خبر : نظام الأسد: قاتل أو مقتول! ...بقلم: رجب أبو سرية

الجمعة 27 يناير 2012 10:41 ص / بتوقيت القدس +2GMT
نظام الأسد: قاتل أو مقتول! ...بقلم: رجب أبو سرية



رغم أن الشعب السوري انتفض على نظامه في نفس الوقت _ تقريباً _ الذي انتفض فيه الشعب الليبي والشعب اليمني، كل على نظامه، إلا أن نظام بشار الأسد لم يسقط بعد، لا على الطريقة الليبية، التي حسمت عسكرياً، بتحرير العاصمة من نظام القذافي، ثم بمصرعه شخصياً، ولا على الطريقة اليمنية، حيث فرض التنحي على علي عبد الله صالح، بعد تواصل الاحتجاجات، وتدخل مجلس التعاون الخليجي بخطة كان من شأنها أن تجد طريقها الى التنفيذ في النهاية، بما حقن مزيداً من الدماء، وأخرج رقبة صالح من المقصلة. تباين أشكال والفترة من الوقت التي يحتاجها كل بلد للتحرر من طاغيته، يثبت أولاً أن الثورات العربية ليست مفتعلة ولا هي من صنع أحد في الخارج، وهذا يعيد الاعتبار والاحترام للشعوب، حيث ما زالت، رغم كل ما حدث، بعض أبواق أنظمة الاستبداد، تشيع أن الربيع العربي إنما كان مفتعلاً، ولم يكن نتيجة حتمية او طبيعية لوصول المجتمعات العربية الى انسداد الأفق مع وجود أنظمة حكم الفرد المستبد، في زمن انتهت فيه الحرب الباردة منذ عقدين من السنين، ودخل فيه العالم بأسره عصر عولمة أزالت الحدود، وأطلقت ثورة اتصالات لم يسبق لها مثيل، كان من شأنها أن كشفت ما يحدث في العالم بأسره للمواطنين العرب، الذين صار سهلاً جداً عليهم ان يقارنوا ما عليه الحال في كل الدنيا بما هو عليه حالهم. بذلك فإن نهاية النظام السوري، مهما طال الوقت، إنما هي حتمية، والحراك الشعبي العربي، لن يتوقف عند تلك الحدود، بل سيعم كل ما تبقى من دول، وسيطال كل الأنظمة والتنظيمات والنظم، ولن يتوقف عند حدود الانقلاب السياسي أو التغيير السياسي، لكن السؤال يتعلق فقط، بـ: إلى أي مدى سيستمر الحال في سورية هكذا، قتل مستمر ومتواصل، حيث لم يعد من مهمة للمراقبين، على اختلاف ألوانهم سوى أن يعدوا الضحايا التي تسقط كل يوم، وهذا وحده _ أي ما حدث في سورية خلال عام تقريبا _ كاف لجر نظام الأسد الى مقصلة التاريخ، على اعتبار انه يسجل نفسه كواحد من أسوأ أنظمة ما بعد الحرب العالمية الثانية، قمعا لشعبه، كذلك ما هو الشكل الذي سينتهي عليه الحال، بعد سقوط هذا النظام، وهل سيكون على شاكلة القذافي أم على شاكلة صالح، أم سيشق له شكلاً جديداً. حتى يوم أول من أمس خط النظام السوري يوماً دموياً، بشعاً، سقط فيه نحو أربعة وستين شهيداًَ، في حمص وحماة، وكان ذلك رداً كافياً من النظام على مشروع الحل العربي، الذي قدمته الجامعة العربية، وأظهر الرغبة العربية بالسير على الطريقة الخليجية في اليمن، وكان جوهر الحل العربي، هو تسليم الرئيس الأسد مقاليد السلطة لنائبه (فاروق الشرع) _ هو بالمناسبة سني، حيث يقود مع حكومة وحدة وطنية مرحلة انتقالية، يتم خلالها التحول باتجاه الديمقراطية السياسية، وقد أوضح وزير الخارجية وليد المعلم، طبيعة هذا الرد من خلال قوله إن الشعب السوري هو الذي طالب بالحل الأمني! الصراع السياسي منذ أن دخلت الجامعة العربية على طريق الحل، إنما يتلخص في اختيار واحد من حلين: الحل السياسي / العربي، وهو يتضمن تنحية الأسد، وتحضير البلاد لانتخابات عامة ورئاسية، والحل الأمني الذي يسير عليه النظام منذ نحو أحد عشر شهراً، وبسببه يسقط كل يوم عشرات الضحايا، وكان من نتيجته ان سقط أكثر من خمسة آلاف قتيل، هذا غير الجرحى والمعتقلين والمشردين. أما أساس رواية النظام، الذي ما زال يدفع بوحدات الجيش إلى المدن والأحياء السكنية، هو وجود أفراد مسلحين، طبعاً مثل هذا حدث في اليمن وأكثر منه في ليبيا وحتى حدث في مصر، حين ظهرت مجموعات الحماية من المتطوعين من الشبان لمواجهة " البلطجية في مصر والشبيحة في سورية _ ربما كان هذا يفسر تراجع الحديث عن الشبيحة في سورية، كذلك وكما حدث مع القذافي وصالح، اللذين حاولا عبثاً، الإيحاء بأنهما يقاتلان عناصر قاعدية أو سلفية، النظام السوري، يعول على فقدان صبر الناس، مع استمرار القتل، ولجوء البعض إلى تشكيل الجماعات المسلحة، كذلك انشقاق بعض عناصر الجيش، وحتى تفكير البعض باللجوء الى العمليات الانتحارية، للقول إن هناك تدخلاً خارجياً، مع أن _ حتى _ هذه العناصر، إنما هم سوريون، ولم يسجل أحد من المراقبين وجود أية عناصر غير سورية في الصراع الداخلي على السلطة. لو كان النظام السوري يواجه عناصر مسلحة فقط لاكتفت قطاعات الجيش بقطع الطرق وإقامة الحواجز، ولما اضطرت لدخول المدن لمطاردة احتجاجات المواطنين، ولما سقطت كل هذه الأعداد من الناس، لكن من الواضح أن نظاماً تأسس لحماية نفسه، أقام كل أجهزة الأمن وحتى الجيش من أجل هدف وحيد وهو حماية المصالح الضيقة لأفراد النظام وليس للدفاع عن الوطن أو لحماية المواطنين، ولم ينظر يوماً مثل هذا النظام للناس على أنهم مواطنون، بل أفراد دهماء، او حتى قطيع من البشر، مهمته ان يهتف له وأن يمجد شخصه ويسبح بحمده او يبجل عظمته، نظر هذا النظام للمواطنين على أنهم "هتيفة" لا حقوق لهم، سوى ما يمنحهم إياه، لذا يصر "المعلم" على أن الحل هو "برنامج الإصلاح" الذي قدمه الرئيس السوري، والذي يبقي عملياً على النظام كما هو، بعد عملية تجميل عابرة، لن تغير من جوهره في شيء. يبدو أن النظام في سورية يراهن، أولاً على عدم تصدع جبهته العسكرية الداخلية بعد، وعلى الدعم السياسي والعسكري الذي تمنحه إياه روسيا، طبعاً إضافة الى دعم إيران وحزب الله الأمني، وهذا لم يتوفر لكل من القذافي وصالح، ويفسر "صمود" نظام الأسد حتى اللحظة، لكنه في الحقيقة أيضاً صار ظهره للحائط، فهو إما قاتل أو مقتول، وفي الوقت الذي رفض فيه الحل العربي وتمسك بالحل الأمني، وافق على تمديد مهلة المراقبين العرب، لاحتواء الضغط الخارجي ليس إلا، و بعد أن سحبت دول الخليج ممثليها الخمس والخمسين من مجموعات المراقبين العرب، وقرأ النظام السوري تقرير المراقبين من زاوية واحدة، وهي إن التقرير أشار الى وجود مسلحين، وغفل عن حجم انتهاكات حقوق الإنسان التي سجلها التقرير، على هناته، وعلى حجم الخديعة التي تمت للمراقبين من قبل هذا النظام، لكنه لا يدرك أن تقريراً آخر، إذا ما واصلت مجموعات المراقبين عملها لشهر آخر، سيكون مستنداً لتدخل مجلس الأمن، بما لا يتوقف فقط عند فرض العقوبات الاقتصادية التي بدأت تأتي أكلها وفق اعتراف النظام نفسه، بل قد تتعداها الى إقرار استخدام القوة العسكرية الدولية لحماية المواطنين السوريين وحتى لإسقاط نظام الأسد. Rajab22@hotmail.com