في ختام 2011 تهب في العالم رياح تغيير، تتجاوز الحدود وعد الشهور والسنين. ويشهد على ذلك الموقف منها بمفاهيم تبدل المواسم: الامل الذي علق "بالربيع العربي" وبموجة الاحتجاج التي اجتاحت العالم بأسره، حل محلها خيبات ومخاوف من "شتاء" تعكر فيه سحب الاسلام المتطرف آمال الديمقراطية؛ ضباب اقتصادي يلف اوروبا؛ ولكن البرد – الذي يهرب المتظاهرين من ساحات مدن الغرب – لا يمنع المتظاهرين في روسيا. الكثيرون بالفعل يشعرون بان هناك "شيئا ما في الجو": نحن نوجد في بداية فترة جديدة، قد تكون ثورية، لا يزال جوهرها غير محدد، ومستقبلها غير معروف. الانترنت، الشبكات الاجتماعية والهواتف الذكية وزعت من جديد القوة والنفوذ في العالم، الامر الذي وجد تعبيره هذه السنة على نحو دراماتيكي في المظاهرات الجماهيرية، في انهيار الانظمة التي بدت حتى الان منيعة على كل تغيير، وفي نثر وسائل التعبير التي كانت محفوظة حتى الان للهيئات السياسية والاعلامية المؤطرة. المصالحة والاخوة، وليس التذرية، الانشقاق والكراهية – لا يزالان منوطين بتطبيق القيم الانسانية القديمة: النية الطيبة، التطلع الى التنور والقيادة الابداعية. حيال الميول العالمية تقف اسرائيل هذا العام في وضعية غريبة بعض الشيء: المظاهرات الجماهيرية في الصيف وضعتها ظاهرا في مقدمة روح الاحتجاج الشاب الذي يحيط بالعالم، وادارتها الاقتصادية ابقتها كجزيرة من الاستقرار النسبي. ولكن من الناحية السياسية، الداخلية والخارجية انجرفت اسرائيل عميقا الى الشتاء الاقليمي. حرب الاحتجاج تجاوزت مسائل اساسية للنزعة الاسرائيلية وةلم تحصل على رافعة سياسية حقيقية، وفي الوقت الذي اهتزت فيه كراسي الحكام في العالم – في اسرائيل يترسخ حكم عديم البديل، عقيم من الامل، يعنى أساس بكم الافواه والتلاعبات السياسية، الرامية الى الحفاظ على نفسه. وبالتوازي، اجتازت اسرائيل موجة دينية – متطرفة عكرة، تتجه نحو الاغتراب والعزلة، تلفها تهديدات حربية ومخاوف سياسية. التوقع العالمي للعام القادم غامض، في اسرائيل واضح: الربيع لم يبدو أبدا على هذا القدر من البعد.