وددتُ أن أتفادى الحديث عن شأن سياسي في مقال أول أربعاء من العام الجديد، لولا الأسى الذي أثاره حرمانُ نحو نصف سكان غزة من الاحتفال بذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وتهشيم آمالهم في أن اتفاق المصالحة ولقاء القاهرة بين الرئيس محمود عباس والسيد خالد مشعل سيكفل لهم حق الاحتفال بهذه الذكرى الوطنية العزيزة، لسان حالهم "أسمع كلامك يعجبني أشوف عمايلك أستعجب"! متى يُمكن أن نُصدّق ما يقوله القادة، لنكف عن تبادل الكراهية، ونتأكد الفتحاوي والحمساوي أن تبادل العناق والقبلات والابتسامات والنكات بين قادتنا مظاهرُ جازمة بأننا تصالحنا، وليست قناعاً انتهازياً للطرفين يكفيهما شر ضغوط ما فيستخدمانه استخداماً مؤقتاً، لا يعير انتباهاً للشعب، الذي تتنازعه آلام يومية بسبب استمرار الحال، "العي عي والصي صي"؟ تعبنا من متابعة المواعيد واللقاءات والتصريحات، التي تؤكد أننا شعب واحد وأن عدونا واحد، وأن كل ما في الأمر أن ثمة مؤامرة على الوحدة، وأن ثمة متضررين من انتهاء الانقسام، وكلما اقترب الأمل من التحقق يتبدد، وكأن أحداً غرز مسماراً في إطار المركبة، فينشغل الجميع في استبداله وإطلاق تصريحات يتهم فيها كل طرف الآخر بأنه معطل "المراكب السايرة". هل نكظم غيظنا ونُصر على أسناننا بانتظار موعد جديد، قد يُنفّس عنا قليلاً بما سيحمله من وقائع غير الكلام، موعد لتشكيل الحكومة الوطنية مثلاً؟ أم سنُطالع صباح اليوم التالي ما يؤكد تجديد المراوحة، لتذكي نار الكراهية بيننا، بينما يتبادل قادتنا أحلى الكلام، يُطعموننا "جوز فاضي"؟