القدس المحتلة سما يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، انتقادات واسعة من كبار المسؤولين في وزارة خارجيته بسبب «قرارات متسرعة وغير مدروسة»، يتخذها وتتسبب في أزمات دبلوماسية لإسرائيل. وجاءت هذه الانتقادات على إثر اتهام واشنطن لإسرائيل بالتدخل في الانتخابات الرئاسية. وقالت مصادر في الخارجية لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس إن الإدارة الأميركية تتذمر من «حملة إسرائيلية تتهم الرئيس باراك أوباما بالتلكؤ في تشديد العقوبات على إيران»، مشيرة إلى تصريحات نائب رئيس الوزراء، موشيه يعلون، قبل أيام، التي تلقفها المرشحون الجمهوريون للرئاسة واستخدموها في معركتهم ضد أوباما. وكان نتنياهو قد قرر إلغاء زيارة له إلى كينيا وأوغندا، في نهاية فبراير (شباط) القادم، لكي يشارك في مؤتمر لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (ايباك)، رغم اعتذاره بداية عن الحضور بسبب زيارته الأفريقية. وتقرر في حينه أن يشارك الرئيس شيمعون بيريس، وتقرر أن يلتقيه الرئيس أوباما. وقالت تلك المصادر إن وجود بيريس ونتنياهو معا في المؤتمر سيتسبب في إرباك الرئيس أوباما، وسيضطر إلى لقاء الاثنين أو إلامتناع عن لقاء أحدهما. وأثار الأمر اشتباكا بين مكتبي بيريس ونتنياهو. وسارع بيريس إلى نشر بيان حول زيارته مع أنه لا ينشر عادة برنامج الرئيس إلا قبل أسبوع من مواعيده، كي لا يضطر إلى إلغائها. وقالت صحيفة «هآرتس» أمس، نقلا عن مسؤول إسرائيلي كبير، قوله إن مكتب نتنياهو أبلغ وزارة الخارجية أنه لا يستطيع زيارة كينيا وأوغندا، التي وصفت سابقا بـ«التاريخية»، وإن الخارجية تعمل الآن على تجنب حصول أزمة دبلوماسية معهما. وأوضح ذلك المسؤول أن نتنياهو هو الذي بادر بشكل شخصي إلى فكرة الزيارة. وكان قد التقى في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي مع رئيسي حكومتي كينيا وأوغندا في إسرائيل، وأبلغهما في حينه برغبته في زيارة بلديهما في مطلع العام الحالي. وبعد أيام من اللقاء أعلن مكتب نتنياهو رغبته في أن تتم الزيارة في فبراير، وعملت السفارتان الإسرائيليتان في أوغندا وكينيا على تنسيق الزيارة في الأسبوع الأخير من فبراير. كما عمل مكتب نتنياهو على تسويق الزيارة في الإعلام باعتبارها «تاريخية، وتأتي بعد 40 عاما من آخر زيارة قام بها رئيس حكومة (ليفي اشكول)»، التي تمت في 1966. يذكر أن إسحق شامير زار الكاميرون في الثمانينيات. ونشر مكتب نتنياهو أنه ينوي الوصول إلى مطار «عينتيبي» في أوغندا لإحياء ذكرى شقيقه الذي قتل عام 1976، خلال عملية إطلاق الرهائن. كما أكد نتنياهو في خطاباته ضرورة توطيد العلاقات مع أفريقيا بهدف زيادة التصدير الإسرائيلي، والحصول على دعمها السياسي في الهيئات الدولية والتحالف معها ضد انتشار نفوذ الإسلام السياسي. وأشارت «هآرتس» إلى أن الخارجية تلقت مؤخرا بيانا يفيد بأن نتنياهو قرر إلغاء زيارته، وأنه سيتوجه بدلا من ذلك إلى واشنطن لحضور مؤتمر «ايباك» في مطلع مارس (آذار)، رغم مشاركة بيريس. وذكر مسؤول الخارجية، في هذا السياق، أن نتنياهو كان قد ألغى بشكل مماثل زيارة كانت مقررة إلى الصين في نوفمبر 2010 لصالح المشاركة في المؤتمر الاقتصادي للمنظمات اليهودية الأميركية. ومنذ ذلك الحين فشل نتنياهو في الحصول على دعوة أخرى. وإثر هذا النشر صمم مكتب نتنياهو، أمس، تهنئة مصورة بالفيديو بعثها للشعب الصيني بمناسبة عام التنين الجديد، جاء فيها: «باسم الشعب الإسرائيلي أود أن أهنئكم أيها الشعب الصيني، كل عام وأنتم بألف خير. إنني أهنئ عائلاتكم بعام من الازدهار والصحة والسعادة برفقة أطفالكم وأهلكم وأحفادكم وأصدقائكم. أعرف أنه وفقا للتراث الصيني يمثل عام التنين النجاح واليمن، وخلال العام القادم أنا متأكد أن الشعب الصيني سيواصل إدهاش العالم بوتيرة تقدمه وازدهاره الكبيرة. وإنني متأكد أيضا أن العام القادم سيعزز الصداقة المتينة القائمة بين شعبينا. وبالنسبة لنا يمثل هذا العام الذكرى العشرين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا، ولكن الصداقة بين الشعبين اليهودي والصيني دامت قرونا طويلة. وازدهرت جاليات يهودية كثيرة في الصين: في كايفنع وخاربين وتيانجين وشانغهاي. يا ليت هذا العام يكون عام ازدهار وسلام للشعب الصيني، وإن شاء الله ستكبر خلال هذا العام الصداقة بين بلدينا العظيمين، وكل عام وأنتم بخير». من جهة ثانية أثار نتنياهو حفيظة وسائل الإعلام الإسرائيلية بعدما كشف رئيس تحرير صحيفة «جيروزاليم بوست»، الصادرة بالإنجليزية في القدس الغربية، أنه اعتبر صحيفتي «هآرتس» و«نيويورك تايمز» من أكبر أعداء إسرائيل. وكشف هذا التصريح أمس في خبر نشرته وكالة الأنباء اليهودية العالمية «جي تي إيه». أكدت فيه أن محرر «جيروزاليم بوست»، ستيف ليند، قال خلال محاضرة أمام مؤتمر لنساء الحركة الصهيونية عقد في تل أبيب قبل بضعة أسابيع، إن نتنياهو قال: «أتدري يا ستيف؟ يوجد لدينا عدوان أساسيان». ويقول ليند: «اعتقدت بأنه سيقول لي إن هذين العدوين هما إيران وحماس، ولكنه صدمني عندما تابع قائلا: (هآرتس) و(نيويورك تايمز)، فهما تحددان الأجندة للحملات المعادية لإسرائيل في العالم. الصحافيون يقرأونهما في الصباح ويبدأون العمل على أساس ما تكتبان. فسألته: هل تعتقد حقا أن للصحافة قوة كهذه لبلورة مواقف الرأي العام؟ فأجابني: بالتأكيد». وأصدر مكتب نتنياهو بيانا أمس، نفى فيه أن يكون قد استخدم كلمات كهذه. واعتبر النشر «تسريبا غير صحيح من لقاء شخصي». ولكن مكتب رئيسة حزب كديما المعارض، تسيبي ليفني، أكد أن نتنياهو قال هذا الكلام لأشخاص آخرين. وأضاف: «في حينه ردت ليفني علنا بالتأكيد أن إسرائيل تتعرض لتهديدات وجودية، ولكن ليس من (هآرتس) و(نيويورك تايمز)، بل من إيران وحماس. ولم يفهم السامعون لماذا استخدمت في حينه هذه التعابير، لكن نتنياهو فهمها جيدا».