خبر : وعاد الوفد بخفيّ مصالحة...! .. أكرم عطا الله

الأحد 08 يناير 2012 09:04 م / بتوقيت القدس +2GMT
وعاد الوفد بخفيّ مصالحة...! .. أكرم عطا الله



يا الله، كيف يجرّنا هذا الانقسام اللعين إلى المربع نفسه الذي تريد بعض الأطراف ألا تخرج منه، ليستنزف الجميع من سياسيين وكتاب ومثقفين كل طاقاتهم وجهودهم في الانشغال بكيفية الخروج من هذا المستنقع الذي علقنا فيه، فبعد أن جهزت مقالي للكتابة حول أزمة الموازنة في الجيش الإسرائيلي وتداعياتها على الأمن الفلسطيني العربي وخاصة بعد تجميد خطة "حلميش" التي وضعتها رئاسة الأركان وبداية التقليصات في الجيش ووقف التدريب والتوقف عن شراء منظومة القبة الحديدية، وكذلك العجز عن شراء ما أطلق عليه في العام الأخير درة سلاح المدرعات وهو الدبابة "نمير" وتعني النمر وهي النموذج المطور عن ميركافاة 4، وإيقاف منظومة سترة الريح معتقداً أنني سأقدم معلومةً وتحليلاً وخدمةً للسياسة الفلسطينية، إلا أن المفاجأة كانت بإعادة وفد "فتح" عن معبر بيت حانون الذي أصبح أولوية في ظل المصالحة.عندما ينكسر الحلم على الحاجز يحتل الحدث مركز الصدارة وتصبح الكتابة عن إسرائيل وجيشها حالة من الترف البعيد عن أحلام المواطن البسيط الذي كان يتابع بشغف التفاصيل الصغيرة لعناق الإخوة الألداء وخطوات تنفيذ المصالحة، وكان الوفد القادم من رام الله يعني الكثير بعين من انتظروا خطوات عملية منذ أيار الماضي، كان كثير من الكلام وقليل من الفعل، وربما أن الفعل كان باتجاه معاكس للمصالحة. أعيد الوفد في سابقة تأتي خطورتها في أن الأجواء بدأت تتهيأ لعكس ذلك والأسوأ تراشق الاتهامات وتضاد الرواية بين الطرفين وكأن الحديث يجري بين أعداء وليس من قرروا فتح صفحة جديدة وجعل الماضي الأسود بين ظهورهم وكأن هناك من يصر على أن يصبغ التاريخ الفلسطيني بالسواد، وأن غزة مفتوحة للجميع، في حين أعلن وفد فتح أنه انتظر ساعة ونصف الساعة على الحاجز.كان علي أن أفهم الرواية من شهودها قبل الكتابة، اتصلت بصخر بسيسو أحد أعضاء الوفد وهو من سكان قطاع غزة شارع النصر ليؤكد أنهم انتظروا خمساً وأربعين دقيقة على الحاجز مع معاملة لا تليق بهم، وعندما سألته عن عدم تنسيق زيارتهم مع حركة حماس، أجاب إنه نسق للزيارة مع غازي حمد قبلها بيوم واحد، وبعدها اتصلت بالسيد حمد فأكد الاتصال بينه وبين بسيسو "ولكن الذي حدث خلل فني" كما قال وكأن لهذا" الخلل الفني" أن يجهض مشروع حلم كان على وشك التحقق بما ستعطيه هذه الزيارة من زخم والصور التي ستنقلها وسائل الإعلام كانت ربما هو ما يحتاجه الرأي العام الذي لم يساهم الإعلام حتى اللحظة في صياغة دوره المنوط به في تأهيل الشعب وهو برنامج لم يبدأ.الناطق باسم وزارة الداخلية بغزة وفي تبريره للحدث قال إن أعضاء الوفد انتظروا فقط 10 دقائق ولم يعطوا فرصة للحاجز للاتصال بالمسؤولين، وهذا التبرير قطعاً يحتاج لمناقشة، والذي ينفيه الاتصال بين بسيسو وحمد والذي يعني أن "المسؤولين" في الأمن أبلغوا قبل ذلك بيوم، هذا إذا كان من حق المراقبين أن يتساءلوا عن التوقف للدقائق العشر إذا سلمنا برواية وزارة الداخلية، "التي لم يكن لديها علم بالزيارة" والسؤال هل من المنطق أن يقف فلسطيني على حاجز فلسطيني؟؟ والسؤال الأهم هل من الضروري أن تجرى عملية فحص لمواطن فلسطيني من غزة إذا كان بإمكان السماح بدخوله أم لا إذا كان بين الوفد اثنان من سكان غزة هما روحي فتوح وبسيسو؟ الأمر ليس بهذا التبسيط بقدر ما أن المصالحة تجد معيقات حقيقية لا يمكن تبرئة رام الله بالكامل، ولكن ما حدث مع الوفد يعطي لغزة ولحركة حماس نصيب الأسد في إعاقة المصالحة، هكذا تبدو الأمور وأن تبرير الداخلية يصعب قبوله والذي كان متوقعاً منها أن تشرف على دخول الوفد بنفسها وخاصة أن لديها علماً مسبقاً بالزيارة ولم يهبط أعضاء الوفد فجأةً من السماء.لا يمكن الشك في نوايا السيد خالد مشعل الذي قرر أن يذهب باتجاه المصالحة بكل ثقله وتشير تصريحاته إلى جدية الدفع باتجاه إغلاق الملف، لكن على ما يبدو فإن حركة حماس لم تنضج بعد لإجراء التحول اللازم وتحديداً في قطاع غزة، الأمر الذي يستدعي مزيداً من المشاورات والضغوط. وربما هذا يحتاج مزيداً من الوقت والجهد وخاصة أن المصالحة هذه المرة تحظى برعاية مصرية كاملة يقف خلفها المجلس العسكري والمخابرات المصرية والأهم أن حركة الإخوان المسلمين التي ستشكل الحكومة لن تقبل أن يضعها الانقسام في موقع لا تحسد عليه لخطورة الوضع السياسي لقطاع غزة والذي تريد إسرائيل أن تدفعه بكل قوتها باتجاه مصر، وهذا أحد أبرز مقررات مؤتمر هرتسيليا التاسع والذي تحضره شخصيات وكبار السياسة في إسرائيل لتدارس المشاريع وفحص مناعة إسرائيل لعقود قادمة، وقد سيطر وضع غزة على ذلك المؤتمر الذي أوصى بدفع غزة باتجاه الجنوب ولأن التكاثر السكاني يستدعي مزيداً من الأرض وتوسيع القطاع ومن كل الجهات الذي تحيطه إسرائيل، وليس هناك حل لإسرائيل سوى سلخه عن الضفة ودفعه باتجاه مصر وقد اتخذت خطوات جدية باتجاه فك الارتباط بينه وبين باقي الوطن؟ فلو قامت حكومة الإخوان في مصر بفتح المعبر على مصراعيه فهذا يعني أنها ستنفذ بيدها المشروع الإسرائيلي وهو ما لم يقبل حتى مبارك بتنفيذه، ولو أنها لن تفعل ذلك فهذا يعني أن حكومة الإخوان وبرلمان الإخوان يحاصران غزة، وهكذا هل يمكن لتجربة غزة أن تجهض نجاح الإخوان وتجعلهم في دائرة الاتهام إن بقي وضع الانقسام قائماً فليس أمامهم سوى خيارين أحلاهما مر لا نعتقد ذلك، وفقط الخيار الوحيد الذي سينقذهم من وضع كهذا هو إنهاء الانقسام. هذا الوضع الذي ربما لا تريد حركة الإخوان المسلمين أن تعلق فيه، هو ما يدعو للتفاؤل، ولهذا يجب أن تتضح الرؤية بشكل أكبر في قطاع غزة، فالمسألة تمس المشروع الفلسطيني ومستقبله، هذا لا يعني أن طريق المصالحة خالية من المطبات والمعيقات وعودة وفد فتح إلى رام الله دليل على ذلك، فهناك معارضة حقيقية للمصالحة وهناك أطراف لم تتهيأ بعد لهذا التحول ربما لم تقرأ الصورة من جميع جوانبها لتدرك أن أخطر ما تم ارتكابه بحق القضية الفلسطينية هو هذا الانقسام الذي لو انتهى منذ أربع سنوات لكان تأخر كثيراً، فما بالنا إذا كان هناك من يتلكأ مع بداية هذا العام والذي كان يفترض فيه أن يكون الخناق الفلسطيني بكل إمكانياته الموحدة قد أطبق على إسرائيل وهناك مقومات لذلك ولكن يشترط التحرك الموحد والنموذج الأبرز هو التدريبات التي أجرتها إسرائيل العام الماضي لمواجهة تسونامي بشري فلسطيني في الضفة الغربية والتسليم بالعجز وهو ما أشار إليه رئيس المكتب السياسي لحماس بعد الاتفاق مع الرئيس عباس ولكن هذا لا يتحقق في ظل الانقسام. عودة وفد "فتح" تشكل ضربة للمصالحة ولكنها ليست نهاية المطاف، مطلوب أن تخلو سجون الضفة من معتقلي حماس لأن حركة حماس في قطاع غزة بحاجة إلى مساعدة لإقناعها بالمصالحة. Atallah.akram@hotmail.com