خبر : المصالحة... اتفاق مبدئي بانتظار كانون الثاني ...بقلم: صادق الشافعي

السبت 03 ديسمبر 2011 09:30 ص / بتوقيت القدس +2GMT
المصالحة... اتفاق مبدئي بانتظار كانون الثاني ...بقلم: صادق الشافعي



سادت الأجواء الإيجابية الأقرب إلى الاحتفالية اجتماع الرئيس عباس مع السيد خالد مشعل وما تلاه. وهو أمر يبعث على الارتياح والأمل بنهاية وشيكة لحالة الانقسام الفلسطيني. الرئيس أبو مازن وصف الاجتماع وما نجم عنه بأنه "بدء شراكة فلسطينية جديدة". وأضاف: "لا توجد أي خلافات بيننا، واتفقنا على أن نعمل كشركاء بمسؤولية واحدة". خالد مشعل رد التحية بأحسن منها ولم يكن أقل إيجابية. الاجتماع لم يخرج باتفاقات نهائية ولا نتائج محددة أو إجرائية للتنفيذ سوى الاتفاق على إطلاق سراح المعتقلين السياسيين لدى كل طرف. ولم يصدر عن الاجتماع أي بيان مكتوب بما اتفق عليه ولا حتى بيان صحافي. ومع ذلك، فقد توصل الاجتماع إلى اتفاق شامل حول كل المواضيع، كما أكد كل من عزام الأحمد وعزت الرشق في مؤتمر صحافي مشترك. وأحال المتفقون إلى اجتماعات لاحقة تعقد بين الطرفين، مع احتمال مشاركة القوى والتنظيمات الفلسطينية الأخرى، وضع ما تم الاتفاق عليه بشكله النهائي وصياغته الأخيرة كمشاريع يتم إقرارها في اجتماعين لفصائل المقاومة في 20 و22 الجاري. أهم ما نتج عن الاجتماع، أن الرئيس عباس والسيد مشعل توافقا على العناوين الرئيسة لبرنامج سياسي مشترك "يقوم أساساً على دولة فلسطينية على حدود العام 1967 واعتماد خيار المقاومة السلمية ضد إسرائيل". فساحة النضال الوطني الفلسطيني في أمس الحاجة إلى برنامج سياسي، وقد تأخر كثيراً. وكان عدم وجود برنامج سياسي هو أهم ما غاب عن اتفاق المصالحة في أيار الماضي. أكثر ما لفت النظر في عناوين البرنامج السياسي التي تم التوافق عليها هو قبول حماس بعنوانين أساسيين هما لب البرنامج : الأول ـ قبول حماس بدولة فلسطينية على حدود (1967) هنية حدد لاحقاً "دون الاعتراف بدولة إسرائيل". الثاني ـ قبول حماس اعتماد خيار "المقاومة السلمية" حسب التعبير الذي نسب إلى الرئيس محمود عباس، أو "المقاومة الشعبية" حسب التعبير الذي نسب للسيد مشعل. على ما بين التعبيرين من فارق جوهري. والحقيقة، أنه لناحية الشكل لا جديد جوهرياً في موقف حماس من العنوانين . فالعنوان الأول، دون الاعتراف بدولة إسرائيل، لناحية الشكل لا يختلف عن عرضها القديم منذ أيام الشهيد أحمد ياسين هدنة طويلة الأجل مع إسرائيل وإقامة دولة على حدود 67. ولكنه يصبح مختلفاً لناحية المضمون إذا ما وافقت حماس على تضمين البرنامج السياسي فقرة تشير إلى الاعتراف أو الموافقة على الاتفاقات التي أبرمتها منظمة التحرير مع إسرائيل وتلتزم بها السلطة . أما بالنسبة للعنوان الثاني "اعتماد خيار المقاومة الشعبية" فإن هذا الخيار، لجهة الشكل والمفهوم النظري السياسي، يتضمن ويحفظ حق اللجوء إلى المقاومة المسلحة في ظروف وشروط معينة بوصفها شكلاً من أشكال المقاومة الشعبية. وقد عبّر السيد مشعل عن ذلك بوضوح في تصريحاته، وذكر أن الانتفاضة الشعبية في 87 (الانتفاضة الأولى) هي التي أوصلت إلى المقاومة المسلحة. أما من الناحية الواقعية، فإن اعتماد خيار المقاومة الشعبية الآن، وبعد الكثير من الجدل حوله يعني أولاً، ترسيم اتفاق سياسي وطني لواقع الحال الحاصل والممارس على الأرض منذ سنوات، حيث تلتزم حماس رسمياً باتفاقات تهدئة متتالية مع إسرائيل، تصل إلى حد منع غيرها من التنظيمات الأخرى من القيام بعمليات عسكرية ضد إسرائيل. وهو ثانياً، يشكل التعبير الأهم عن استعداد حماس وقفَ خيار المقاومة المسلحة،) على الأقل الآن(، وقبول المطالبات والاشتراطات الدولية، واستعدادها للانخراط في العملية السياسية والاستجابة لشروطها ومتطلباتها. واضح أن التوافق على هذا البرنامج من قبل حماس هو نتيجة قراءة جماعية متفق عليها في هيئاتها القيادية. بدليل أنه لم تخرج أية مواقف معترضة ذات قيمة كما حصل حين أعلن السيد مشعل مجرد عدم الممانعة في إعطاء المفاوضات مهلة إضافية في خطابه في حفل توقيع المصالحة في أيار الماضي بالقاهرة. المواضيع الأخرى جرى عليها التوصيف نفسه: تم الاتفاق عليها وأحيلت الترجمات العملية والصياغات النهائية للاجتماعات اللاحقة. ويلفت النظر حولها ملاحظتان : الأولى ـ اختلاف التعبيرات في موضوع المنظمة، فبينما تستعمل "فتح" وكل تنظيمات المنظمة عناوين من نوع تفعيل أو تطوير أو إعادة تأهيل المنظمة، وكلها تعني الإقرار بما هو قائم والبناء عليه. تستعمل حماس عنوان "إعادة بناء" وهو ما يوحي بعدم الإقرار بما هو قائم والسعي إلى بناء جديد. وهذا يعبّر عن اختلاف جوهري في الرؤية والمضمون قد يخلق التباساً في فهم طبيعة الإطار القيادي المؤقت المتفق عليه ويؤثر على دوره وفعله. ونخشى أن يتحول بذلك إلى إطار دائم . الثانية ـ أنه لم يتم التطرق إلى كيفية التعاطي مع موضوع الأجهزة الأمنية التي، ومعها جيوش الموظفين، تثقل كاهل السلطة وموازنتها. في المحصلة، مطلوب منا الانتظار حتى يتحوّل اتفاق المشاركة إلى برامج وقرارات نهائية للتطبيق. ونأمل ألاّ يدخل شيطان التفاصيل ليثير الخلافات حين البدء بكتابة مشروع البرنامج السياسي وصياغة الموضوعات الأخرى، وما يتطلبه ذلك من الانتقال من العناوين الرئيسة إلى الصياغات المحددة والتعابير الدقيقة