خبر : فتح …حماس… واكتشاف المقاومة الشعبية ..ماجد عزام

الأربعاء 08 فبراير 2012 08:20 م / بتوقيت القدس +2GMT
فتح …حماس… واكتشاف المقاومة الشعبية ..ماجد عزام



بدا التوافق على المقاومة الشعبية وكأنه الإنجاز الأكبر لحوارات المصالحة بين حماس وفتح، خاصة أنه تم بالتوازي مع التفاهم على الآليات الكفيلة، بإعادة بناء منظمة التحرير كإطار مرجعي أعلى للشعب الفلسطيني، وأعتقد أن التلازم بين الأمرين واقعي، لافت وهام فى آن، كونهما - البرنامج والإطار- يمثلان معاً الشرط الموضوعي واللازم  لتحقيق الآمال الوطنية من قبل أي شعب يعيش مرحلة التحرر الوطني، ويبحث عن الحرية السيادة والاستقلال.قبل الحديث عن الآليات والتحديات والمعوقات الميدانية والتنفيذية لاكتشاف المقاومة الشعبية،  الذى بدا أو صُوِّرَ كحل سحري للخلاف بين أنصار التسوية والمفاوضات، وأنصار الكفاح المسلح؛ لا بد من الإشارة إلى أن هذا الخيار كان نظرياً بمتناول فتح منذ توقيع اتفاق أوسلو، الذي أشار إلى نبذ العنف، وتبني الوسائل السلمية لحل الصراع في فلسطين. وكان بمتناول  الحركة الوطنية عملياً أيضاً بعد انهيار مفاوضات كامب ديفيد الثانية، ووصول مشروع أوسلو إلى طريق مسدود. وأعتقد أن الرئيس الشهيد ياسر عرفات جانبه التوفيق، وفي ظل رغبته في البقاء ضمن إطار عملية التسوية والحفاظ على السلطة الوطنية، وعدم التفكير في حلِّها أو التخلي عنها. كان خيار الانتفاضة الشعبية هو المثالي والمناسب إلى جانب السلطة والتسوية،  بدلاً من الخيار المسلح والعنيف الذي ترك أثار وتداعيات سلبية هائلة على المشروع الوطني رغم أنه حقق مكاسب مهمة، منها مثلاً الانسحاب الأحادي من غزة، علماً أن أنني أؤمن أن المقاومة الشعبية وفق نموذج الانتفاضة الأولى، كانت قادرة على تحقيق الهدف وبثمن أقل بكثير.الخيار نفسه أى المقاومة الشعبية كان متاحاً فتحاوياً ووطنياً، عندما تم تبنيه قبل عشر سنوات تقريباً من  قبل أهالي قرى بلعين، ونلعين، والنبي صالح، التي تضررت من جدار الفصل في الضفة الغربية والذين وردوا، عبر سلسلة من الوسائل النضالية السياسية الإعلامية والميدانية التي شكلت معاً ما يمكن توصيفه أو تعريفه بالمقاومة الشعبية؛ علماً أن الطبقة السياسية تخلت عنهم تقريباً مع استثناءات تثبت القاعدة ولا تنفيها. ويمكن التأكد من هذا الاستنتاج عبر متابعة جدية وعميقة لمسيرة بلعين وأخواتها منذ عقد تقريباً.الخيار كان بمتناول فتح أيضاً بعد رحيل الشهيد ياسر عرفات والتوصل إلى وثيقة القاهرة  مارس اذار 2005، التي أدت عملياً إلى نهاية اانتفاضة الأقصى بشكلها الذي عرفناه، ورغم االعديد من التصريحات والبيانات والقرارات الفتحاوية التي تبنّت المقاومة الشعبية، ودعت القيادة والأعضاء إلى الانخراط والمشاركة الفاعلة فيها خاصة في القرى الثلاث السالفة الذكر، إلا أن ذلك ظل حبراً على ورق ولم يبصر النور بشكل جدي وعملي.بالنسبة لحماس، ومع مواقفها السياسية والأيديولوجية ومع إنكارها وازدراءها للسلطة في العقد الأول لتأسيسها، إلا أن هذا الخيار كان بمتناولها منذ تنفيذ خطة فك الارتباط الشارونية عن غزة أوخر العام 2005، والتي حوّلت المقاومة في غزة إلى الحالة الدفاعية ومنعتها من خوض معركة استنزاف يومية وجدية مع الاحتلال، حيث لا يمكن تحقيق ذلك عبر الصواريخ وفي نفس الوقت حولت الضفة إلى ساحة المقاومة الرئيسية وطبعاً في ظل السلطة والانقسام السياسي لا مجال لأكثر من مقاومة شعبية جماهيرية وفق نموذج بلعين أي نموذج الانتفاضة الأولى.في السياق نفسه لا بد من الإشارة إلى السجال العبثي المنفصل عن الواقع حول غزة. وهل هي محررة أو لا، علماً أن القسم القانوني في وزارة الخارجية الإسرائلية أفتى عندما طلب أرئيل شارون استشارة قانونية منه، أن الانفصال الأحادي لا يمكن أن ينهي مسؤولية إسرائيل كقوة احتلال خاصة مع سيطرتها الكاملة على المنافذ البرية والبحرية والجوية، غير أن اللافت في السجال حديث  السيد محمود الزهار الصريح عن غزة محررة المقاومة فيها في حالة ردعية ودفاعية، وعن الضفة كساحة مقاومة رئيسية وهو ما يطرح أسئلة صعبة ومؤلمة ليس فقط عن أسباب عدم الخوض في المقاومة الشعبية، حيث الاحتلال المباشر في الضفة الغربية وإنما عن حرب غزة الأخيرة؛ التي دمرت القطاع المنكوب وبناه التحتية المتواضعة أصلاً وإعادته سنوات بل عقود إلى الوراء، وهي الحرب التي كان بالإمكان تفاديها في ظل مؤسسات راسخة وتفكير استراتيجي سليم وفهم ولو في الحد الأدنى لأهداف وتداعيات خطة شارون الأحادية  والتحديات الصعبة والهائلة التي طرحتها على الفلسطينيين شعباً وقيادة.في كل الأحوال أن يأتي الشيء متأخراً أفضل من ألا يأتي على الإطلاق، غير أن تسونامي المقاومة الشعبية حسب تعبير السيد خالد مشعل الحرفي والمتوافق مع أجواء الثورات والربيع العربي، لا يمكن أن يتم في الفراغ بل ضمن استراتيجية وطنية فلسطينية متماسكة وصلبة تعتمد وثيقة الوفاق الوطني كأساس متين لها، ما يكفل خوض معركة استنزاف جدية ويومية مع الاحتلال وعلى كل المستويات الميدانية والسياسية والإعلامية والقضائية والاقتصادية، وضمن جبهة واسعة أيضاً تمتد من رفح إلى نيويورك، مروراً ببلعين، القدس، ولاهاي وبروكسل مع الاقتناع التام بأن معركة الاستنزاف اليومية، لا  يمكن أن تتم بالصواريخ وأن الطابع الماراتوني للصراع وموازين القوى المختلة بشكل هائل لصالح إسرائيل تفرض على الفلسطينيين خوض المعركة دون إعطاء تل أبيب الفرصة أو المبرر لاستخدام الحد الأقصى من القوة ضدهم. وفي نفس الوقت عدم الاستسلام أمامها سياسياً أو ميدانياً هذا ما يسمى بالمقاومة الشعبية وفق نموذج الانتفاضة الأولى مع تحديثات تتعلق بالسلطة الوطنية  التي هي على أى حال مجرد إدارة للحكم الذاتي، خاصة إذا ما تم نقض بعدها الأمني علماً أن هذا هو التحدي الأساس للمصالحة للمقاومة الشعبية، ولأي استراتيجية صلبة تسعى لإدارة مختلفة للصراع تقطع مع النهج  القائم لسلطتي الحكم الذاتي في الضفة وغزة حيث الاحتلال بتجلياته المختلفة المباشر منها وغير المباشر.مدير مركز شرق المتوسط للاعلام