لجنة الخارجية في البرلمان الفرنسي نشرت قبل نحو اسبوعين تقريرا غير مسبوق في حدته ادعت فيه بأن اسرائيل تدير في الضفة الغربية سياسة "ابرتهايد جديدة" في كل ما يتعلق بمقدرات الماء. اضافة الى ذلك، يتبين ان السفارة الاسرائيلية في باريس لم تعرف بالتقرير ولم تعمل على محاولة تلطيف حدته. محافل في وزارة الخارجية وصفت القضية بأنها "خلل سياسي خطير". واكتشفت السفارة التقرير بعد بضعة ايام فقط من نشره في موقع الانترنت للبرلمان. أما من أطلع السفارة فقد كان قسم اوروبا في مقر وزارة الخارجية والذي تلقى معلومات عن الموضوع من مصدر آخر. وكان وضع التقرير عضو البرلمان من الحزب الاشتراكي جان غلباني، الذي كان وزيرا للزراعة في حكومة ليونيل جوزفين في نهاية التسعينيات. وتلقى غلباني المهمة من لجنة الخارجية في البرلمان لوضع تقرير عن "التأثيرات الجغرافية السياسية للماء" في منطقة نزاع في العالم، فزار اسرائيل والسلطة الفلسطينية بين 17 و19 أيار 2011 والتقى في اسرائيل محافل حكومية رفيعة المستوى وعلى رأسها وزير الطاقة والمياه عوزي لنداو ورئيس سلطة المياه اوري شني. وكتب غلباني في التقرير انه رغم ان الكثيرين يمتنعون عن استخدام هذا التعبير لحساسيته السياسية، فان سياسة اسرائيل في الضفة الغربية هي مثابة "ابرتهايد جديدة". وادعى بأن مجرد استخدام تعبير "دولة يهودية" يشير الى نوع معين من الابرتهايد على أساس ديني. وكتب غلباني يقول ان الواجب الأكبر الذي يستهدف الفصل بين المجموعتين السكانيتين هو الرمز الأفضل (الابرتهايد، ب ر). كما كتب أيضا بان المياه هي عنصر مميز في النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين وفي الاتفاقات بين الطرفين، ولكن توزيع المياه غير عادل وليس للفلسطينيين قدرة على الوصول الى المخزون الجوفي، للمياه التحت أرضية. واشار غلباني الى أنه "يوجد نزاع مياه" بين اسرائيل والفلسطينيين وأن "التوسع الاقليمي لاسرائيل يبدو كاحتلال مياه سواء للجداول أم للابار الجوفية". ويقضي التقرير بان المياه أصبحت "سلاحا في خدمة الابرتهايد الجديدة" وطرح سلسلة من النماذج والمعطيات لاسناد ذلك. فقال ان "450 ألف مستوطن اسرائيلي في الضفة الغربية يستخدمون كميات أكبر من المياه من 2.3 مليون فلسطيني يعيشون هناك. في حالة الجفاف، وفي ظل خرق القانون الدولي، فان الاولوية في المياه تمنح للمستوطنين". كما كتب في التقرير ان "سور الفصل الذي بنته اسرائيل يسمح بالسيطرة على قدرة الوصول الى المياه التحت أرضية. ويتيح لاسرائيل توجيه تيار المياه غربا". ويتهم واضع التقرير الجيش الاسرائيلي "بالهدم المنهاجي للابار التي حفرها الفلسطينيون في الضفة الغربية" وكذا بالقصف المقصود لمخزونات المياه في قطاع غزة في العام 2007 – 2008. ويقضي التقرير بان أغلبية الفلسطينيين يعيشون في مناطق أ و ب ولكن البنى التحتية للمياه التي يتعلقون بها توجد في المناطق ج، حيث حركة الفلسطينيين محدودة أو محظورة. "الجيش الاسرائيلي لا يسمح الا في أوقات نادرة بناء أو تطوير بنى تحتية. منشآت عديدة لتطهير المياه خططت لها وزارة المياه في السلطة الفلسطينية مسدودة الافاق من جانب الادارة الاسرائيلية". ويكتب غلباني في التقرير الذي تبنته لجنة الخارجية في البرلمان الفرنسي بأن الاسرائيليين يستندون في ادعاءاتهم الى "نظرية حقنا في الارض" ويشير الى أنه لم ينجح في الفهم اذا كان هذا "حقا توراتيا في الارض أم في الاستيلاء على المناطق التي ليس لها ظاهرا مالك". واضاف بانه "للدفاع عن حقوقهم يرفض الاسرائيليون كل اقتراح بالادارة المشتركة، كجزء من رؤيا هدفها الحفاظ على المياه. اسرائيل تقترح حلول مختلفة، بعضها مثيرة للاهتمام، ولكنها في جميعها تبقي السيطرة على المياه (في الضفة الغربية، ب.ر)". وقال الناطق بلسان وزارة الخارجية الاسرائيلية يغئال بلمور ان غلباني أدخل الصياغات المتطرفة الى التقرير بناء على رأيه الخاص، في اللحظة الاخيرة دون أن يتشاور مع أعضاء مجموعة العمل. وقال ان "التعابير غير المقبولة هذه فاجأت أعضاء مجموعة العمل الذين ذهلوا بعد أن اطلعوا على الصيغة النهائية بعد نشرها وبعد أن اطلعهم عليها الدبلوماسيون الاسرائيليون. وبعد أن أوضح رجال السفارة الخطورة الاستثنائية للصياغات في التقرير، تنكر لها كل أعضاء مجموعة العمل، بمن فيهم الرئيس، الذي بعث برسالة رسمية الى السفير طلب فيها التنكر للتعابير المناهضة لاسرائيل في التقرير". واضاف بلمور بان التقرير "مفعم بلغة الدعاية اللاذعة، بعيدا عن كل انتقاد مهني يمكن الجدال معه بشكل عاقل". وعلى حد قوله اخفى واضع التقرير حقائق عديدة وعمل "باغراض فظ". وقال بلمور أيضا ان "اسرائيل لا تأخذ المياه من نطاق السلطة بل تنقل الى الفلسطينيين كميات من المياه تتجاوز تلك المقررة في الاتفاقات بينما الفلسطينيون يهملون واجباتهم ويسمحون بحفريات عشوائية تضر الطرفين".