خبر : حوارات وتفاهمات المصالحة ما بين المتشائم والمتفائل !!!

الإثنين 26 ديسمبر 2011 11:53 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حوارات وتفاهمات المصالحة ما بين المتشائم والمتفائل !!!



غزة / عبد الهادي مسلم/ لم تشهد الساحة والشارع الفلسطيني مسيرات ومهرجانات عفوية  ولا حتى إطلاق رصاص في الهواء كما حدث في المرات السابقة ،عقب توقيع اتفاق المصالحة والتطورات المتعلقة بها وذلك بسبب حالة اليأس والإحباط والتشاؤم التي تسود هذا الشارع ،بفعل عدم تنفيذ ما اتفق عليه في الجولات السابقة من هذه التفاهمات وتهيئة أجواء ايجابية بالرغم من حدوث بعضها ،ولكنها ليست بطموح الشارع الذي ما زال يعاني من ويلات هذا الإنقسام. فلم يعد ملف المصالحة والتطورات المتعلقة به يحظى باهتمام المواطنين كالسابق، فالكثيرون انصرفوا عن متابعة تفاصيل الاجتماعات واللقاءات التي تعقد في العاصمة المصرية القاهرة بين الفصائل، بعد أن رأوا أن تحقيق المصالحة على الأرض بات حلما بعيد المنال.  ويرى العديد من المحللين والخبراء أن التفاهمات والتطورات الأخيرة التي حدثت في حوارات القاهرة بين جميع الفصائل وأهمها الفصيلين الكبيرين صاحبا المشكلة فتح وحماس ما زالت تحت الاختبار والمتابعة لحين ترجمتها على أرض الواقع، ويلمسها ويحسها ويشمها ويقتنع بها المواطن.  وبالرغم من الأحاديث والنقاشات اليومية التي تدور بين المواطنين حول هذا الموضوع في كل مجلس ومكان وبالرغم من تباين مواقفهم في كثير من التفاهمات التي اتفق عليها إلا أنهم ما زالوا وبفعل التجارب السابقة يصيبهم نوع من الإحباط ،لأنهم كما يقولون" الشيطان دائما يكمن في التفاصيل ".  البعض من أبناء شعبنا وهم فئة قليلة يرون أن ما حدث في القاهرة تطور ايجابي وبناء ويعيد بارقة الأمل من جديد في انهاء هذا الانقسام البغيض ،ومعللين ذلك بأنه لا مناص لشعبنا من تحقيق هذا الهدف الكبير إذا صلحت النوايا والنفوس وذلك للتفرغ للامر الأهم والأكبر وهو الاحتلال وما يمارسه من أعمال وممارسات بحق الأرض والإنسان !!. الشاب محمد اسماعيل أعرب عن تشاؤمه من سير الأمور قائلا : يكفينا الضحك والابتسامة أمام وسائل الإعلام فلقد أصبحت بضاعة خاسرة ،والكل بات يفهمها مؤكدا أنه لا يوجد ما يدعو للتفاؤل، إذ بعد أكثر من ستة شهور على توقيع الاتفاق لم تحل أبسط المشاكل كجوازات السفر وتوزيع الصحف الممنوعة،والأفراج عن المعتقلين!! متسائلا في نفس الوقت إذا لم نستطع فكفكة وحل هذه القضايا الحياتية فكيف سيتم التعامل في القضايا الأكثر تعقيدا مثل الملف الأمني ،وعودة الموظفين والمصالحة المجتمعية والانتخابات والحكومة؟".  أما المواطن أبو أحمد فلم يخف هو الآخر تشاؤمه واحباطه معربا عن اعتقاده بوجود فئة من كلا الفصيلين لا يهمها مصلحة شعبها بقدر ما يهمها مصالحها وتكرش بطونها ،لأنها هي المستفيدة من وراء هذا الانقسام ولا ترغب في هذا المناخ الجديد بل تعمل كل ما بوسعها على تعكيره  . مؤكدا أنه كغيره من المواطنين لم يعد يعلق آمالا على تحقيق المصالحة ،ولا يتابع تطورات هذا الملف ولا يناقشه مع أصدقائه كما كان يفعل سابقا. أما المواطن عزام محمد فأشار إلى أنه مل من سماع الأخبار الذي تتحدث عن هذا الموضوع وأصبح يميل إلى سماع ومشاهدة أمور أخرى ،وأكمل قائلا : أنه منذ فترة طويلة وهو يولي الموضوع اهتماما كبيرا ويتابع الأخبار ويسعي لمعرفة ما يحدث في اجتماعات قادة الفصيلين، واللذان يخرجان أمام وسائل الأعلام بكلمات منمقة تستخدم لأول مرة في القاموس اللغوي فتحدث عندنا نوعا من الأمل ونقول أن الانقسام سينتهي بلا رجعة ولكن ما هو على أرض الواقع معكوس تماما،وقلل المواطن عزام من فرص النجاح في تطبيق التفاهمات إلى في حالة واحدة إذا صلحت النوايا وعرف المتحاورين أن مصلحة شعبنا فوق كل اعتبار!!. أما المحامي حسن نصرالله  فله رأي مغاير تماما ومتفاءل لدرجة كبيرة جدا في تنفيذ بنود المصالحة هذه المرة،  مؤكدا أنها ستتم بالرغم من أنف الحاقدين  !!!  ويعتقد المحامي نصرالله  أننا يجب أن نكون دائما متفائلين ولدينا إيمان قوي بأن الأمور هذه المرة تختلف عن سابقاتها ،وأنها  تسير على أكمل وجه في سرعة التنفيذ والتي سيلمسها وسيشعر بها  كل مواطن على أرض الواقع !! متسائلا في نفس الوقت" إلي خلانا نتحمل طيلة سنوات الانقسام "ألا يجعلنا نتحمل ونصبر عدة أسابيع !!!  ولا يتفق المحامي نصرالله مع المشككين الذين يحاولون وتحت مبررات واهية احباط شعبنا الفلسطيني بأن ما  ثم في القاهرة لا يخرج عن العلاقات العامة ،وأن مصير التفاهمات إلى الفشل كسابقاتها ، مؤكدا أن الغالبية من شعبنا الفلسطيني تعتقد أن ماثم في حورات القاهرة يجب تشييعه والبناء عليه !  وأشار المحامي نصرالله أن المواطن الفلسطيني له دور مكمل  مع اللجان المشكلة في المساعدة على انهاء الانقسام ، من خلال بث روح التفاؤل والتسامح ونشر ثقافة المحبة والأخاء بعيدا عن الحزبية المقيتة وحب الأنا والذات !!  أما عدنان "غريب " عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية فقال إن تنائج الحوارات والتفاهمات في القاهرة ، والنتائج التي أسفرت عنها ستظهر وستترجم على الأرض خاصة ما يتعلق بالحريات العامة وجوازات السفر في الأسبوعيين المقبلين كأبعد تقدير مستندا على ذلك بما أكدته حركتي فتح وحماس في لقاءاتهما. وأوضح عضو لجنتي المصالحة المجتمعية وقضايا الحريات العامة أن إجراءات بناء الثقة ستترجم أيضا بشكل فوري وسريع ، خاصة فيما يتعلق بإنهاء ملف المعتقلين السياسيين في الضفة والقطاع مشيرا إلى أنه سيجري دراسة كل ملف على حدة وسينفذ أي قرار بخصوص هذا الملف تتخذه اللجنة وبمشاركة مصرية، بحيث لا يتعدى ذلك أسبوعين بحيث لن يكون هناك أي اعتقالات سياسية جديدة. وأعرب "غريب " عن شعوره بالرضا التام لجولة اللقاءات معللا ذلك التفاؤل بأن الكل الوطني مزمع على انهاء الانقسام وما خلفه من ضرر ،وبالأضافة إلى ما لاحظته من وجود اتفاق كامل ما بين فتح وحماس وبقية التنظيمات في موضوع الانتخابات والتي كانت ثمتل عائقا حيث جرى الاتفاق فيها في أقل من ساعة لدرجة أن الرئيس أبو مازن أصدر مرسوما على الفور بتشكيل اللجنة المتعلقة بها ،هذا من جهة ومن جهة أخرى لمست في الحوارات أن الكل كان باتجاه وضع اليات لتنفيذ النقاط المتفق عليها ،وبشكل منظم بحيث لن يتوان أي فصيل والمستقلين عن دفع المواضيع والمشاركة بشكل جيد ،والتي تمخضت عن تشكيل اللجان التي أصبحت معروفة للجميع.  أما أمين سر اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم البريج زاهر الأفغاني فتقدم بالشكر والتقدير لمصر على رعايتها لكافة اللقاءات التي تمت في السابق ،من أجل توقيع اتفاق المصالحة.  واعتبر الأفغاني أن ما تم هو خطوة كبيرة على طريف إعادة اللحمة وتحقيق الوحدة الوطنية والتي هي  أقصر الطرق  وصولا إلى تحقيق أهداف الشعب ،موضحا أن المصالحة بحد ذاتها باتت ضرورة موضوعية بمعنى أنها أصبحت تفرض نفسها على الأطر السياسية مجتمعة على ضوء التغيرات التي حدثت من حولنا في الساحة العربية.  وتابع قائلا : أنه نظرا لأن ما بين  توقيع الاتفاق في ابريل الماضي وما جرى من تفاهمات في الأيام الأخيرة وما بينهما من مسافة زمنية واسعة ولم يتحقق خلالها خطوات عملية على الأرض ،تعزز من ثقة المجتمع الفلسطيني بقياداته وتطلعاته السياسية فإن التشاؤم يغطي مساحة كبيرة من تفكير وأمال الأغلبية من الجمهور مضافا إلى ذلك الضغوطات التي يتعرض لها شعبنا وقيادتنا بشكل عام من قبل الاحتلال ،مضيفا إلى ذلك طبيعة الحياة القاسية التي يعاني منه شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة.   وعن اختلاف التوقيع هذه المرة عن المرات السابقة قال :إن توقيع اتفاق المصالحة بشكل نهائي لازمة بعض المظاهر التي تؤكد على أن النوايا هذه المرة جدية وصادقة وأن كافة الفصائل في الساحة معنية بطي صفحة الانقسام والى الأبد ،وذلك لسبب بسيط وهو أن الجميع تضرر من هذا الانقسام وبالتالي أصبح الجميع معنيا بإزاحة هذا الكابوس عن كاهل شعبنا ،وما اجتماع القيادة الفلسطينية وبحضور حماس والجهاد بعد توقيع الاتفاق هو احد الدلائل القوية على أن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح. بدوره يرى د. ناصر إسماعيل جربوع " اليافاوي "- الكاتب الفلسطيني أن تحقيق المصالحة ، وارد من الناحية العملية ، بين إخوة الدم الفلسطيني ، لأن هناك العديد من المتغيرات الدولية والإقليمية فرضت نفسها على الطرفين المتخاصمين ، فمن ناحية الرئيس محمود عباس وحركة فتح وجدوا أنه  لا مفر أمامهم إلا نسيان الماضي وفتح صفحة جديدة مع حركة حماس ،  لمواجهة التحديات الأكبر ، ألا وهي استحقاق الدولة والمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني  في ظل جسم فلسطيني واحد ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أن الرئيس عباس أيقن بعد تجارب مريرة أن الرهان على الأمريكان والمفاوضات مع الجانب الاسرائيلي أصبح ميئوس منها ،  في ظل التعنت الاسرائيلي والانحياز المطلق للإدارة الأمريكية مع إسرائيل ، واستغلال قضيتنا فقط كورقة انتخابات بيد الحزب الديموقراطي والجمهوري ، ومن ناحية أخرى وحسب طبيعة محمود عباس السياسية والتاريخية ،أنه لا يريد إنهاء حكمه بوجود انقسام يسجل في صفحات تاريخه .. أما فيما يتعلق بحركة حماس ، ونظرا للتغيرات العربية المحيطة بها ، وتناغمًا مع تلك الأحداث ، وما شهدته الحركات الإسلامية من  تغيرات تكتيكية في برامجها ، ارتأت قيادتها الداخلية والخارجية ،أنه لا مفر من قيام حكومة فلسطينية ، منتخبة تتحمل أعباء القضية الفلسطينية وملفاتها  المعقدة ( اقتصاد – أمن – حدود مياه لاجئين -  استثمارات – سياحة الخ ) بمعنى آخر تريد أن تحقق قفزة نحو العالمية ،  وتصبح رقم في المعادلة الدولية والخروج من كهفها القديم  ..  وأضاف، الأمين العام المساعد لمبادرة ( وفاق )أنه  تأسيسا لما سبق نرى أن المصالحة ستحقق بالضرورة ، وأن الانقسام مرض سرطاني عضال ،  الشفاء منه يحتاج إلى جرعات إنسانية ملموسة تحقق على ارض الواقع ،  والتصدي للانتهازيين الذين يضعون العصي بالدولاب ..!! الساعين إلى الحفاظ على مصالحهم الضيقة،  التي حققوها إبان الانقسام ، وهذا يتطلب التضحية والمواقف الجادة شعبياً ومؤسساتياً وتعبوياً ، لأن حوالي 5 سنوات من الانقسام تحتاج إلى استغلال كل يوم من الأيام القادمة لمحو آثار هذا  الانقسام البغيض .