يُدرك بأن ضحية الأحداث والاضطرابت الجارية هي الثقافة، بمؤسساتها ومنتجيها ومبدعيها، مع العلم بأن في كل ثورات العالم عوالقَ مأجورين، ممن يستغلون حالة انعدام الوزن إحداث الفوضى وتدمير البنية الحضارية والثقافية!فمَن يسر في شوارع القاهرة، يرَ الدخانَ الأسود يظهر من أعرق المكتبات الثقافية في العالم، من شبابيك المجمع العلمي، الذي يعود تاريخ إنشائه إلى أواخر القرن الثامن عشر، ويحتوي على أكثر من أربعين ألف مخطوطة نادرة في الرياضيات والفيزياء والاقتصاد والآداب والفنون!ومَن يتصفح الصحف المصرية يقرأ فيها مآسي التخريب الثقافي، كما ورد في الخبر التالي:" تعاني بيوت الثقافة التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة من الإهمال، فتحولت قصور الثقافة إلى مأوى للكلاب الضالة والقطط والفئران، وتتعرض للسرقة، فقد تحولت إلى مقالب للقمامة، وأوكار لمتعاطي المخدرات." من صحيفة اليوم السابع 5/2/2012 .ومَن يتابع أيضا الصحف المصرية فإنه يستغرب ما يتعرض له المبدعون من هجوم، ولا سيما المبدع أحمد زويل الحاصل على نوبل، فهو يتعرض للتشويه، فكثير من الصحف بدأت في تشويهه، فزويل(كما أشارت إحدى الصحف المصرية) هو مستشارٌ للرئيس الأمريكي أوباما!! وهو في صحيفة أخرى رجلٌ فاسدٌ أسهم في تدمير جامعة النيل، بتحويلها من جامعة مصرية، إلى مركز أبحاث خاص، ثم تخلَّى عن المشروع، وقد اتهمته بعض الصحف المصرية بمساعدة إسرائيل في تطوير منظومة صواريخ القبة الحديدية !! إن نزيف الثقافة في مصر لم يتوقف، ويبدو أن مصر كبوتقة ثقافية للعالم العربي مستهدفة للتدمير والتخريب، ويبدو أن التاريخ سيعيد نفسه من جديد في مسلسل حرق المكتبات والكتب فقد شهد التاريخ مئات حالات الحرق للكتب والمكتبات قبل التاريخ وبعده ، فقد أحرق الإسكندر الأكبر قبل التاريخ المكتبات والكتب ، وأحرق أباطرة الصين المكتبات والكتب ، واحرق القساوسة المسيحيون في القرن السادس عشر الكتب والمكتبات ، وأحرق هولاكو مكتبة بغداد، وقد أشيع بأن المسلمين أحرقوا مكتبة الاسكندرية.فقد اتُّهمَ الفاتحون المسلمون بأنهم أحرقوا مكتبة الإسكندرية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب.إن مصر مستهدفة بصفتها الثقافية ، أكثر من استهدافها بصفتها السياسية، فهي طوال التاريخ تعد إحدى أهم مصانع الثقافة في العالم، فهي تملك مخزونات هائلة من العلوم والفنون والفلسفة، كما أن تدمير البنية الثقافية المصرية سوف يؤثر أيضا على مجموع البُنَى الثقافية العربية، لأن مصر هي رائدة التنوير والتثقيف في العالم العربي!!