خبر : ميلاد مجيد على إيقاع تغييب للمسيحيين!!..عبد الناصر النجار

السبت 24 ديسمبر 2011 10:56 ص / بتوقيت القدس +2GMT
ميلاد مجيد على إيقاع تغييب للمسيحيين!!..عبد الناصر النجار



"المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة"، بهذه الترانيم ستكون الكنائس عامرةً بالمؤمنين الداعين إلى السلام والمحبة في هذه الليلة. ميلاد هذا العام مختلف عن غيره، ليس في فلسطين ولكن في كل المشرق العربي، حيث أصبحت الطوائف المسيحية مجرد أقليات، قد تندثر إذا ما تواصلت الهجرة وازدادت كثافتها مستقبلاً.لنبدأ من فلسطين، حيث تعاني الطوائف المسيحية من مصادرة أراضيها من قبل الاحتلال، خاصةً في مناطق بيت لحم والقدس وحتى رام الله، وهي قواعد الوجود المسيحي...بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور ثلاث مدن يخترقها جدار الفصل العنصري، الذي صادر معظم أراضيها، وهي إما مخصصة للتوسع العمراني، أو المتنفس الأخير الوحيد، كوادي كريمزان الذي سيصبح في خبر كان خلال أسابيع قليلة.ليس الاستيطان فحسب، بل تقييد حرية حركة المسيحيين ومنعهم من الوصول إلى كنائسهم، وخاصةً في القدس، التي تحتضن كنيسة القيامة.يضاف إلى ذلك البطالة الكبيرة بين الفلسطينيين المسيحيين والتضييق على ثقافة خاصة ميّزت مدن وسط الضفة، وإنْ كان ذلك بشكل غير متعمد!! الفلسطينيون المسيحيون في غزة ضربهم الحصار في العمق.. أمام هذه التحديات، مجتمعةً، فالهجرة لم تتوقف، على الرغم من محاولات الكنائس الحدّ منها أو وقفها، ولكنها للأسف، لم تتمكن من ذلك.. فنسبة المسيحيين في الأراضي الفلسطينية، وخلال سنوات قليلة، ربما ستكون أقل من واحد بالمائة، على الرغم من أنها كانت في بداية القرن العشرين حوالي 20% من عدد السكان.نعرج على العراق، فنشاهد أن أكثر الطوائف تضرراً من الاحتلال الأجنبي والتفجيرات الإرهابية هي الطوائف المسيحية، فأُجبِر عشرات الآلاف منها إلى الهرب من العراق وترك أملاكهم وعقاراتهم، منهم مَن ذهب إلى أوروبا، ومنهم مَن وجد الحماية في المناطق الكردية.. وإذا ما تواصلت الاعتداءات بالوتيرة نفسها فإن مسيحيي العراق ربما سيصبحون "أثراً بعد عين".أحداث الربيع العربي، على الرغم من إيجابياتها الواسعة، فإن النتائج التي تفرزها الانتخابات تؤثر سلباً على كثير من المسيحيين، فهناك دعوات واسعة بين الأقباط للهجرة من مصر، على الرغم من عدم وجود مبرر حقيقي لذلك الآن... وربما تركت أحداث "ماسبيرو" جرحاً غائراً في نفوس الكثيرين. ولكن الأخطر الآن، هو ما يدور في سورية والخوف من أن تتحول المواجهات بين نظام "البعث" والمعارضة إلى المنزلق الطائفي.. ما سيؤثر، أيضاً، بشكل كبير على المسيحيين هناك، وهذا ما حذّر منه زعماء مسيحيون في سورية ولبنان.إذاً، نحن أمام واقع جديد، يتمثّل في أن أحد المكونات الاجتماعية الأساسية للشرق العربي ينهار بشكل متسارع.. وربما يعتقد البعض أن هذا لن يكون له تأثير.. بل العكس هو الصحيح، خاصة أن مسيحيي الشرق كان لهم الدور البارز، على مدار عقود وقرون، في التحديث والتحرير من الاستعمار وبناء الشخصية العربية المستقلة غير التابعة لهذه القومية أو تلك.وحتى لا تتم مواصلة تغييب مسيحيي الشرق، لا بد من إعادة تغيير النهج المتبع بحق الطوائف المسيحية، ولا بد من إعادة صياغة شراكة حقيقية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.. دون ذلك؛ لن يبقى من الوجود المسيحي في كثير من دول المشرق سوى الكنائس كرمز ديني دون مؤمنين.على الرغم من دائرة التشاؤم، فإن الشموع التي ستضيء ليل الكنائس في الميلاد.. كفيلة بأن تبقي شعلة الأمل مغروسة، ليس في نفوس المسيحيين وفي مقدمتهم أبناء فلسطين، بل في كل القلوب والعقول المؤمنة والمعتقدة بالمساواة الكاملة والحرية غير المحددة للمسيحيين قبل المسلمين... .كل عام وأنتم بألف خير abnajjarbzu@gmail.com