خبر : المرأة والربيع العربي ...هديل ابو مريم

الخميس 19 يناير 2012 04:43 م / بتوقيت القدس +2GMT
المرأة والربيع العربي ...هديل ابو مريم



لم تكن المرأة العربية يوما بعيدة عن معترك الحياة في شتى ميادينها, فكما هي الأساس في وقت السلم كذلك هي في وقت الحرب وأوقات عدم الاستقرار في المنطقة, هي الثائرة والقائدة والأخصائية في الميدان, لكن من يعترف بذلك؟ ومن يثني على هذا الدور العميق والقوي؟ للأسف قلة قليلة من تعترف بدور المرأة العربية في المجتمع إذ يجب أن تقتل أو تزهق روحها أو تستشهد أو تسجن , حتى يتم إثارة قضيتها ويتم مناقشتها في الرأي العام...ففي مصر, ومنذ بدء الثورة في العام المنصرم شاهدنا كيفية مشاركتها الفعالة في حسم كثير من الأمور, بل تعرضت لكثير إن لم يكن لكل المضايقات التي تعنفها وتقلل من شأنها كونها أنثى أو مرأة و أنسب مكان لتواجدها هو بيتها وبالأحرى الركن الذي يسعد معدة الرجل فيه!!, أو عملها ليتم استنزاف آخر قطرة من جهدها وكينونتها..وفي تونس كانت الأم التي فقدت فلذة كبدها, حتى يتم تحرير رقبة  مليون  يقبعون تحت رق قبيح تونس, وكانت السبب الذي أشعل نخوة ذلك الشاب في رأسه فاحترق جسده بها, وما زالت تشارك في الحياة هناك, إذ اعتلت المناصب العليا في الدولة لتكون الوزيرة المعنية بهموم المرأة ومشاكلها والمساعدة على استرداد حقوقها وكرامتها..أما في اليمن السعيد, كانت المرأة جنبا إلى جنب مع الرجل لإزالة ما كان جاثما على صدور اليمنيين, تماما كما كان القات مسيطرا على عقولهم, وتمكنت المرأة من الحصول على أعلى جائزة عالمية تقديرا لجهودها والبصمات الواضحة التي تركتها في مجالها, فكيف يكرم ويقدر العالم المرأة العربية وشعبها ومجتمعها الذي أنجبها لم يكن البتة يوما إلى جانبها إلا في حالات نادرة جدا ربما بدافع الشفقة أكثر مما كان الدافع يحمل القليل من الإنسانية أو التقدير...ومرورا بدول الشام, ما زال الجرح عميقا يدمي القلب والوجدان وما زالت المرأة السورية تئن تحت وطأة نظام أسدها الذي لا يراه الأغلب إلا فأرا يختبئ في جحر, انتشرت للمرأة السورية الكثير من النشاطات والمشاركات, شاهدناها على مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك عبر وسائل الإعلام, فهي المحللة السياسية والمشاركة ميدانيا واجتماعيا, حتى لو كانت في بيتها فهي من تهم للخروج من بيتها لإطعام أطفالها ولكن كان الرصاص الطائش من يستقبلها فور خروجها من بيتها, عن أي كرامة وعن أي عروبة يتحدثون ويتشدقون؟؟!! ثكلتهم أمهاتهم فقد يتحركن هن الأخريات حتى يقلبن الموازين قليلا...ولو تناولنا دور المرأة اللبنانية في كافة المراحل التاريخية للبنان, فنجد أن دورها قد يكون أقوى من دور النساء العربيات في الأقطار العربية الأخرى, فهي الأكثر انفتاحا والأكثر اندماجا بالمجتمعات الغربية وكذلك الأكثر اضطلاعا على الثقافات الأخرى لما يتمتع به المجتمع اللبناني من خصائص ومميزات قد تختلف قليلا عن أشقائه العرب, كذلك لا يمكن إنكار دورها في الجنوب اللبناني المقاوم, فمن الأهمية بمكان ذكر هذا الدور, فهي الإعلامية المميزة,  والمربية الفاضلة,  والأم الثكلى التي طالما انتظرت عودة ابنها شهيدا مقاوما مضرجا بدمائه الطاهرة...لكن الخوف والقلق الشديدين يساوران عقول وقلوب المثقفين والخبراء في المجتمع العربي, فقد يتم تجاهل الدور المؤثر والقوي جدا للمرأة أو حتى إنكاره, لأن الصفة الذكورية لا زالت هي المسيطرة على طبيعة مجتمعاتنا العربية, وكذلك من الأهمية بمكان ذكر بعض التيارات وخصوصا السلفية التي تنكر وجود المرأة خصوصا في مجالات الحياة العملية والسياسية..وإذا ما نظرنا إلى الباعث النفسي لكل هذه التفاصيل السابقة, نجد أن المرأة في حالة قلق مستمر والذي من أهم دوافعه , الإحساس بالضعف والتهميش والعجز على مواجهة الثقافة التجهيلية والمتجاهلة لدورها, فمنهن من يستسلم لذلك فلا يتعدى طموحها أن تكون زوجة وأم فقط, والقلة القليلة التي تواجه ,وتستمر في بناء ذاتها والاعتماد على نفسها ثقافيا وعلميا ومواكبة عصرها وما يتعلق بالتطورات اليومية والسريعة للحياة العصرية التي تتطلب من المجتمع بجميع فئاته, ذكورا وإناثا تتبع الحياة للوصول لأرقى درجات الإنسانية التي تتناسب مع إنسان القرن الحادي والعشرين, ولا أحد يعلم ما إذا كانت رياح التغيير في الوطن العربي هي نسائم ربيعية أم زوابع وعواصف قد تأتي على الجميع إلا المستفيد منها والراغب في تجربة طعم السلطة, فمصائب قوم عند قوم فوائد...