خبر : رسالة "الإخوان" في العاقبة وسوء الختام! ...فاروق وادي

الجمعة 30 ديسمبر 2011 02:48 م / بتوقيت القدس +2GMT
رسالة "الإخوان" في العاقبة وسوء الختام! ...فاروق وادي



أستميح القاريء عذراً على نشر الرسالة التالية، رغم ركاكتها وما تنطوي عليه من إسفاف، متمنياً على جريدة "الأيّام" أن تتقبّل رجائي بعدم إجراء أي تعديل تحريري أو لغوي عليها (فكأن كاتبها لم يقرأ يوماً: "إنا أنزلناه قرآناً عربيا لعلكم تعقلون"ً)، مع تقبُّل اعتذاري عن خطأ كاتب الرسالة الذي حوّل اسمها إلى "الحياة". فلا تؤاخذنا بما فعل الجهلاء "منهم"! فهذه الرسالة، التي هي تعبير عن أسلوب راسخ في التفكير، وصلتني من مجهول، أبى أن يردّ السلام على من لم يتبع هدى "الإخوان". وقد انتحل اسم "الإمام القرضاوي" ووضعه مكان اسم المُرسل على البريد الإلكتروني، الذي جاء عنوانه أيضاً يحمل اسم qaradayee (كذا بالـ y). فهل هناك فتوى للشيخ القرضاوي نفسه، أو لغيره من شيوخ الجماعة، تبيح هذه الدرجة المتدنية من الانتحال؟!. حملت الرسالة عنوان: "دفاعاً عن الإمام الشيخ القرضاوي حفظه الله تعالى"، وشاءت أن تشكِّل رداً على مقالتي المنشورة في "الأيام" بتاريخ 16/12/2011. وكنت أتمنى على كاتب الرسالة لو أنه تحلّى بشيء من الشجاعة، فلا يتخفّى وراء حجاب الشيخ القرضاوي ويكمن بخنجره تحت عباءة "الإمام"، وأن يكون قادراً على طرح المسائل كلّها للحوار، رغم إدراكي بأنني أحاول المستحيل وأنا أطلب من الإرهاب أن يكون شجاعاً، ومن القاتل أن يكون عقلانياً، وأن يعترف بالآخر ويتوجّه إليه محاوراً بالحجّة لا بالخنجرً. ولعل خطورة هذه الرسالة تكمن في أنها كانت مخلصة في حرصها على استعادة تراث مؤسس الجماعة، عندما لجأ إلى الإرهاب وسيلة للتعامل مع خصمه السياسي، فكان هو نفسه ضحيّة للإرهاب الذي اختاره أسلوباً. وهي نهاية لا نرجوها للإخوان المسلمين الذين يزحفون نحو السلطة في غير مكان عربي، لأن ذلك يعني خراب المجتمع.. وسيادة الفوضى. وفي ما يلي النصّ الحرفي للرسالة: * * * "بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الواحد الاحد و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم وبعد ... هذه رسالة من مسلم غيور على دينه وعلى علماء دينه لك ولأمثالك من الحاقدين.. اطلعت قبل فترة على مقال لك نشر على صحيفة الحياة وقد ملئته ونفثت فيه من حقدك وكشفت مدى غيظك من الامام القرضاوي والمشروع الاسلامي القادم رغم انفك وانف اسيادك ان شاء الله وبعد ان اطلعت على فحوى مقالك اكتشفت مدى الغيظ والحسرة التي تملأ قلبك لاسيما بعد ان انحازت الشعوب الى المشروع الاسلامي الذي وسبق ان انحاز له الشعب الفلسطيني في فلسطين وفعلتم ما فعلتم من اجل اجهاضه ..... ولا ادري هل يضر الجبال نطاح المعيز وهذا مثلك في مهاجمة الامام القرضاوي . لك ولامثالك احترموا ارادة الشعوب وعلماء هذ الدين .... و ابشرك الاخوان قادمون رغم انفك بارادة الله اولاً ثم بارادة الشعوب التي بدات بالتحرر من الطغاة والمتجبرين ... وابشرك يا من تقتات على لحوم العلماء اذا ما استمرئت هذا الامر بعاقبة وخيمة قد تورث لك سوء الختام فخذها مني نصيحة مشفق ....واذكرك في هذا الصدد ببعض ابيات الملحمة النونية للشخ القرضاي التي نظمها وهو معتقل في سجون عبد الناصر لعلك تعرف قيمة العلم الذي هاجمته: هذه القصيدة النونية. هي ملحمة كامله انشدها الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي اثناء وجوده في السجن الحربي..هذا السجن الذي يمثل وصمه في جبين مصر المشرق، يروي فيها مارآه وقاساه في هذ السجن هو وابناء مصر الكنانة.... ضع في يدي ّ القيد ألهب أضلعي بالسوط ضع عنقي على السكّين لن تستطيع حصار فكري ساعةً أو نزع إيماني ونور يقيني فالنور في قلبي وقلبي في يديْ ربّي .. وربّي ناصري ومعيني سأعيش معتصماً بحبل عقيدتي وأموت مبتسماً ليحيا ديني ودعني في النهاية ان اذكرك بالتالي ان ما نشرته عن فتوى الشيخ القرضاوي بوجوب تدخل القوات الغربية في سوريا  ما هو الا نوع من التصيد في الماء العكر فالشيخ حفظه الله وضح انه اذا لم يتمكن العرب من من حماية اخوانهم في سوريا فمن حقهم طلب التدخل الدولي ..... ناس تذبح كل يوم و بدم بارد .... ابشرك سيسقط نظام الاسد الصنمي في سوريا وسيفوز الاسلاميون في الانتخابات وستسقط كل الأيدولوجيات العفنة التي حكمتنا وما زال بعضها يحكمنا الى اليوم الاخوان قادمون و الاسلاميون قادمون ببساطة لانهم يعبرون عن الهوية الحضارية للامة .... الهوية الحقيقية .... هذا الامر بكل بساطة ......... اتمنى ان تكون قد وصلت الرسالة ان شاء الله . بالختام لا تعتقد باني اقدس الشيخ القرضاوي فهو شخص وانسان له ما له وعليه ما عليه ولكن مهاجمتك للشيخ القرضاوي ليست موجهة لشخصة فحسب بل هي موجهه للتيار الاسلامي المعتبر ..." * * * إلى هنا تنتهي الرسالة، التي تذكرنا بصيحات الثأر القبليّة الجاهليّة، وتبشرنا بأن الرُّعب قادم والموت قادم لا محالة: "الإخوان قادمون والإسلاميون قادمون". وقد أردت من نشرها أن يرى القارئ حجم المهزلة التي تنتظرنا! فالرسالة تنطوي على خطاب إرهابيّ صارخ لا لبس فيه، وتهديد واضح للخصم السياسي والفكري بـ "عاقبة وخيمة" و"سوء الختام". دون أن ينسى الأخ الكريم بأن يتذكرني والرماح نواهل مِنّي، فيذرف، على جثتي التي تتخبّط بدمائها، مشكوراً، حفنة من دموع التماسيح.. إشفاقاً! إنها تهديد دمويّ صارخ للرأي الآخر. فكلّ من يختلف مع التيار الإسلامي "المعتبر"، ولا يقرّ باعتباره معتبراً، ويخالفه رؤيته السياسيّة والاقتصادية والاجتماعيّة والأيدولوجيّة، أو يختلف مع أحد رموز الإسلام السياسي (ومنهم الشيخ القرضاوي)، فهو حاقد وخارج عن دين الإسلام، ويحل سفك دمه بسيوف الجماعة الغيورين على الدين الحنيف، والتي لا تكفّ عن حنينها الدائم للدّم. كأنهم لا يؤمنون أن الروح هي من أمر ربّي، لأنهم على يقين راسخ أنها من أمرهم، فلم يقرأوا يوماً: "فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون"، ولم يسمعوا بالآية: "أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيّدة"! ونلاحظ أن كاتب الرسالة لا يتردّد بأن يأتي على ذكر "أسيادي". وأكون شاكراً لو أنه عرّفني بهم ودلّني عليهم، رغم أنني لم أردد يوماً حتّى عبارة "دستور يا اسيادي"، في وقت بات فيه أسياد الإخوان، وأسياد القرضاوي، وأسياد التيار الإسلامي (المُعتبر)، وبالتالي أسياد كاتب الرسالة، يقفون عراة تحت الشّمس، ليمطروا هؤلاء بتيار "معتبر" من الأموال الكفيلة بتخريب مستقبل الأمّة، وإعادتها إلى رمال الربع الخالي المتحرِّكة، تعاني من وحشة الصحراء وهجير الرمضاء! بقي لي مطلب بسيط أوجهه لصاحب الرسالة: أرجو أن تردّ "نونيّة" القرضاوي التي قرضها في سجون عبد النّاصر، إلى نفسك، وأن تحتفظ بها إلى ما شاء الله، رغم تعاطفي الأكيد مع كلّ سجين سياسيّ، من أيّ اتجاه كان، وفي كلّ العصور، وجميع الأنظمة. فمع احترامي لذائقتك الشعريّة، فإن الأبيات تنتمي فنياً إلى الشعر الرديء، ولا تنقذ عالِماً أو علَماً من فتاواه السياسيّة الأكثر رداءه. آملاً أن أن تتحمّل مني هذا الرأي النابع من ذائقة نقيضة، والخالص المُخلص لوجه الفنّ، وأن لا تعتبره كفراً وبهتاناً.. وخروجاً سافراً عن دين الحقّ، ما يحلل سفك دمي في الأشهر الحُرُمِ!؟ wadi49@hotmail.com