خبر : اقتصاد 2011: تأثر بالأزمات السياسية.. تراجع في النمو وفي الواردات

الأحد 11 ديسمبر 2011 02:29 م / بتوقيت القدس +2GMT
اقتصاد 2011: تأثر بالأزمات السياسية.. تراجع في النمو وفي الواردات



رام الله / سما / لم يتمكن الاقتصاد الفلسطيني في العام 2011 من تحقيق التوقعات والآمال التي أطلقت بداية العام بالمحافظة على نسب النمو العام الماضي والتي سجلت (9.3%). وألقى ارتفاع حدة الصراع السياسي وتضاؤل فرص العودة للعملية السلمية واندلاع الثورات العربية والأزمة المالية العالمية بظلالها على أداء الاقتصاد الفلسطيني بصورة سلبية، ولا يتوقع الاقتصاديون أن يتمكن من تحقيق نسب نمو تتجاوز الـ6%. وتقول مدير دائرة الحسابات القومية في الجهاز المركزي للإحصاء أمينة الخصيب إن المؤشرات المتوفرة لديها تشير لتراجع النمو خلال الثلاثة أرباع الأولى من هذا العام إلى 6% مقارنة بالعام 2010 حيث كانت النسبة 7% وفي العام 2009 ( 9%). وتضيف الخصيب: إن نسب التراجع للربع الثالث تصل إلى حوالي 2%، وأكثر القطاعات تراجعا كانت الزراعة والصناعة، على الرغم من أن قطاع الزراعة يشهد تراجعا سنويا في هذا الربع، في حين سجلت الخدمات نمو بسيطا. وبدأ التراجع في النمو مع قيام إسرائيل بوقف تحويل المستحقات المالية للسلطة الوطنية في شهر تموز الماضي بسبب قرار الفلسطينيين بالتوجه للأمم المتحدة، ما أثر على قدرة السلطة على الوفاء بالتزاماتها المالية، بسبب عمق الأزمة المالية التي تعانيها والناجمة عن عدم التزام المانحين بالتزاماتهم المالية تجاهها. وبسبب هذه الأزمات وعلى الأخص قدرة السلطة على الوفاء بالتزاماتها لم يتمكن الاقتصاد من الحفاظ على نسب النمو التي حققها في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول والثاني بنسبة 7.1%، وارتفعت حصة الفرد منه بمقدار 6.3% مقارنة مع الربع الأول، و10.6%مقارنة بالربع المناظر من العام المنصرم.ويقول رئيس كلية التجارة والاقتصاد في جامعة بير زيت محمد نصر، ’ما يميز اقتصاد العالم 2011 تأثره بالوضع السياسي والربيع العربي والأزمة المالية العالمية، حيث لم تعد القضية الفلسطينية تحتل ذات المكانة عند الكثير من الدول العربية وغيرها والمشغولة بهمومها الداخلية’، مضيفا ’في كل دول العالم الاقتصاد يعتمد على السياسة، لكن في فلسطين الاقتصاد والسياسة واحد’.ويضيف: ’أهم ما يميز اقتصاد العام 2011 غياب الاستقرار في الصرف الحكومي، ما يعكس هشاشة الاقتصاد الفلسطيني المعتمد على مساعدات المانحين وعلى أموال المقاصة التي تتحكم بها إسرائيل’، لافتا لتراكم ديون القطاع البنكي والقطاع الخاص على الحكومة.ولا يعتقد نصر أن الاقتصاد الفلسطيني قادر على تسجيل نسب نمو تتجاوز الـ6%، ووصفه بـ’المشوه وغير الحقيقي وغير المستدام، وغير قادر على خلق فرص جديدة والتأثير في معدلات البطالة، ويؤثر في نسب الاستهلاك المحلي والتي تصل إلى 40% من الناتج المحلي’، موضحا أن غياب الانتظام ضرب مواسم الأعياد والمدارس التي ينتظرها التجار.ولا يبدو نصر متفائلا بوضع الاقتصاد الفلسطيني في عام 2012 إذا لم يحدث تغيير في الوضع السياسي المتأزم، وتحقيق المصالحة التي تحقق التكامل الاقتصادي بين الضفة وغزة، معتقدا أن ما يحدث في العالم العربي له انعكاس مباشر على ما يحدث في غزة وعلى المصالحة، وعلى دعم هذا التوجه من الدول العربية ماليا، بتسديد ديون القطاع الخاص والالتزام بانتظام الرواتب ما يرسل إشارات إيجابية للقطاع الخاص بالاستثمار وتوفير فرص عمل، ويشجع على عودة الاستثمارات في الخارج والتي تصل قيمتها إلى 5.8 مليار دولار، مبينا أنه لو عاد نصفها لاستطاع توفير 180 ألف فرصة عمل أي القضاء على البطالة بالكامل. ويعيد وزير الاقتصاد السابق (مستثمر في القطاع الزراعي والصناعي) مازن سنقرط تراجع حجم مساهمة قطاع الصناعة والزراعة في الناتج القومي الفلسطيني، لعزوف القطاع الخاص عن الاستثمار في القطاع الزراعي لتعامله معه بصورة تقليدية، وعدم قناعته بجدوى الاستثمار فيه رغم توفر فرص حقيقية لهذا القطاع بالاستفادة المثلى في حال توسيع القاعدة الإنتاجية من الاتفاقيات التجارية مع أوروبا والولايات المتحدة. ومن الأسباب التي تمنع تدفق الاستثمارات للقطاع الزراعي كما يقول سنقرط ’إحجام البنوك عن تمويل المشاريع الزراعية’، موضحا أن حجم الاستثمارات في البنية التحتية وفي تمويل القطاع الخاص ضعيف مقارنة مع الدول المجاورة. ولا يرى سنقرط في السياسات الحكومية عاملا داعما لتوسيع الاستثمار في قطاع الزراعة، فحصة الزراعة في الموازنة العامة للسلطة أقل من 2%،في حين تتضاعف حصص قطاعات أخرى مثل الأمن، متسائلا كيف يمكن تنمية القطاع الزراعي وحماية الأرض والتشغيل في القطاع الزراعي والاستفادة من الموارد الطبيعية من المياه وغيره بمثل هذه النسبة في الموازنة العامة. وعن التراجع في حصة قطاع الصناعة والتعدين (14.3% في العام 2009 إلى 12.3% عام 2010)، فيعيدها سنقرط لتدفق السلع الرخيصة من الأسواق الخارجية وخاصة الصينية، ما أثر على قدرة العديد من القطاعات الصناعية مثل الألبسة والأحذية والحجر والرخام في المنافسة حتى في سوقها المحلية.  ويقول، ’هناك فوضى في السوق الفلسطينية وهناك حاجة لإعادة تنظيم السوق من خلال العمل ببطاقة المستورد، وأن يكون المستورد مؤهلا ومسجلا بوزارة الاقتصاد ضمن المواصفات والمقاييس، وأن يكون عنده ملف ضريبة حسب الأصول لحماية المستهلك والصناعة والحكومة’.وطالب الحكومة بأن تكون الأولوية في عطاءاتها للصناعة المحلية، موضحا أنه في حال نجاح السلطة والمستثمر برفع حصة الصناعة المحلية في الاستهلاك المحلي من 25% إلى 40%، فإن ذلك يوفر مئة ألف فرصة عمل.ويؤكد رئيس مجلس إدارة جمعية المستوردين محمد أبو عين أن السوق في الضفة الغربية تشهد تراجعا في الاستهلاك وتراجعا في الطلب على السلع، ما أثر على حجم الواردات والتي تراجعت بنسب تتراوح بين 6-8%، كما تراجع حجم الصادرات إلى الخارج.وتشير النتائج إلى أن الإنفاق الاستهلاكي النهائي وصل إلى 1,825 مليون دولار أميركي خلال الربع الثاني 2011 بتراجع قدره 2% مقارنة مع الربع الأول 2011، حيث شكل الإنفاق الاستهلاكي النهائي للأسر المعيشية ما قيمته 1,400 مليون دولار أميركي، أي ما نسبته 77% من إجمالي الإنفاق الاستهلاكي النهائي، مسجلا تراجعا قدره 6% عن الربع الأول 2010.ويعيد أبو عين هذا التراجع للأزمة المالية التي تعاني منها السلطة، والتي أعلن رئيس الوزراء أنها ستبقى حتى العام 2012، وإلى التطورات الإقليمية وتصاعد الصدام بين السلطة وإسرائيل على ضوء توجهها للأمم المتحدة، والأزمة المالية العالمية، والتي دفعت المواطنين للتخفيف من حجم الاستهلاك، والذي جاء بصورة رئيسية على حساب المواد الغذائية والطاقة.  ويشير أبو عين إلى تأثر رام الله والضفة بقرار الولايات المتحدة الأميركية وقف كل مشاريعها في الضفة الغربية والخاصة بالبنية التحتية ودعم الاقتصاد، ما خلق بطالة جديدة من جهة، وحرم السوق من استهلاك الموظفين الأمريكان على هذه المشاريع. وعن تأثير الأزمة المالية العالمية، قال أبو عين، ’إن 60% من الشعب الفلسطيني له امتدادات خارجية، وبسبب تأثرهم بالأزمة العالمية تراجعت تحويلاتهم هذا العام والعام الماضي، كما تراجع عدد من كانوا يقضون الصيف بصورة ملحوظة هذا العام والعام الماضي، وكان لهم تأثير إيجابي على الحركة الاقتصادية’.