تم في تل أبيب أول أمس احياء يوم حقوق الانسان الدولي، ولكن مقتل المتظاهر في قرية النبي صالح من قبل الجيش الاسرائيلي ذكر بانه لعل من الاصوب، لشدة الاسف، احياء هذا اليوم في اسرائيل كيوم تأبين لحقوق الانسان. مطلوب تحقيق لملابسات وفاة مصطفى التميمي، ولكن لا ينبغي أيضا تجاهل الصورة التي توثق كيف اطلقت النار على رأسه من مسافة قصيرة. وينضم التميمي الى قائمة عشرين فلسطينيا قتلوا على ايدي الجيش الاسرائيلي في مظاهرات في المناطق، واحد لا يقدم الحساب على مقتلهم. التحقيق الذي نشر في "هآرتس" أول أمس حول الدور المخلول للواء شاي من الشرطة، كشف النقاب – الى جانب نقاط خلل في كل ما يتعلق بالموقف من المستوطنين – بانه لا يجري تحقيق جدي لدى الشرطة عندما يمارس المستوطنون العنف بحق الفلسطينيين. ما نشهده هو تعرض الفلسطينيين للعنف سواء على ايدي الجيش أم على ايدي المستوطنين، وفي الحالتين التحقيقات تجرى في الغالب ليس كما ينبغي. اندماج العنف العسكري والعنف "المخصخص" يدل على ترك الفلسطينيين من سكان المناطق لمصيرهم. العنف يوجه في حالات عديدة نحو المتظاهرين ضد سلب مقدراتهم من الارض والمياه: في الماضي قيل هنا عن سيطرة المستوطنين على الينابيع في المناطق ومنع الوصول اليها. أحد هذه الينابيع هو في النبي صالح، والسيطرة عليه كانت جزءا من سيطرة مستوطنة حلميش على اراضي القرية. في قضية الطفلة عبير عرامين، التي قتلت على أيدي الجيش الاسرائيلي في بداية 2007، قضت محكمة العدل العليا بان معالجة الحدث كانت فاشلة وانه لم يجرِ تحقيق مناسب. ولكن هذا القول بقي تصريحا – مثابة القليل جدا والمتأخر جدا. حالة عرامين، مثل قتل المتظاهر باسم أبو رحمة، الذي لم يقدم احد الحساب عليه، يجب أن يكون اشارة تحذير: في نيسان الماضي تعهد النائب العسكري الرئيس أمام محكمة العدل العليا بان من الان فصاعدا في كل حالة يقتل فيها مواطن في نشاط للجيش الاسرائيلي في الضفة سيفتح فورا تحقيق من الشرطة العسكرية (فقط في حالات عملية ذات طابع حربي حقا يجري قبل ذلك تحقيق عملياتي). اذا كان هذا هو الحال، فمطلوب الان تحقيق فوري وجذري يكون مختلفا عن التحقيقات التي تعرضنا لها حتى الان. وتجدر الاشارة الى أن المسؤولية عن حياة السكان الذين يعيشون في المناطق المحتلة، والتي تسمى في القانون الدولي – وليس صدفة – بتعبير "محمية"، هي في يد الدولة المحتلة. ترك السكان لمصيرهم أمام العنف، الذي لا يتم التحقيق بنتائجه كما ينبغي هو تحلل من واجبات الدولة المحتلة، تحلل يعطي شرعية لمزيد من العنف. كما لا يمكن قطع قتل التميمي عن الصورة الاوسع لسلب السكان الفلسطينيين من أملاكهم في صالح المستوطنين. امكانية العمل ضد السلب غير متوفرة، وذلك لانه عندما يتظاهر السكان ضد سلب المياه والاراضي، يعمل الجيش ضد المظاهرات للاعتقالات وبالعنف. والنتيجة هي أن دولة اسرائيل لا تتعاطى فقط مع الفلسطينيين في المناطق بشكل يختلف عن باقي مواطنيها بل انها لا توفر لهم الحماية التي هي ملزمة بمنحها للسكان الذين تحتلهم، ضد السلب والعنف. اولئك الذين ينبغي أن يكونوا محميين، يصبحون مسلوبين ومتروكين لمصيرهم.