توجهت أنظار الشعب الفلسطيني ومن معهم من الثوار العرب وبكل أمل نحو القاهرة، عاصمة الحرية والثوار، فالقيود التي حكمت طبيعة العلاقات الفلسطينية-الفلسطينية تفككت على وقع الاحداث المستمرة في الوطن العربي منذ أكثر من عشرة أشهر من جهة، ومن الجانب الآخر فشل مستمر لواقع الموقف الامريكي بتراجعه المستمر في فرض أجندة تفاوضية متوازنة وتمسكه بطرح ما لا يمكن قبوله على القيادة الفلسطينية بمفهوم إدارة الصراع وليس حله، والحجج كثيره ولا تنتهي ومنذ فشل كامب ديفيد الثانية.سنوات الانقسام الخمسة لم تكن سوى نتاج لفشل يجر فشل..فلم يتحقق هدف معلن واحد فيما يخص السيادة أو الحماية..الكل كان يعمل وفق أجندة ملأت قلبه وعقله وبدا وكأنه قاب قوسين أو أدنى منها..ليكتشف لاحقا ما كان قد إكتشفه من قبل أطفال الحجارة في الانتفاضة الاولى..لا حلول بالتمني..ولا حلول بالشعارات..ولا مستقبل بالانتظار..ولا حاضر بالانقسام..وكل ما رآه ما كان سوى سراب لمن عطش ولم ينظر لكأس الماء أمامه وخلفه وبجانبيه..فعيناه كانت تحلق في سماء ليس بسماءه..وعقله كان لا يقبل القسمة إلا على حزبه..خمس من الضياع كانت نتائجه كارثية ليس من حيث الجغرافيا فحسب..بل من حيث المصالح التي تباعدت بين شبه مجتمعين كانا في بداية محاولة تشكيل مجتمع واحد لخلق كيان واحد حتى لو نظريا.البعض لا يزال يحمل بين أضلاعه قلب طفل رغم كلّ تجاربه..وحين يحاول أن يصرخ كالنمر لا يجد من حوله سوى نعاج تحاول أن تتكيف مع تلك الصرخه دون أن تفكر للحظه بنتائجها..لقد أصبحنا نتشكل وفق معطيات حولنا وليس وفقا لما يجب وما نريد..فثبات الشيء وفقا للمتغيرات وبطريقة لا تعكسها بقدر ما تواجهها او تنحي لها تجنبا لعاصفة لم نختبرها وكانت بقدرة قادر تتشكل لوحدها إسعافا لنا من بارءنا وعطفا ورحمة ممن لا ينسى عباده المرابطين في أرض الرباط..عشرات المفكريين الفلسطينيين والعرب المحايديين والمستقليين بحثوا وتمحصوا جيدا في دواعي الانقسام ولم يجدوا ما يمكن ولو لحفنة ماء بأنه في صالح الشعب الفلسطيني..فلم تكن غزة هي العنوان الشامل لنا ولا رام الله..وما حدث منذ تفجر الخلاف ليس لنا فيه ولا به بقدر ما لنا عليه من نظرة فئوية حالمه لمن حلم بطريقته ووفق رؤيته معتقدا بأوان أجندته ومهما تكن..فلا سلام بدون وحده ولا مقاومة مثمرة بدون رؤية واحده.. ونحن لسنا شيئا بدون وحدة..وسنبقى عجائز نجرُّ خيبتنا ما دامت بوصلتنا تؤشر في غيرِ موضعها بفعل ضغطٍ خارجي أو بفعلٍ ذاتي الحركة.لم يكن مقبولا ما حدث..ومن غير المعقول أن يستمر..وحين توصلنا لمعادلة اللامقبول واللامعقول التي تحدث عنها "هيكل"..جاءت "القاهرة" في ربيعها الصعب حاضرا والمُأمّل عليها مستقبلا..لا مجال إلا إستراتيجية واحدة..آلية محددة لتجاوز الفشل..أجندة واضحه لمواجهة مستقبلا لم تتضح معالمه بعد بسبب التدخلات الخارجية والمؤامرات الاقليمية على شعوب تتوق للحرية والديمقراطية..فأوان لم الشمل سيكون هو الربيع الفلسطيني..بل ويدون مبالغه لن يكتمل مطلب الشعوب العربية ولن يتحقق فعليا بدون توحد قضيته المركزية التي وقف وسيقف خلفها رغم كل المعيقات الغربية ومن معها من إمراء الديمقراطية والإعلام في بلاد ليست في واردها ولا في أجندتها حرفا من تلك التي ينادون بها.