خبر : على الرئيس أبو مازن ومشعل التحرك معاً لوقف مخطط قتل الدولة السورية ... حسين حجازي

السبت 21 يناير 2012 09:09 ص / بتوقيت القدس +2GMT
على الرئيس أبو مازن ومشعل التحرك معاً لوقف مخطط قتل الدولة السورية ... حسين حجازي



يتحقق الظرف الموضوعي للثورة اختمار الوضع الثوري حين لا يعود بمقدور الحكام ان يحكموا كما كانوا في السابق. وبالمقابل لا يعود بمقدور المحكومين القبول بأن يحكموا بنفس الطريقة السابقة. هنا تدنو الثورة من حقيقتها ولكن هذه اللحظة، الظروف ليست سوى نصف الشرط، إذ يلزم لبلوغ الثورة غايتها، توفر الشرط الذاتي وهذا قوامه الطليعة الثورية ممثلة بالحزب الثوري الذي وحده يستطيع تحويل الشرط الموضوعي إلى فعل ثوري. وكما في قصة القمحة والفلاح، فإن هذا الحزب لكي ينجح في تحويل الظرف الموضوعي الى حركة ثورية، يلزمه امتلاك نظرية ثورية. "لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية" يقول لينين. هذا هو قوام الوصفة الكلاسيكية لنشوء الثورة. والسؤال اليوم هل هذه الوصفة تنطبق على الوضع السوري؟ والجواب انها في ظاهر الحال تبدو كذلك، أي تنطبق، لكن في واقع الحال لا يبدو الأمر كذلك. وظاهر الحال غالباً ما يبدو مخادعاً ومضللاً. لنرى الى الأمر من زاوية قياس أخرى، لكي نستجلي الصورة الحقيقية ففي واقع الحال لا يبدو أن بمقدور النظام مواصلة الحكم كما كان في السابق وفي واقع الحال أيضاً، انه ليس بمقدوره القضاء على التمرد المسلح، أي حسم الأزمة في المدى الراهن، ولكن من المقلب الآخر، فإن المعارضة، ليس بمقدورها الانتصار على النظام، أو الإطاحة به. وبالتالي حسم الصراع. وهكذا لعل ادراك النظام الذي يدير الأزمة بصورة أفضل، من معارضيه. قاده الى تبني خيار الإصلاح والحوار كمخرج من المأزق، الانسداد، التعادل السلبي. فيما نقطة ضعف المعارضة ليست في انقسامها، غياب الحزب الثوري المؤطر، لحركة الجماهير ببرنامج وطني، ولكن غياب وضعف الإدارة الاستراتيجية للصراع، بالطبع يمكن المساجلة هنا بأن هذا الحزب المؤطر لم يكن موجوداً في الثورات العربية الأخرى، وهذا صحيح لكن هناك لم يكن ثمة انقسام شعبي حول النظام، لم يختلفوا عليه خلافاً جذرياً وإنما إجماع شعبي كاسح ضد النظام، وهذا ليس موجوداً في سورية، وهذا كما يقال مربط الفرس في القصة السورية، إن الإجماع حول النظام وليس ضده. لا تعترف السياسية بالانسدادات، وغالباً فإن اللاعبين المحترفين، لا يقرون بأن هناك انسداداً مطلقاً لا يوجد له مخرج، او وسيلة للالتفاف عليه. من انسداد المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية وجدوا مخرجاً في "اللقاءات الاستكشافية" لكن هنا ليس ثمة سوى مخرج واحد هو التدخل الخارجي وتعرفون القصة. في البدء حاولوا إحداث هذا التدخل عبر مجلس الأمن ولكن هذه المحاولة تم صدها، بالفيتو الروسي والصيني، فتم إخراج الحل، العربي "التعريب" بتفعيل دور الجامعة العربية في سابقة تدخل نادرة، في شأن دولة عضو في الجامعة. أدار وليد المعلم، وزير خارجية سورية عملية دبلوماسية على درجة عالية من الاحتراف، والمهنية، لاحتواء الهجوم الذي قامت به الجامعة العربية، كان هذا عرضاً سورياً بامتياز لإظهار مدى التفوق والحرفية، والذكاء والخبرة، التي تتمتع بها دبلوماسية، قوية أرساها أل الاسد. وكان الهدف من إرسال المراقبين العرب، واضحاً وان كان مخفياً تحت الطاولة وهو شحذ المعارضة السورية، بحقنة تلقيح اصطناعية، كان يفترض بحسب التقديرات، أنها جرعة قوية ضرورية، لكيما تكشف الثورة وقد تشجعت بوجود المراقبين عن قوتها، تفوقها الشعبي الكاسح على النظام، تزحف من خلاله المظاهرات لتحتل الميادين والساحات وتطويق العاصمة دمشق، وهكذا يسقط، ينهار النظام من تلقاء نفسه كبنيان من ورق. لكن ما حدث كان مثل إلقاء دش ماء بارد على اللاعبين المنتظرين خلف الستارة، بحيث لم يحدث أي شيء من ذلك. بل بدا الأمر مثيراً ومسلياً ومشوقاً وكنوع من الورطة. أدلى كبير المراقبين، الفريق السوداني انطباعات بدت وكانها اقرب الى تأييد الرواية السورية، عن المجموعات المسلحة. وهكذا بصوت واحد، كأن على رؤوسهم الطير، من واشنطن الى باريس، ألان جوبيه والشيخ حمد، وهيلاري كلينتون، والمعارضة السورية قالوا : لم نعد نريد المراقبين، يجب إنهاء دورهم. طيب انتم من ضغطتم على النظام السوري لقبول المراقبين، "فماذا عدا عما بدا؟". في يوم سبتكم هذا ينتهي الشهر الأول للمراقبين في البرتوكول المتفق عليه، باجتماع الجامعة، ولكن قبل عقد هذا الاجتماع، استبق أمير قطر الاجتماع بالدعوة الى تدخل قوات ردع عربية في سورية، ونقول في العامية، على التعجب من غرابة فكرة "أما حكي". فمن هي الدول العربية التي سترسل جيوشاً الى سورية لمحارية الجيش السوري؟ يواصل في هذه الأثناء صديقنا الدكتور عزمي بشارة، التنظير حول حتمية انتصار الثورة السورية، كما تواصل قناة الجزيرة بإحباط واضح، حملتها اليائسة على سورية، وإن تخلت أخيراً عن "شهود العيان" ربما لسبب انتقادنا هنا قبل أشهر، لا نعرف. بعد أن اهتزت مصداقيتها الإعلامية كما أشرنا إليه في حينه، كمؤسسة ضخمة وهذا يؤسف له. ويواصلون في الدوائر المعتمة، واشنطن وباريس، الضغوط السياسية والاقتصادية على النظام السوري، لكن المأزق السوري يواصل المراوحة في المكان، فما هو المخرج من هذا الانسداد مرة أخرى. تشير الدوافع بداية، إلى البحث عن مخارج متواصلة إلى اعتراف صريح، وضمني، إن ما يسمى الثورة، التمرد، لا يحقق الحسم بقواه الذاتية، وإنما بدعم ومساندة خارجية. وإذ استبق وزير خارجية روسيا، وكذا الصين، اجتماع الجامعة العربية، اليوم السبت بموقف صريح ضد التدخل الخارجي، تدويل الأزمة، يكون من الواضح أن الخيار الوحيد والأخير، المطروح والممكن هو استبدال التدخل الخارجي الصريح بالتدخل من تحت الطاولة، اللجوء إلى العمليات السرية، الاستخباراتية، عبر إحدى الدول المجاورة، بهدف إيصال السلاح، وتدريب المجموعات المسلحة.  وبحسب تقارير صحافية، فإن لبنان هو البلد الذي يتم التركيز من خلاله لإقامة هذا الجسر. حيث تشير هذه التقارير، الى ازدهار سوق تجارة السلاح المهرب إلى سورية، والى تواجد شبكات أجنبية، أميركية وفرنسية، تضم ضباط مخابرات وعسكريين يقومون بالإشراف على تدريب المجموعات المسلحة السورية، وتهريب الأسلحة، وهي تقارير يتم تجاهلها من قبل قناة الجزيرة، ووسائل الإعلام الأخرى. تماماً كما يتم تجاهل استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة "مناظرات" في الدوحة وتشرف عليها الشيخة موزة، زوجة أمير قطر، والذي أظهر تأييد 55% من السوريين، للرئيس بشار الأسد، ورغبتهم في أن يقود هو عملية الإصلاح. وهو ما يعكس خشية الغالبية من الشعب السوري التدخل الأجنبي الخارجي في بلادهم على غرار ما حدث في العراق وليبيا. والراهن ان هذه الخطة انما تستهدف خلق الظرف الموضوعي لإحداث الاحتراب الأهلي الداخلي في سورية، للقضاء على الدولة، فنحن نعرف من تجربة الحرب الأهلية، في لبنان، ماذا يعني هذا الاحتراب الداخلي الذي يأكل من بنية الدولة، وربما نتوصل أخيراً، إلى أن هذا هو الهدف الرئيسي من المخطط الجاري "قتل سورية"، تدمير الدولة السورية من الداخل، عبر هذا الاستنزاف، وبالتالي تحطيم الجيش السوري، الهدف الرئيسي على ما يبدو للعمليات. وهكذا كما تلاحظون نصل الى السؤال الذي تطرحه كل ثورة على نفسها: "من هم أصدقاء الشعب؟ " والجواب واضح في الحالة السورية أنهم هم أنفسهم ممثلو الرأسمالية، الاستعمارية العالمية، وبعض حلفائهم العرب، والمجموعات السياسية، اللبنانية إياها سمير جعجع ومن على شاكلته. لكن ألم نغض الطرف عن تدخل "الناتو" في الحالة الليبية ؟ نعم ولكن الفرق ان موجبات الثورة فعلاً كانت تقتضي هذا الحل، بجعل الظالمين يقتلون الظالمين "اللهم اضرب الظالمين بالظالمين". ولكن المؤامرة النتنة في سورية تقتضي من وجهة نظر المتآمرين جعل السوريين، يقتلون السوريين، "لندع البرابرة يقتلون البرابرة" والنتيجة قتل الدولة السورية، وهذا يعني نهاية، بل حسم الصراع العربي الاسرائيلي لمصلحة اسرائيل، بتحطيم وتفكيك بنية الدولة، والجيش السوري. فلمصلحة من يحدث ذلك؟ وهنا لإكمال حلقات المخطط الجهنمي قام أحمد داود اوغلو صاحب نظرية العمق الاستراتيجي "المشاكل صفر" بمحاولة موازية، لهذه الخطة السرية، لتفكيك تحالفات النظام السوري وهذا هو مغزى زيارته الى طهران وبيروت، لإقناع إيران وحزب الله بالتخلي عن النظام السوري. بل وهل هي مصادفة التقارير الصحافية التي تحدثت في هذا التوقيت عن رغبة خالد مشعل عدم الترشح لانتخابات رئاسة المكتب السياسي لـ"حماس"، وهي تقارير اقرب إلى الشائعات، بعد موقف مشعل من الأزمة السورية، الذي لم يرق لهؤلاء وخصوصاً إصراره والمكتب السياسي على البقاء في سورية. والواقع ان المطلوب اليوم مبادرة فلسطينية، تضم الرئيس أبو مازن ومشعل معاً للتوسط على الطريقة العرفاتية، في الأزمة السورية لوقف مخطط قتل الدولة السورية، وإشهار سلاح الموقف الفلسطيني القومي، لإنقاذ سورية من الحرب الأهلية، التي ستكون فلسطين أكبر الخاسرين منها.