خبر : حماس والأردن.. أيمن خالد

الإثنين 12 ديسمبر 2011 12:38 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حماس والأردن.. أيمن خالد



استئناف الأردن العلاقات مع حركة حماس، واكتشاف الحكومة الأردنية خطأ قطع العلاقات، لا يأتي من باب المصداقية والنزاهة لدى النظام، وقبول حركة حماس استئناف العلاقة، والاستعدادات لزيارة مرتقبة لخالد مشعل لا يعفي حركة حماس من مسؤوليات تاريخية، فهذه العودة إنما تخدم النظام في الأردن فحسب، في وقت يتقلب فيه النظام تحت وطأة الربيع العربي، لا يمكن قبول هذه الزيارة وهذه العودة للأردن، إلا ضمن رؤية المصلحة العامة للشعبين الفلسطيني والأردني.فالأردن، يريد الآن حركة حماس بغية الاختباء وراء هذه العلاقة من تنامي حركة الاحتجاج الداخلية، وهناك جملة مصالح محددة في هذا الجانب.1-على الصعيد الخارجي يحاول النظام إرسال رسالة سياسية للخارج مفادها انه يقوم بعملية ترويض لحركة حماس كما قام في وقت سابق بترويض منظمة التحرير عندما أعاد استقبالها بعد طردها من الأردن عام 1971.وهذا يضع حركة حماس في مأزق، لأنها تضع نفسها في موضع قيادة منظمة التحرير السابق، ونقصد هنا عندما وافقت قيادة المنظمة على استئناف العلاقات مع الأردن، وتلاها تنسيق سياسي متقدم، ولكن هذا التنسيق وهذه العلاقات لم تكن ضمن مصلحة الشعب الفلسطيني، فبينما كان النظام الأردني يستقبل قيادة منظمة التحرير، كان النظام يقمع ويبطش بالمناضلين الفلسطينيين، بمعنى أن علاقة النظام الأردني بالقيادة الفلسطينية في حينه، لم تطوِ ملف أحداث أيلول وما نتج عنه، واكتفت بفتح صفحة يستفيد منها السياسيون ولا تخدم مصالح الشعب، وهنا تبدو عودة حركة حماس شبيهة بهذا الوضع، فإذا كانت حركة حماس جادة بخدمة ملف القضية الفلسطينية، فعليها أولاً أن تنهي احتقان أربعين سنة بين الحكومة الأردنية والفلسطينيين، لأن أي علاقات قادمة لا تصح أبدا إلا بطي ملف أيلول الأسود بالكامل وما نتج عنه، فإحدى نتائجه التي لا زالت عالقة، وجود أكثر من مائة ألف فلسطيني لا يحملون حتى شهادات ميلاد، وهم الذين تم طردهم من الأردن وتم سحب جنسياتهم في أعقاب أيلول الأسود، وهي عملية انتقلت إلى الأبناء والأحفاد، ولا يزال قرابة 60 ألفاً منهم في دول عربية مثل سوريا ولبنان، في حين هاجر قسم عبر طرق ملتوية ووصلوا أوروبا. ومسألة طي ملفهم، تعني بوضوح أن حماس قامت بخطوة صحيحة على المستوى الوطني، ولا تكون خطوتها سياسية ولمصلحة الحركة فقط.2-يحتاج النظام الأردني الآن وقبل أي وقت مضى عودة حركة حماس إلى الأردن، من اجل امتصاص أصوات الحركة الإسلامية الأردنية، التي تنامت صيحاتها بفعل الربيع العربي، ومثل هذه العودة المكبلة لحركة حماس، ستعمل على تكبيل الحراك الشعبي الأردني، وتكبيل القوى الإسلامية الأردنية، التي يمكن أن يصيبها نوع من الخدر، وتتباطأ في الحراك الذي يصب في مصلحة تطويق المصالح الإسرائيلية في الأردن، والتي ترزح على كاهل الشعب هناك.3-هذه العودة لحركة حماس تخدم الآن هذا النظام، وتخدم برنامجه القديم، ما لم يتم العمل بحذر، ومنع هذا النظام من استخدامها من جديد، فالنظام وفي وقت سابق اخترع قصة الوطن البديل، وصار يروج داخل الأردن أن الأردنيين من أصل فلسطيني يريدون إقامة دولتهم في الأردن، وأن نظام الملك هو الضمانة لبقاء الأردن، وبالطبع نحن كفلسطينيين لم نكن يوماً ضد الملكية في الأردن، لهذا مطلوب من حركة حماس، أن تعود إلى الأردن على قواعد وأسس واضحة للجميع، مفادها أن استخدام هذه المفردات في أي من وسائل الإعلام الخاصة والعامة هي من المحرمات التي يجب أن توضع بنص دستوري صريح يجّرم من يتحدث بها، وعليها أن تعلن رسالة واضحة وصريحة وهي إن كل فلسطيني في الأردن هو أردني حتى يعود إلى فلسطين- وهي القاعدة التي ترضي أصواتاً أردنية نظيفة، أبلغتنا أنها جاهزة لإعلان آخر هو إن كل أردني هو فلسطيني حتى يعود الفلسطينيون إلى وطنهم- وبتقديري هذه أهم قاعدة يمكن العمل عليها الآن.4-النظام الأردني، وبعد عمليات سحب الجنسية الأخيرة، التي أدت إلى هروب رؤوس أموال فلسطينية للخارج، حاول إصلاح هذا الملف، لكن حالة القلق لم تنته، وهو يريد استئناف ضخ الأموال الفلسطينية، ناهيك عن جر استثمارات الضفة إليه، بعد أن دمرت رؤوس الأموال الإسرائيلية في الأردن الحياة الاقتصادية، من خلال تدمير قطاعات الصناعة والزراعة وهو ما نقل الأردن إلى مستويات صعبة.5-هناك لعبة ذكية جداً يلعبها النظام الأردني، وهي لعبة غاية في الحساسية، فالنظام بدأ يرى حراكاً شعبياً غير مسبوق، تقوم به العشائر الأردنية، وهذا الحراك، مع الأسف، لم تستطع القوى التي من أصول فلسطينية من المشاركة به، لأنهم يقعون تحت مطرقة اتهامهم بأنهم يريدون التغييــر بقصد الوطن البديل، وهنا يحاول النظام جذب الأردنيين من أصول فلسطينية إليه، لكي يكونوا قوة في المستقبل، تحمي النظام في حالة تنامي الحالة الشعبية الأردنية ضد الفساد الذي ينخره، وهذا يعني أن النظام جاهز في حالة معينة، لقلب المعادلة واستخدام الفلسطينيين ضد أهل البلد الأصليين، الذين لا نستطيع نحن لا اليوم ولا غداً أن نوفيهم شكرهم على احتضانهم لنا منذ أكثر من 60 سنة من عمر النكبة، لذلك على حماس أن تدرك، أن هذا النظام خطير للغاية، فإذا كان يريد الإصلاح لا بأس، ولكن تحت نظر الجميع وليس عبر المجهر فقط.عنوان واحد للمرحلة القادمة فقط، وهو إنهاء تبعات ملف أيلول/سبتمبر 1970 وما نتـــج عنه لأن كل ما يجري وكل ما جرى من سياسة وهموم ومشاكل متعلق به، وطي هذا الملف يعيد وحدة الشعبين، ولا عودة عن طي هذا الملف الذي أنهاه الشعبان من خلال العلاقات الاجتماعية والتزاوج، غير أن النظام مصر على الاحتفاظ به، فوحدة الشعبين، تصنع الأردن الجديد. ’ كاتب فلسطيني