خبر : عن فياض والزهار والمصالحة ..بقلم: عبد الناصر النجار

السبت 03 ديسمبر 2011 09:28 ص / بتوقيت القدس +2GMT
عن فياض والزهار والمصالحة ..بقلم: عبد الناصر النجار



في تصريحاته لصحيفة "هآرتس"، أمس، قطع فياض الشك باليقين؛ لن يكون رئيساً للحكومة المقبلة.. مؤكداً أنه، منذ اليوم الأول لتعيينه من قبل الرئيس، كان دائم الدعوة إلى الوحدة. ربما إصرار "حماس" على ألاّ يكون فياض رئيساً للحكومة القادمة لا ينبع، بالمطلق، من مهنيّة الرجل، أو عدم مهنيّته، بقدر ما هو محاولة لمنع التأكيد على شرعية حكومة رام الله، مقابل حكومة "حماس" المنسيّة في غزة.. وهذا ما يؤكده قادة وكوادر في "حماس".. [لا يمكن القبول بفياض في ظل إزاحة هنية].. وهذه هي العقدة الأساسية لـ"حماس" في شخص فياض!! وللحقّ، فإن كثيرين من "حماس" هم مع فياض، ويعترفون بجميل هذا الرجل.. فأكثر من نصف ميزانية السلطة صرفتها الحكومة على قطاع غزة.. وهذا ما كان يؤكده فياض في كل لقاءاته الدورية مع الصحافيين.. بل إن هناك أطرافاً كثيرةً كانت دائمة الانتقاد لرئيس الحكومة، لأنه يدعم "حماس" بصورة غير مباشرة.. على أساس أنها مسؤولة عن قطاع غزة، وبالتالي عليها تحمّل المسؤولية بشكل كامل. ورغم عِلم "حماس" بهذا جيداً، إلاّ أنها سرعان ما كانت تحمّل حكومة رام الله المسؤولية عن أيّ عجزٍ أو تراجع في الوضع المالي أو الاقتصادي.. وجميعنا يذكر قضايا البترول والكهرباء والمستلزمات الصحية والأدوية والبنى التحتية، وغيرها... بمعنى آخر؛ الحكومة في رام الله هي مَن كان يساهم، بشكل أساسي، في دعم هذه القطاعات.. وعند حدوث أيّ خلل كانت تُوجَّه الحراب نحو فياض!!. فياض، في مقابلته مع "هآرتس"، قال إنّه ليس "صرّافاً آلياً"، على قاعدة أن البعض يعتبر أنّ قوّة هذا الرجل بما يجنّده من أموال المانحين..! خلاصة القول: العقبة التي كان يدّعيها الكثيرون، اليوم، أصبحت في خبر كان.. بمعنى؛ أن المصالحة الوطنية يجب أن تكون أمراً واقعاً.. ولكن؟!! في المقابل، فإنّ هناك، في "حماس"، أزمة الزهار.. الرجل القوي، وأحد مؤسسي الحركة.. والرجل يقول بما يؤمن به.. وهناك كثيرون في "حماس" مقتنعون بمواقفه.. لقد أعلن، صراحة، أن لقاء القاهرة مجرّد لقاء بروتوكولي لن يقدّم شيئاً، وأنّ المصالحة أمر بعيد المنال، بالطريقة التي تتمّ بها، من وجهة نظره.. رأيٌ يُحترَم.. ولكنه ذو دلالات مهمة وخطيرة، تقوم على قاعدة؛ لماذا تذهب "حماس" للمصالحة؟ ولماذا تقدم التنازلات وهي مقبلة على ربيع إسلامي عربي؟ لعلّ بشائره الرابعة (بعد تونس وليبيا والمغرب)، بدأت تظهر مع فرز المرحلة الأولى للانتخابات المصرية، التي تؤكد فوز حركة الإخوان المسلمين والسلفيين، بشكل كبير... بمعنى آخر؛ استلام زمام الحكم وتشكيل الحكومة القادمة.. ووعود الإخوان كانت واضحة في زيارات الوفود المتتالية للقطاع، وكانت آخرها زيارة نائب المرشد العام للجماعة.. هذه الوعود مغرية لحدّ أنّ البعض في "حماس" يرى أن الحصار أصبح في خبر كان.. وبالتالي، فإن معبر رفح، العقدة الأساسية عند "حماس"، ستُحَل بطريقة أو بأخرى. إذاً، رؤية الزهار، كما يقول كثير من كوادر "حماس"، هي رؤية صحيحة، ولا يمكن التراجع عنها إلى الخلف.. ربما تمثّل رؤية الزهار وأفكاره أساساً حقيقياً لما تراه كوادر ذات وزن ثقيل، خاصة في القطاع، كمفهوم للمصالحة!! على كلٍّ، يجب علينا جميعاً دعم الجهود، والتنازل لتحقيق المصالحة على أرض الواقع.. والأسابيع المقبلة ستشهد المزيد من الجهود التي تصبّ في تحقيق هذه الرغبة.. ولكن، نخشى من أنّ كل انتقاد لمسيرة المصالحة سيتم تصويره على أنه خروج على الوحدة الوطنية، وربما أكثر من ذلك.. وهذا خطر أكبر بكثير ممّا يتوقّعه البعض؟!!