خبر : الوحدة الاندماجية بين «حماس» و«الجهاد» بعيدة المنال ... لكنها ممكنة

الخميس 19 يناير 2012 01:14 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الوحدة الاندماجية بين «حماس» و«الجهاد» بعيدة المنال ... لكنها ممكنة



غزة / فتحي صباح / قبل أكثر من 30 عاماً، خرجت إلى النور حركة «الجهاد الإسلامي في فلسطين» من رحم جماعة «الإخوان المسلمين» بقيادة الشهيد فتحي الشقاقي وعدد من رفاقه. وبعدها بأقل من عشر سنوات، ولدت حركة «حماس» كرأس حربة مقاتل للجماعة في فلسطين وخلال السنوات الطويلة الماضية، مرت العلاقة بين «الجهاد» و«حماس» بمراحل وشابها الكثير من الحساسيات والتوتر والتنافس، وأحياناً الاشتباك الميداني والمسلح، خصوصاً في قطاع غزة حيث تملك الحركتان أكبر قاعدتين جماهيريتين وذراعين عسكرتين قويتين. وخاضت الحركتان أيضاً حوارات متقطعة للوصول إلى أي شكل من أشكال الوحدة من دون جدوى، إلا أن تقارباً ملحوظاً بين قيادتي الحركتين أخذ يشق مجراه خلال السنوات الأخيرة، فيما هوة الخلاف والتوتر تتسع على مستوى الكوادر والقواعد. وألقت دعوة رئيس الحكومة التي تقودها «حماس» في غزة، عضو مكتبها السياسي إسماعيل هنية للوحدة الاندماجية بين الحركتين خلال اجتماع مع قيادة «الجهاد» أول من أمس حجراً في بحيرة راكدة، وأوجدت مبرراً لاستئناف حوار تقطع كثيراً من أجل هذه الوحدة. لكن على رغم دعوة هنية والعلاقة «القوية» بين عدد من قيادات الحركتين و«تفاؤل» بعضهم، يعتقد كثيرون من كوادر الحركتين وقواعدهما ومراقبين أن تحقيق «الوحدة الاندماجية» يكاد يكون «ضرباً من الخيال». ورأى عضو المكتب السياسي لحركة «الجهاد» الشيخ نافذ عزام في حديث مع «الحياة» أنه من «الناحيتين الأيديولوجية والنفسية، نتمنى وحدة الحركة الإسلامية في فلسطين وفي أي مكان آخر». واعتبر عزام الذي شارك في اللقاء مع هنية أن «الوحدة الكاملة تظل هدفاً بعيداً في ظل واقع العمل الإسلامي الفلسطيني، ويجب بذل جهد كبير ووقت طويل من أجل الوصول إليها، وهي تحتاج إلى حوارات ونقاشات معمقة». لكن الناطق باسم حكومة «حماس» طاهر النونو الذي حضر اللقاء أيضاً رأى أن هناك «أربعة عوامل» يمكن أن تساعد في تحقيق الحوار والوحدة «أولها المنطلق الإسلامي الواحد، وثانيها المشروع الواحد وأهدافه الموحدة، وثالثها الأدوات المستخدمة الموحدة (لتحقيق هذا المشروع)، ورابعها أن الخلافات بين الحركتين طابعها تكتيكي وهي خلافات تنظيمية طبيعية». واعتبر في حديث مع «الحياة» أن «الحوار المعمق يمكن أن يصل إلى ما فوق الشراكة إلى الوحدة». غير أن عزام الذي رفض الإفصاح عن تفاصيل معيقات الوحدة، رأى أن «هناك صوراً آخر للوحدة، من دون وحدة الهياكل التنظيمية، مثل وحدة البرنامج السياسي والاتفاق على قضايا من دون أن نكون مضطرين إلى العمل تحت شكل واحد من أشكال الوحدة». وأوضح: «خلال الأعوام الثلاثين الماضية، حصلت أشياء كثيرة، والعلاقة لم تسر في نسق واحد». لكنه استدرك قائلاً: «هناك اختلافات سياسية، واختلافات في تقويم الأمور والأحداث، ومع ذلك نحن الآن بلا شك في وضع أفضل، وحتى نتجاوز تلك الاختلافات وسنوات طويلة من التوتر، يجب أن تكون هناك خطوات لتعزيز الثقة والتعاون». ومن أجل إنهاء هذا التوتر والاختلافات بين كوادر الحركتين وقواعدهما، قال النونو: «تجري تهيئة الكوادر والقواعد من خلال دعوة هنية إلى حوار معمق»، مضيفاً أن «العام الأخير شهد عملاً مشتركاً وفعاليات وأنشطة بين كوادر الحركتين». مع ذلك، أقر النونو بأن «هناك مشاكل كثيرة طبيعية، لكنها لا تندرج في إطار الخلافات، فلا نستطيع أن نقول أن هناك خلافاً بين الحركتين، فنحن لا نختلف على فلسطين، ولا على المقاومة، ولا على الإسلام كمنهج حياة، ولا على المشروع السياسي». لكن مراقبين لاحظوا أن هناك تباعداً متزايداً في المشروع السياسي بين الحركتين، فحركة «حماس» تقترب أكثر فأكثر من مشروع «فتح» السياسي المتمثل في إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة عاصمتها القدس مع هدنة طويلة الأمد بديلاً من الاعتراف بإسرائيل، فيما ترفض «الجهاد» أي اعتراف بإسرائيل على أي جزء من فلسطين التاريخية، وتسعى إلى إقامة الدولة بين النهر والبحر. وقال عزام والنونو أنه لم يتم حتى الآن تشكيل أي لجان للحوار ولم يتم تحديد جدول أعمال للحوار. واعتبر النونو أن «الوحدة طموح يجب أن يوضع على الطاولة ويمكن الوصول إليها في شكل مباشر أو تدريجي، وسيتم بحث أفضل صيغها من خلال حوار ونقاش معمق». ولفت عزام إلى أنه «في الماضي عقدت لقاءات عدة، ويمكن أن تكون هناك لقاءات أخرى ندرس خلالها كل شيء بعناية».