مبنى الاسمنت والفولاذ الهائل الذي كان من رموز الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة، وكذا أيضا النار التي لا تنقطع التي تعرض لها المقاتلون فيه، عاد اليوم بعد أكثر من ست سنوات استحكام ترميت الى العمل في شكل أربع قواعد صغيرة ستقام على الحدود الاسرائيلية – المصرية. في الجيش الاسرائيلي تقرر مؤخرا بان مئات أطنان الحديد والفولاذ المصبوب التي تشكل منها استحكام ترميت ضرورية للنشاط العملياتي على الحدود المصرية التي أصبحت متوترة في السنة الاخيرة. في أعقاب القرار ستنقل بقايا القاعدة في الايام القريبة القادمة من منطقة معبر كرم سالم، بجوار معسكري اميتاي وسيعاد اقامتها من جديد. وتعد اقامة القواعد جزءا من مشروع "ساعة الرمل" التي في اطارها سيقام جدار الحدود مع مصر والذي سيكتمل حتى نهاية 2012. حتى نهاية كانون الثاني سيكتمل بناء 100 كم من أصل 230كم بالاجمال. وكان استحكام ترميت مقام على محور فيلادلفيا على الحدود بين قطاع غزة ومصر، وغايته الاصلية كانت منع التهريب من مصر الى القطاع. وجعله موقع هدفا للهجمات والنار التي لا تنقطع وفي السنوات التي سبقت فك الارتباط وصفه الجنود المرابطون فيه بانه "الجحيم". وعلى مدى السنين تعرضت القاعدة للهجمات بالقنابل اليدوية، العبوات، قذائف الهاون والنار من السلاح الخفيف كل ليلة تقريبا. في ايلول 2002 مثلا تعرض الاستحكام الى 45 قنبلة يدوية في ليلة واحدة، في هذه الحالة دون اصابات. كما كانت عدة محاولات لتفجير الاستحكام من تحت الارض بواسطة الانفاق التي حفرت من حدود غزة – مصر. وبشكل عام كان يشغل الاستحكام مقاتلو كتيبة الدورية البدوية. قبل عقد وصف قائد الكتيبة في ذاك الوقت، فيكتور سويداي، في مقابلة مع "معاريف" الحياة داخل الاستحكام فقال: "خدمت في لبنان وفي نقاط احتكاك عديدة، ولكن منذ حرب يوم الغفران لم يكن هناك استحكام اسرائيلي يتعرض لقتال بهذه الشدة والتواصل. لا يوجد في الجيش الاسرائيلي جنود يمرون بمعارك نارية كل يوم مثل المقاتلين في استحكام ترميت. معركة تتلو المعركة، والخطر دوما يحوم من فوق الرأس". الضحية المعروفة جدا كان العقيد نبيه مرعي نائب قائد فرقة غزة، الذي سقط دفاعا عن الاستحكام. فقد قتل في أثناء احداث نفق المبكى في العام 1996 بنار القناصة على الاستحكام من منازل رفح المصرية والغزية، على مسافة امتار منه. وبسبب الهجمات المتكررة عليه، شق الاستكام الى استحكامين صغيرين: "ترميت الجديد" و "حردون". وقد بني الاستحكامان بشكل تركيبي بحيث انه مع الاخلاء تقرر تفكيكهما ونقلهما الى ما وراء الحدود. ومنذئذ اقيم ترميت بجوار معسكر اميتاي. أما الان فقرر الجيش اعادة احياء الجدران الفولاذية في مكان جديد هو على طول الحدود التي أصبحت اكثر تعقيدا في الدفاع عن اسرائيل.