خبر : تـركيــا والثمن الكبيـر ...رمزي صادق شاهيـن

الأحد 27 نوفمبر 2011 06:23 م / بتوقيت القدس +2GMT
تـركيــا والثمن الكبيـر ...رمزي صادق شاهيـن



إن المتابع للأحداث وتسلسلها في المنطقة العربية ، يتيقن بأن هذه الأحداث تم التخطيط لها والإعداد لها من قبل جهات تتصارع على النفوذ في المنطقة ، بالإضافة إلى الطموح الأمريكي في السيطرة على كافة مقومات الدول النفطية وذات الإمكانيات التي تريدها الولايات المتحدة . تركيا كما نتذكر دخلت بقوة على الخط ، منذ أربعة أعوام تقريباً ، فبدأت بمتابعة الملف الفلسطيني ، وظهرت على أنها قوة تستطيع أن تخلق البدائل وهي الرسالة التي أرادت من خلالها توجيه الإنذار للإتحاد الأوروبي الذي لم يتخذ القرار اللازم بضمها له . أخذت تركيا قرار الدفاع عن غزة ، وخالفت كُل القرارات التي إتخذتها إسرائي والقيادة والنظام المصري السابق الذي ثبت بأنه شريك أساسي في حصار غزة ، حيث كانت قوافل كسر الحصار البري والبحري بدعم تركي كامل ومتابعة دقيقة ، تبعها إنشاء مؤسسات ذات طابع إنساني في غزة بعد حرب 2008م ، وهذا يُعطيها المبرر بالتواجد الميداني في غزة لمتابعة كافة الأمور عن قُرب . لقد كان لهذا الدعم التركي والإصرار على معاداة إسرائيل بعد حادثة السفينة مرمرة حين سقط أبناء تركيا في عرض البحر على يد القوات الإسرائيلية ، ثمن كبير ، وهو ثمن يستحق التضحية ، من خلال رسم هذا السيناريو وهذه التضحيات التي بالنهاية ستظل محطة احترام لدى كُل الشعوب العربية التي تعتبر نفسها مقصرة نتيجة تخاذل الحكومات والزعامات في بلدانها وستلقى دعم كُل الحركات المناهضة للحكومات العربية . قبل أيام قرأت للكاتبة وفاء الزاغة مقال حول أسرار الشرق الأوسط الجديد والربيع العربي ، هذا المقال الذي حمل الكثير من المعلومات الخطيرة والهامة ، خاصة أنه كشف عن المخطط الذي تقوده الولايات المتحدة بمساعدة كلاً من قطر وتركيا ، من أجل تقسيم الدول العربية وهي العراق ومصر وسوريا ، وكذلك السيطرة الأمريكية التركية على منابع الغاز في مصر وسوريا ودول أخرى ، والأخطر من ذلك أن المقال يتحدث عن تصفية القضية الفلسطينية حيث أخذت تركيا على عاتقها القيام بهذا الدور . لكُل ذلك ثمن بالتأكيد ، وهو الثمن الذي ستجنيه كلاً من قطر وتركيا في المرحلة القادمة ، وها نحن نرى على أرض الواقع الدور القطري في ثورة ليبيا وسوريا ، وكذلك الدور التركي العنيف والمباشر في الثورة السورية  وهذا بالتأكيد يؤكد على ما جاء في مقاله الزميلة وفاء الزاغة .أرى أننا مقبلون على وضع خطير في المنطقة العربية ، وسيتأثر الوضع والقضية الفلسطينية نتيجة هذا الوضع ، خاصة أن هناك قوى كثيرة إلى جانب إسرائيل تريد القضاء على القضية الفلسطينية والتخلص من هذا العبئ بالنسبة لبعض الدول العربية ، هذه الدول التي أشغلتها الولايات المتحدة بمسلسل الربيع العربي ، واشغلتها في شؤونها الداخلية حيث ركزت هذه الحكومات على المحافظة على وجودها وحُكمها . عانى شعبنا وقيادته من سماسرة السياسة منذ زمن طويل ، فكم من الزعامات العربية استغل القضية الفلسطينية لصالح مشاريعه السياسية الداخلية والخارجية ، وكم مرة تلقى شعبنا الفلسطيني الضربة تلو الأخرى من بعض الزعامات العربية ، فكان مسلسل المؤامرة في لبنان وغيرها من الدول ، ومسلسل خطف القرار الفلسطيني المستقل ، وقد استمر هذا المسلسل بعد إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية ، حيث أخذت بعض القوى والحكومات العربية على عاتقها مساعدة إسرائيل والولايات المتحدة لإبقاء السلطة تحت رحمتهم من خلال القيود المالية والسياسية ، وبالتالي فإن شعبنا الآن ليس مضطراً لدفع الثمن مجدداً خاصة أن قضيته الوطنية أخذت منه الكثير من التضحيات والمعاناة والألم ، وهي مفتاح الحل والسلام في المنطقة . صحفي وكاتب فلسطينيramzi.s.shaheen@gmail.com