خبر : انتخابات الرئاسة الأميركية: "أيوا" تغربل المنافسة الجمهورية !! .. بقلم: هاني حبيب

الأربعاء 04 يناير 2012 12:22 م / بتوقيت القدس +2GMT
انتخابات الرئاسة الأميركية: "أيوا" تغربل المنافسة الجمهورية !! .. بقلم: هاني حبيب



انطلقت عملياً الحملة الانتخابية للرئاسة الأميركية من ولاية أيوا الصغيرة في الوسط الغربي من الولايات المتحدة والتي يبلغ تعداد سكانها واحداً بالمائة فقط من سكان أميركا، في ظل عدم اكتراث من قبل الناخبين الأميركيين بهذه الحملة التي تبدأ مع عملية "تصفية" لمرشحي الرئاسة من الحزب الجمهوري، ذلك أن استطلاعات الرأي المتكررة كانت تشير إلى تقدم أحد المرشحين السبعة، لكي يتقدم آخر في اليوم التالي، وثالث في استطلاع آخر، كما لو أن الحملة الجمهورية باتت كلعبة الكراسي الموسيقية، حيث ليس هناك مرشح واحد أو مرشحان اثنان يمكن القول إنه أو إنهما يحوزان على ثقة الناخب الجمهوري أكثر من الآخرين من بين المرشحين السبعة، ومع بداية هذه الحملة، يرى قادة الحزب الجمهوري أن لا مبالاة الناخب الجمهوري بهذه الحملة، تشكل صدمة حقيقية وتشير إلى عدم تمكن الحزب من ترشيح منافسين أقوياء في مواجهة المرشح الديمقراطي، الرئيس أوباما. وعلى الأرجح، أن السادس من آذار القادم، سيكون حاسماً نسبياً، للتركيز على المرشحين الأساسيين عن الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية، إذ إن في ذلك اليوم، وهو يوم ثلاثاء "بالطبع" إذ إن كافة الانتخابات الأولية للحزب الجمهوري تجري في أيام الثلاثاء من كل أسبوع، في ذلك الثلاثاء، ستجري الانتخابات الأولية للحزب الجمهوري في 19 ولاية، وسيمهد هذا الثلاثاء الطريق أمام إعلان اسم المرشح الجمهوري في السابع والعشرين من آب القادم، وعندها فقط يمكن أن نكون أمام مرشحين اثنين في مواجهة الانتخابات الرئاسية بين الجمهوريين والديمقراطيين. في الأيام الأخيرة، صعد في استطلاعات الرأي، المرشح الجمهوري رون بول، المعروف بمعارضته لحروب أميركا، خاصة حربها في العراق، وهو ضد "الإمبراطورية الأميركية" لذلك فهو يدعو إلى مزيد من الاستقلال للولايات وتقليص حجم تدخل الحكومة الفيدرالية في شؤون الولايات، وقد شنت إسرائيل واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة حملة واسعة عليه، واتهم كالعادة بالسامية، واستخرجت إسرائيل من الأرشيف، رسائل كان قد نشرها في ثمانينيات القرن الماضي، ضدها وضد اللوبي الصهيوني، ورون بول غير مقبول في وسائل الإعلام الأميركية، خاصة بعدما جاء في كتاب نشر في الولايات المتحدة بعنوان "تعريف الحرية" أن رون بول، دان إسرائيل لأنها تمارس تفرقة عنصرية ضد الفلسطينيين، وهو يفضل اللوبي اليهودي المعتدل "جي ستريت" وجماعة "السلام الآن" في إسرائيل، والمجلس الأميركي لليهودية الذي يعارض الصهيونية وقيام وطن قومي لليهود. ومع كل هذه الأوصاف، يمكن إثارة علامات تعجب من قدرته على التحدي والترشح لانتخابات الرئاسة الأميركية على ضوء التأثير المتزايد لإسرائيل واللوبي الصهيوني في اختيار رئيس الولايات المتحدة الأميركية! إلاّ أن رون بول لديه ما يثير الجدل أكثر من كل ما سبق، إذ إنه أكبر المتنافسين سناً (76 عاماً) إلاّ أن أنصار حملته الانتخابية في معظمهم من الشباب، وكان طلاب الجامعات في ولاية أيوا قد تدفقوا لدعمه بعد أن حلقوا ذقونهم وأخفوا الأوشام التي كانت تغطي أجساد البعض منهم. أما المرشح الثاني، فهو ميتا رومني، الذي وصف سابقه، رون بول بأنه خطر على الأمن القومي الأميركي، لأن معارضة الحرب تعني عدم قبول قتل الأميركيين دفاعاً عن إسرائيل. رومني هذا، يأتي ثانياً حسب استطلاعات الرأي، بعد رون بول، وهو مثير للجدل، ليس من الزاوية السياسية، بل من جانبه الديني، إذ إنه من طائفة المورمون، وهي طائفة تعتبر نفسها إحدى طوائف المسيحية، بينما كافة الكنائس، تعتبرها غير ذلك، هذه الطائفة، مع تعدد الزوجات، بل تشجع تعدد الزوجات، وهي من أغنى طوائف أميركا، ورومني نفسه مليونير، وتعداد هذه الطائفة في الولايات المتحدة يقترب من سبعة ملايين، سيعتمد عليهم رومني ليس في التصويت له فحسب، بل لدعم حملته الانتخابية باعتبار أن المورمونيين من أغنى أغنياء الولايات المتحدة، إلاّ أن هذا الجانب الديني للمرشح رومني يضعه في قائمة التساؤلات: هل من الأفضل انتخاب رومني، أحد الخوارج على المسيحية، أم الأفضل الإبقاء على أوباما، مسلم الأصل؟! ولكن، لماذا هذه الأهمية لإجراء الانتخابات الأولية في ولاية "أيوا" مع أنها لا تمتلك سوى واحد بالمائة من المصوّتين؟ أولاً، لأن بداية التصويت تستدعي اهتماماً سياسياً وإعلامياً، وتشير نتائجه إلى من سيستمر في حملته من المرشحين ومن الذي سيستبعد نفسه من الاستمرار، ويعود الإقرار بأن تبدأ الحملة الانتخابية في ولاية "أيوا" إلى ذكاء أهلها، فقد وضعوا في دستور الولاية شرطاً، وهو أن تبدأ الانتخابات في الولاية، وهو أمر غير مسبوق ولم يتكرر في دستور أية ولاية أخرى رغم احتجاج الولايات الأخرى على هذا السبق، والذي يعني الكثير سياسياً ومالياً، حيث تتدفق وسائل الإعلام، والإعلانات على هذه الولاية أكثر من أية ولاية أخرى، رغم محدودية تأثيرها العددي على نتائج الانتخابات، لذلك يقال إن هذه الولاية، تقرر من سيخسر، وليس من سيفوز! إلى أين سيذهب الصوت العربي ـ الإسلامي في الولايات المتحدة؟ هناك من يقول: إن الرئيس أوباما هو الأفضل قطعاً، ليس لسبب، إلاّ لأنه سيكون أكثر استغلالاً وحرية في اتخاذ القرارات، بما فيها تلك المتعلقة بالصراع العربي ـ الإسرائيلي، ذلك أنه لن يسعى إلى ولاية ثالثة، كما هو حال المرشح الجمهوري الذي إذا ما نجح سيسعى إلى ولاية ثانية، يكون خلال ولايته الأولى أسيراً للمصالح والسياسات الإسرائيلية وتحت ضغط مباشر من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة. إلاّ أن هناك نسبة كبيرة من الأميركيين العرب والمسلمين، من أنصار الحزب الجمهوري، نظراً للطابع المحافظ لهم، وبالتالي، فمن المرجّح أن يكون رون بول هو مرشحهم الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة، غير أن وقتاً طويلاً يفصلنا عن الانتخابات الأميركية، وهو كاف كي تتغير قواعد اللعبة، خاصة بعدما يقتصر أمر المنافسة بين مرشحين اثنين في الحزب الجمهوري، وحينها تظهر مواقف وسياسات مختلفة، وتتصاعد حدة المنافسة، بعد اختيار المرشح الوحيد للحزب الجمهوري، إذ تبدأ المزايدة مع الرئيس أوباما، وتنكشف السياسات والأوراق والمواقف أكثر من أي وقت مضى. قلنا: إن "أيوا" تقرر من هو المرشح الخاسر، وهكذا يقول بعض المحلّلين السياسيين في الولايات المتحدة، لكن قراءة لنتائج الانتخابات الأميركية، في الدورات الأربع الأخيرة، تشير إلى أن من انتخبتهم ولاية "أيوا" وصلوا إلى البيت الأبيض فعلاً، هل هي صدفة، أم أن المائة ألف صوت انتخابي في هذه الولاية الريفية، تعكس توجهات الرأي العام الأميركية على صعيد انتخابات الرئاسة؟! Hanihabib272@hotmail.com