خبر : زيارة بان كي مون إلى غزة: المقدمات والوقائع ..بقلم: وليد العوض

الإثنين 06 فبراير 2012 10:06 ص / بتوقيت القدس +2GMT
زيارة بان كي مون إلى غزة: المقدمات والوقائع ..بقلم: وليد العوض



لساعات ثلاث زار السيد بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، قطاع غزة، يوم الخميس الماضي، بعد أن كان التقى الرئيس "أبو مازن"، يوم الأربعاء؛ لبحث الشأن السياسي بشكل عام وتطورات عملية السلام المتعثرة على وجه خاص، وما من شك في أن السيد بان كي مون قد استمع إلى موقف القيادة الفلسطينية على لسان رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير؛ كونها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، وهو الموقف الذي اتخذته اللجنة التنفيذية في اجتماعها قبل يومين من لقاء السيد مون، وجوهره أن لا عودة إلى المفاوضات دون وقف الاستيطان، وتوفير مرجعية دولية لعملية السلام تقوم على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الشأن. أما فيما يتعلق بزيارته قطاع غزة وهي الثالثة التي كانت مخصصة لأحد المشاريع في محافظة خان يونس، التي تقوم الأمم المتحدة برعايته عبر وكالة الغوث "الأونروا"، والمخصصة، أيضاً، للقاء عدد من الشخصيات الفلسطينية للاطلاع على أوضاع شعبنا ومعاناته في القطاع المثخن بالجراح، الزيارة إلى قطاع غزة تحققت كما شاهدها العالم عبر وسائل الإعلام، وقد شابتها الكثير من الملابسات التي بقيت بعيدةً عن ما تناولته وسائل الإعلام بشأن الزيارة، ومنها الاستقبال الاحتجاجي الذي استقبل به السيد بان كي مون على حاجز بيت حانون من قبل عشرات المواطنين الغاضبين على تجاهله معاناتهم خلال زياراته السابقة، لكن ما كان يدور خلف الكوليس وعبر الهواتف النقالة كان الأكثر أهمية لهذه الزيارة التي لا يختلف أحد على أهميتها، نظراً للمكانة التي يتمتع بها السيد مون كأمين عام للأمم المتحدة، هذه المؤسسة الأممية التي أناط بها العالم صيانة السلم والأمن الدوليين، والسعي لإقامة نظام عادل لشعوب الأرض قاطبة، أقول إن ما كان يجري خلف الكواليس وعبر الهواتف النقالة هو الأكثر أهمية انطلاقاً من ضرورة الأخذ بعين الاعتبار ما جرى لتجاوز آية مثالب وتحوطاً لزيارات مماثلة تقوم بها شخصيات دولية لبحث الشأن العام لأهلنا في قطاع غزة تقوم باختيارها هي دون مراعاة واقعنا السياسي والاجتماعي وحقيقة معاناة قطاعاته جراء العدوان. وبالعودة إلى الملابسات التي ترافقت مع تلك الزيارة، فقد بدأ، قبل أسبوع، مكتب الأمم المتحدة بالاتصال كعادته مع عدد من الشخصيات التي نكن لها كل الاحترام لحضور اللقاء مع السيد مون، ومن بين هذه الشخصيات المحامي عصام يونس مدير مركز الميزان الذي أبدى ملاحظاته على عدم شمول الشخصيات المرشحة للقاء السيد مون كل القطاعات المعنية من شعبنا؛ مما يجعل اللقاء غير مجد من وجهة نظره، وقد دفعه ذلك لإبلاغ اعتذاره عن قبول الدعوة للمعنيين في مكتب الأمم المتحدة، وفي ضوء ذلك تداعى عدد من المهتمين بالشأن العام إلى منزل د ناصر أبو العطا، ومن بينهم كاتب هذه السطور وآخرون، حيث بدأت الاتصالات والمراسلات، وبحرص وطني أجرى السيد خليل أبو شمالة، مدير مؤسسة الضمير، اتصالات مكثفة بدأب ومثابرة لشرح الملابسات والملاحظات على الدعوة وطريقتها، وانطلاقاً من الحرص نفسه بادر السيد أمجد الشوا إلى الاعتذار عن المشاركة في اللقاء، كما أصدرت بصفتي عضواً في المكتب السياسي لحزب الشعب تصريحاً صحافياً، صباح يوم الأربعاء، مرحباً بزيارة السيد بان كي مون وداعياً إلى أن يكون وفد الشخصيات المرشحة للقائه شاملاً القطاعات المختلفة خاصة أهالي المعتقلين والمتضررين من العدوان والمزارعين وممثلين عن مخيمات اللاجئين وقطاع المرأة وممثلي منظمات حقوق الإنسان بالإضافة إلى رجال الأعمال، كما وأصدر السيد رباح مهنا، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، ظهيرة اليوم نفسه بياناً بهذا الصدد. وفي مقابل ذلك كانت تتواصل الاتصالات المكثفة مع جهات وشخصيات عدة بما فيها التي وافقت على اللقاء، وقد اتخذت الناشطة في قطاع المرأة مريم زقوت موقفاً حاسماً بالاعتذار عن المشاركة في اللقاء؛ الأمر الذي دفع الجهات المنظمة إلى محاولة تعويض النقص، وسعت إلى الاتصال بشخصيات أخرى أعلنت قبولها الدعوة على الفور على الرغم من علمها بملابساتها، ومع ذلك استمرت الاتصالات واتسعت لتشمل لجنة الأسرى وذويهم الذين استقبلوا بان كي مون بغضب على معبر بيت حانون، وعلى الرغم من ذلك واصل المنظمون في مكتب الأمم المتحدة ومستشاروهم تجاهل هذا الغضب، وأصروا على عدم إشراك أي من أهالي الأسرى أو المتضررين من العدوان مع الشخصيات التي ستقابل الأمين العام، هذا الرفض وصل إلى مسامع أهالي الأسرى، الذين بلغ الأمر بهم التلويح والتلميح إلى أن الغضب الذي قوبل به السيد بان كي مون على حاجز بيت حانون يمكن أن يتوجه إلى من سيقابله من الشخصيات الفلسطينية إذا ما بقي الموظفون في مكتب الأمم المتحدة على رفضهم إشراك ذوي الأسرى في اللقاء، وقد دفع هذا التطور المهم، وهم على حق، أعضاء الوفد لاشتراط مقابلة الأمين العام بقبول ثلاثة من أهالي الأسرى معهم، وهن المناضلات اللواتي نفتخر بهن وبثوبهن الفلسطيني "أم جبر وشاح"، و"أم إبراهيم بارود"، و"أم رامي عنبر"، وحين أصر وفد الشخصيات على موقفه وبقي منظمو اللقاء على موقفهم المعروف والمشار إليه آنفاً ألغي اللقاء، وهكذا تحولت الكاميرات إلى مكان آخر حيث عقد المؤتمر الصحافي ليعلن ذلك. أردت مما ذكرته أعلاه القول إن الموقف الوطني والحريص الذي بادر إليه من اعتذر عن اللقاء علق الجرس وسلط الضوء على قضية مهمة، لابد من النظر إليها بجدية، فلا يجوز بأي حال من الأحوال لأي كان خصوصاً الموظفين الدوليين العاملين في الأراضي الفلسطينية أن يتحكموا بتشكيل أي وفد لمقابلة أي شخصية دولية تزور القطاع للاطلاع على معاناته، إن الأجدر بعرض هذه المعاناة من الناحية المجتمعية هم فقط ممثلو القطاعات المختلفة التي أشرنا إليها في متن المقال، وهي وحدها المخولة تسميتهم عبر التواصل مع الجهات السياسية المسؤولة. وهنا أقول بكل وضوح إن الملابسات التي ترافقت مع زيارة السيد بان كي مون إلى غزة وقبله السيدة آشتون وغيرهما يجب أن تتوقف فوراً، انطلاقاً من أن شعبنا الفلسطيني له قيمه وتقاليده العريقة ويعتز بتاريخه وانتمائه الوطني. وفي ختام مقالي هذا يحضرني قول الرفيق الراحل عبد الله أبو العطا، عضو المكتب السياسي لحزبنا، في ظروف مماثلة كانت قد حدثت في ثمانينيات القرن الماضي حين قال: لشعبنا ممثل سياسي واحد هو منظمة التحرير الفلسطينية وفي الأمور المجتمعية هناك قطاعات متعارف عليها، فالبيوت تطرق من أبوابها. * عضو المكتب السياسي لحزب الشعب.